أسلوب زياد العيساوي في كتابة المقالة
أسلوب زياد العيساوي في المقالة يتميز بخلطة فريدة تجمع بين النبرة الساخرة والعمق التأملي، مع قدرة عالية على رسم المشهد المحلي بكل تفاصيله الملموسة والحسية، وهو ما يجعل نصوصه قريبة من القارئ الليبي والعربي عمومًا، لكنها في الوقت نفسه محمّلة بمرجعيات ثقافية واجتماعية أعمق.
سأقسّم ملامح فنه وأسلوبه إلى نقاط واضحة:
---
1. السخرية كأداة كشف ونقد
العيساوي لا يستخدم السخرية لمجرد الإضحاك، بل يجعلها أداة تفكيك للواقع وفضح للمفارقات الاجتماعية والسياسية.
في نصوص مثل "سوائل بنغازية" أو "رحلة الكلمات على خط الأعداد"، نجد أن المزاح الظاهري يخفي تحته موقفًا نقديًا حادًا من الفساد، العبث، أو التحولات السلبية في المجتمع.
---
2. النوستالجيا (الحنين) الممزوج بالوعي النقدي
يستعيد طفولته ومراهقته في بنغازي أو مشاهد من الثمانينيات والتسعينيات، لكنه لا يقدّمها بروح رومانسية خالصة، بل يمزج الحنين بـ تفكيك تلك الحقبة وبيان تناقضاتها.
مثال: في "هلال ونجمة"، يتحول مشهد مباراة قديمة إلى نافذة على قضايا الهوية والانتماء والفساد الرياضي.
---
3. لغة هجينة بين الفصحى والمحلية
كتابته عربية فصيحة لكنها مشبعة بالمفردات الليبية أو بالصور المستمدة من الثقافة الشعبية (المقهى، الحارة، الأغنية، النكتة الشعبية).
هذا الدمج يمنح النص مصداقية ودفئًا، ويخلق جسرًا بين الأدب المكتوب والذاكرة الشفوية للمدينة.
---
4. التفاصيل الحسية والسينمائية
لديه قدرة على تصوير المكان كأنه مشهد فيلم: وصف الألوان، الأصوات، الروائح، وحتى الإيماءات الجسدية للشخصيات.
في نص "من بنغازي إلى طرابلس"، نكاد نشعر برائحة البنزين في الطريق، وصوت الباص، وتعابير وجوه الركاب.
---
5. تعدد مستويات المعنى
نصوصه يمكن قراءتها على سطحها كحكاية ممتعة، أو على مستوى أعمق كقراءة اجتماعية-سياسية.
يترك للقارئ فرصة لاكتشاف الدلالات بنفسه، دون أن يفرض تفسيرًا مباشرًا.
---
6. إيقاع السرد
يميل إلى الجمل المتوسطة والطويلة، المليئة بالانعطافات والاعتراضات، بما يحاكي أسلوب الحكي الشفهي.
أحيانًا يوظّف التكرار لإبراز فكرة أو إحساس، وأحيانًا يقطع الإيقاع فجأة بجملة قصيرة لخلق تأثير ساخر أو مفاجئ.
---
7. المحلية بوصفها نافذة على الكوني
يكتب عن بنغازي، لكنه يجعلها رمزًا لأي مدينة عربية تواجه التحولات، الفساد، أو فقدان الذاكرة.
شخصياته — مثل "ارزوقة" أو "اطوالة" — قد تبدو محلية جدًا، لكنها تحمل سمات إنسانية يمكن للقارئ في أي مكان أن يتماهى معها.
تعليقات
إرسال تعليق