مها
الشمسُ منجم الذهب، تنثر بُرادتها وذراتها في الكون الفسيح، فتعلق في سماء مدينتي، لخفة وزنها.. فوق الميناء، تتشكل صفيحة من ذهب، تسّارع النوارس لأجل المغادرة قبل سقوط الشمس، تتزخرف أجنحتها بلون ذهبي، تتجمع على رافعة السفن حتى يكتمل عددها، فتغادر.. تحت الرافعة مصباح يصبو للنور، ينتظر رحيل القرص، ليعلن عن وهجه، تثّاءب الأسلاك وتتكاسل السلاسل بطرقعة عُقدها وحلقاتها، بعد نهار حافل بالتحميل، العتّالة يلملمون أمتعتهم، فيما الصيادون يربطون حريرة الصنارات.. طفلة تتقافز أمام أبيها وأمها فتسقط، تقترب إليها أمها، فتهرب، وتجدُّ بالركض، تثب لتثبت قدرتها على الجري، تقترب من حاجز الماء، فتشهق أمها خائفة، تبتسم خاطفة إلى الاتجاه الآخر، أبوها ينحني، ملتقطاً كسرة خبز، يمدُّ خطوتين متكاسلتين، ينظر تجاه ظلمة البحر، يرمي بها طعاماً لا طعوما للأسماك.. تستمر "مها" في الهروب، ترّاءىٰ لأمها، وهي تنطُّ مثل كرة مطاطية وحذاؤها الصيني المنشأ يُزمر، تمعن في الهروب مثل موجة سنتمترية أفقية، ضحكاتها تزخر الممر، وهي تنظر إلى الخلف، تحاول أن تزيد من المسافة بينها وأمها، تصطدم بيّ، تجثم على عظمتي ركبتيها، وتغيب الشمس.
تعليقات
إرسال تعليق