الخميس، 7 مايو 2015

ولد شارعنا

يمتلئ الكيس بالعملة السهلة يفرغها (اطوالة) في جيبي جاكته الجينز ذات الأزرار الصدئة، ويسقط المعدنية منها في جيبي مؤخرة سرواله المتمزق الأنسجة نتيجة احتكاكه بالمصطبات الجيرية والإسمنتيه، والمبقع بقطرات الشحم والزيت المحروق في محاولات من ساكبيها غير الراغبين في وجوده عندها لطرده من دون أن يعرفهم، مغبة جبروته.. يثب كغزال مرتفعا على كتفي أحد المزدحمين أمام الشباك ثم يتكئ كسندباد مفترشا بساط ريح الهواء وقدماه على الجدار وجبينه يلتصق بقفا أحدهم.. بالكاد تنفذ يده داخل الفتحة البوخوخية، نتيجة تدافع وتماوج الزبائن وما هي إلا لحظات حتى تخرج مكمضة وبداخلها التذاكر المتكرمشة.. يحتفي به أبناء شارعه وسرعان ما يمضي نحو البائع ليشتري لنفسه قرطاس رياضي وشكولاطة حليب امقزرة وحلواء حارة أح أح أح وزريعة أكثر من ثلثي محتواها ملح مر، ومستكة المجارة وشاهي كيس في كوب لكأنه صنع من منديل ناعم لا يصل به إلى الباب إلا وقد انسكب على قميصه.. يصمت أبناء شارعه ولا يعارضون، فإن هو أرجع لكل واحد ما تبقى من ماله شكروه- وندر حدوث ذلك- وإلا اعتبروه مكافأة يستحقها عن جدارة، فأغلب من اصطفوا في أول الطابور هم الآن في مؤخرته نتيجة التزاحم ولأن لا مثيل لاطوالة بينهم.. في داخل القاعة يجلس اطوالة وحيدا في الصف الأمامي ولا يقدر الجالس خلفه على أن يطلب إليه الانحناء قليلا أو الميل إلى أية جهة ولا يغري قفاه الممتد والمنحدر أحدا بصفعه، وحتى المشرف على القاعة لا يتجرأ على أن يأمره بإطفاء لفافته.. يمد اطوالة قدميه ويتزحلق بظهره على المسند الإيطالي الخشبي المغلف بالجلد حتى يظهر في هيأة جمل عاشورة، ويحتفظ بتموضعه هذا حتى نهاية الحفلة، حينها ينادي أبناء شارعه كلا باسمه بأن يعودوا إلى بيوتهم فقد أزف الوقت، أما هو فيصر على حضور الحفلة الثانية، بعدما ينتقل بطوله الفارع ورأسه الفارغ إلى الصف الأخير، وقد علق ساقيه على صدر الكرسي الشاغر الذي يتقدمه ليستمتع بمشاهدة الفيلم نفسه من الزاوية الأخرى.
صباح اليوم الثاني يزلق اطواله رؤوس أصابعه في جيبي بنطاله الذي نام به فينتشل منهما ما زاد من دراهم معدودة من البارحة ويستقل بهاالحافلة متوجها صوب سينما الفردوس بالوحيشي ليستطلع ما سوف يعرض بها مساء، ثم يعود في عجلة من أمره، وفي القيلولة التي لا ينامها يجتمع برفاقه من مجايليه والكبار والصغار، ويزودهم بأسماء عروض اليوم في كل دار بذاتها، يأخذون مشورته في انتقاء العرض المناسب للمشاهدة.. هناك وعند وصولهم لا يستثمر اطوالة بنيته الطويلة فحسب، وأحيانا يلجأ إلى الحيلة لما يتفق مع رفاقه عند سماع  صرخته (كبسة) أن يتقمصوا الحالة ويفرون ليخرج الجميع وفي مرات عديدة يفر حتى قاطع التذاكر فيكمش اطوالة الغلة وحاجته من التذاكر التي يوزعها على المعدمين البائسين الواقفين المنتظرين لرأفة من الموظفين ليدخلوا إلى الربع الأخير من العرض بالمجان.
يتمتع اطوالة بالمرونة في العضلات مع أن الرياضة الوحيدة التي يحرص على مداومتها هي كرة السلة، حيث إنه جعل من صندوق الكهرباء الذي يسفل نافذة غرفته المطلة على الخربة (بورتا) حائطيا غير معلق، في صباح كل يوم يرمي بعشرة رميات، فإذا دخلت هدفها عرف بأن الحظ سيبتسم له وسيكون اليوم سعيدا، ولكن إذا طاشت إحداها يستضيق بالا،  صباح ذاك اليوم أخطأت رميتان هدفهما ومع ذلك قرر ألا يستسلم لهواجسه فمضى وهو مفلس مبتغيا الركوب في الحافلة لم يجد في جيوبه درهما واحدا لكنه وجد صديقه مفتاح منهمكا في تصليح عجلته (بشكليطة همبر من مصنع سيدي خليفة) عرض اطوالة خدماته على مفتاح الذي يريد إرجاع كرسي الدراجة إلى مكانه بعدما انكسرت قاعدته المعدنية نتيجة الصدأ، أخبره اطوالة بأن الموقف يحتاج إلى حداد يعرفه، وسيأخذ البشكليطة إليه إن سمح له فهو في مكان بعيد، لم يعترض مفتاح على الفكرة ومن فوره نهض اطوالة على ترس السلسلة (البيدالي) وانتصب بطوله وفر بالبشكليطة نحو دور عرض الحمراء والنجمة والمجاهد وبنغازي ووجد بأن عروضها كلها قديمة، وقد شاهدها وأبناء شارعه من قبل، الذين هم الآن في مدارسهم.. اتخذ من طريق البحر منهاجا له في طريقه إلى الوحيشي وعند اللثامة زاد من سرعته ورفع يديه للسماء وفخذاه على المقود منتشيا بلطائف نسمة البحر ورذاذه، ومن حيث لا يدري، وطأت العجلة الأمامية مسمارا فانقلبت البشكليطة وانكسر هيكلها، تركها في مكانها بعد أن ركلها وهو يرتب هندامه.. التقط بعض الحصي وأخذ يستثمر مهارته في كرة السلة وهو يجوس خلال النخيل ويرمي عراجينها بالطوب ليساقط رطبا جنيا، فلاحت عليه أذنا حمار ضال حرون يلحس الرمل ويعطس الملح، حاول مغافلة الحمار ليمتطيه لكن الحمار أبى وأسقطه من على متنه في غير مرة، قرر ترويضه واستلزم ذلك منه قرابة الثلاث ساعات، وأخيرا نجح بعد أن أبرم اتفاقا مع الحمار على أن يكون ركوبه على هيأة التعزير وإلا أسقطه الحمار كما أتفق، فلم يعترض اطوالة لأن المهم لديه هو أن يصل إلى غايته في أسرع وقت ممكن وقد جعل من عود قصب اللثامة مهماز يوخز به الحمار كلما نقض الاتفاق وحرن عند رؤيته للسيارات.. ربط اطوالة الحمار عند المدخل بعد وصوله إلى سينما الفردوس متأخرا على غير عادته، ولم يتمكن من إعلام أبناء الجيران بعنون الفيلم، وحمد الله على ذلك حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ويليق بجلاله، لأن أحد آبائهم وبخه لإلهائهم عن دراستهم.
عند وصوله اكتشف بأنه لا يملك ثمن تذكرة الدخول، فعرض على الزبائن أن يحجز لهم التذاكر أعطوه ما أراد وبعد عدة مناورات وحيل استطاع الوصول إلى الشباك وخرج بها اقتطع لنفسه واحدة وجاء ليشتري السجائر والشكولاطة والحلواء والكاكوية لكنهم اعترضوه وأمروه بأن يرجع إليهم ما تبقى من أموالهم (انا عطيتك اجنيه املصق بلصقة جرح من عند راس امعمر،، انا عطيتك خمسين قرش عليه توقيه المحافظ ،، انا عطيتك عشرة اجنيه مرسوم عليهن عمر المختار ومن الجنب فيهن قبلة بروج حمر،، انا عطيتك خمسه اجنيه مرسوم عليهن قلب وسهم وحرفN،، وين الباقي يا عضاض،، أوووووووي،، وين الباقي يا عضاض).. هنا شعر اطوالة بأنهم استغلوه ولأنه يتمتع بمرونة في العضلات ومن ذلك عضلة اللسان، أراد أن يضعهم في ورطة فقال: (يا هو وين صاحب العشرة اجنيه اللي امخربش عليهن بزمالتو أمه يسقط معممممممممر ويعيش إدريس)، هنا اقترب أحد المخبرين الموكلين بمراقبة دور العرض ليستفهم الأمر، فانفضوا من حوله.. وضع اطوالة ما تبقى منها في جيبه وهو مبلغ جيد يكفيه للدخول إلى السينما عشر مرات على الأقل ويمكنه من إصلاح بشكليطة صديقه مفتاح.
أطفئت الأنوار وسرى العرض اليومي، ارتفعت الموسيقا الحماسية الإيقاعية مع تصفيق وتصفير المشاهدين مؤذنة بمشاجرة كبيرة للبطل يخرج منها منتصرا، ثم أنارت المصابيح بغتة على صوت موظف ينادي: "من اللي رابط الحمار بره؟" رفع اطوالة يده: "ايوه" وخرج ليفك وثاق الحمار المرتمي على جانبه وينهق، عند عودته، وجد أن العرض مستمر، فاحتج وخرج إلى مكان الاستقبال وطالب بإعادة ما فاته من دقائق، رد عليه أحد العاملين: "تو اتشوفه في الحفلة الثانية.. امغير خش توا كمل الفيلم وبعدين ساهل".. تسمر اطوالة في الخارج وأرجأ الدخول إلى الحفلة الثانية، كي لا ينقطع حبل انسجامه، في الأثناء سمع دوي سيارات الشرطة يقترب مختلطا بصوت اللكمات المنبعثة من ماكينة السينما والموسيقا التصويرية فشعر بحماسة من يجسد دور البطولة لما رأي صديقه مفتاح في أول سيارات موكب الشرطة وهو ينظر إلى الشرطي السائق ويشير إليه، راقب حركة شفتي مفتاح وهو يتكلم مع الشرطي من خلف زجاج السيارة وترجمها كالآتي "اهاوا اطوالة اللي سرق البشكليطة" فتح الشرطي باب السيارة ونادى في زملائه: "عرضوله عرضوله" أي اعترضوا طريقه،  لم يجد اطوالة بدا من الرجوع إلى الصالة في وسط هذه الجلبة، لم يعرف ما يفعل إلا أنه ركض بسرعة هائلة، وهو يقول "انعن شكلك،، شهدرت بيا يا مفتاح،، راهي همبر من مصنع سيدي خليفة مش روزايز" وبينما كان الجمهور يشاهد البطل يوجه مسدسه نحو رئيس العصابة حتى  قفز اطوالة في شاشة السينما القماشية واخترقها، والجمهور (يصيح اللي يحب النبي يصفق).
ولم يعثر على أثر له.
.....
زياد العيساوي
7/5/2015
فجرا

الأحد، 22 مارس 2015

ذات عشية في سوق العشية


طيور على أشكالها تقع، حمام على أشكاله يطير، حيوانات على أشكالها تصدم، باعة صحون باعة صابون وأحذية وملابس باعة قطع غيار وغيار أطفال، شامبو صانسيلك وبانتين وشامبو تركي علبته كبيرة ورائحته مثل رائحة بول أردوغان، حبوب للعصافير والديوك البشرية التي ترفع اﻵذان ولا تصلي، قطط مستوردة لا تتمتع بحاسة المواء، أمواس حلاقة أمواس بقر سكاكين مطبخ ملاعق معالق ألبسة، أقفاص ومعدات كهربائية ومستلزمات بناء.
(يفتحلك الله) هناك لا تسمعها، ففي سوق اجنيهين الكل يبيع ويبتاع، سيارة نصف نقل تصل لتوها محملة بأكياس القمامة، وما أن تفرغ شحنتها حتى يأتي الحارق ليشب فيها النار، في لهفة من مفتشي الروبابكيا، شعلة نار قدحت في طرف سرير خشبي، أب وأبناه يسحبانه من الجهة اﻷخرى فوق ربوة من النفايات لا كمامات على أفواههم يتنشقون الرداءة، بين السديم يلوح خيال شخص حاملاً في يده دجاجة توقوق بينما طفلته تطلق فرحة رنانة "الدجاجة دحت يا بابا".. ومن هناك يبدو شبح بني أدم غائصاً وغائراً بين بقايا ثلاجات وإلى قربه مسن أسمر يتحسس باباً حديدياً مُقتلع من جدار بدهان أخضر، يفصح عن أنه كان لمؤسسة حكومية لطالما أُغلق في وجوه المواطنين، فعادة ما يكون للمؤسسات من مثل هذا النوع عدة أبواب في جوانبها وواجهتها وأخر للطوارئ حين تزلزل الطرقات الباب الخشبي لمدير عام وهو منهمك في مناقشة خطط العمل مع سكرتيرة بلهاء تدعك وتعلك لوباناً في حجم مضغة خبز، فتحدث فرقعه من بالون يلتصق على شفتيها المُسوّكتين بسواك حنائي يخضوضر على اللسان، فيفر من ملاقاة المطالبين بإنهاء معاملاتهم اﻹدارية، نعم فقد جرى الدأب أن توصد هذه اﻷبواب جميعها ولا يفتح منها إلا باباً واحداً مغاليقه في جيب غفير قاس.
يُسمع دوي صليات على بعد بضعة كيلو مترات، ترى منها ومضات التنوير فلا يهتم أحد بها، عند جزيرة الدوران تسمع هتافات متظاهرين تطالب بدعم الجيش والشرطة غير أن عدد الذين في السوق أكثر منهم، في مبنى مولد الكهرباء المفقود ذي الباب المفتوح على مصرعيه لك أن تتسلى بحياة الحمام فأحدهم يمكث هناك يأتي عند لحظة العمل بالسوق فيفتح الباب لزبائنه ليختبروا ما سوف يشترون من حمام من ناحية نشاطه في الطيران والتكاثر وإطعام فراخه والذود عن عشه المبتني في جالون مُعلّق في سلك المصباح الكهربائي المشدود من وسط سقف الغرفة المتشقق نتيجة صدمة جولاطينة في أيام تحرير الكتيبة، والمظلمة إلا من شعاع شمس العصر والشفق، تتنوع صنوف الحمام لدى الحمائمي فمنها الداجن والطائر وتتعدد عنده التسميات خنافر هنداوي مقطوم فرفاله مقطوم هللاهللا مالطي ثلوثي نيسي شكولاطي امسرول عراقي زلمي، هو لا يبيع بمنهج المزاد العلني، أزواج الحمام كلها تعني له الكثير فلا يفُرّق بين الزوج وفراخه يمنح المشتري قسطاً من الوقت لمعاينة ما تقع عليه عيناه ويودّ اكتساباه، يجيب عن كل سؤال ومن ذلك عمره وكم باض في حياته مرة، وفي يده حفنة من قمح تسمعه وهو يشترط على الزبون أنه سوف لن يعيد الحمام إليه إذا عاد بعد مضي ثلاثة أيام من بيعه، يسأله شخص من خلف الازدحام: كم عطو فيه؟ لا يجيب..يسأله آخر: ابكم؟ يرد برقم من الدنانير ثم يسهب: هذا الزوج -بعد أن يمسك برجلي الذكر بين يديه ثم يشده من منقاره إلى أسفل فيحرك جناحيه-أرأيت الانحناءة في أعلى منقاره في إشارة وإمارة إلى أنه يطعم فراخه وكثير التفريخ ثم يأتي بأنثاه ويشدها بالطريقة ذاتها غير أنه يدخل أصبعه في مؤخرتها ليتحسس بيضة على وشك النزول فيما تغمض الحمامة عينيها من شدة الوجع ويطلب من المشتري أن يتأكد بنفسه فلا يخجل من إجراء التجربة، ثم يطلق الزوج ليطيرُ حول مبنى الكتيبة فيما الزبائن يختبرون مدى شبابه وقدرته على التحليق وعند وصول الزوج يدخل إلى عشه البلاستيكي فيسد الفتحة بيده ويسلم البضاعة للزبون وهو يذكره: "بعد ثلاث ايام ما دخلنيش بيك.. قصّبه أو رمّله" ويعطيه حفنتي قمح فوق البيعة.
عربة أخرى تأتي مُحمّلة بالنفايات تصعد كمركبة عسكرية مجنزرة بين النفايات حمولتها عبارة عن أوراق ونماذج إدارية مما تُمهر بختم أخضر وفي ذيلها عبارة (لا مانع) سرعان ما تبتلعها النيران بمبالاة من اﻷب وطفليه الذين لم يجدوا فيها ما يستحق عناء التفتيش والتقليب..
"نبو جيش ونبو شرطة..بنغازي راهي في ورطة" تصيح حناجر المتجمهرين عند الجزيرة بهذا الهتاف.
لا نساء في سوق جنيهين مع أن هناك أصنافا عديدة من البضاعة تلاقي اهتمامهن في اﻷصل كالمكايير وأصباغ الشعر ومحسناته وأنواع كثيرة من كريم البشرة والجلد، عجوز سمراء متوشحة بقماش أسود عليه وردة متفتحة صفراء تفترش اﻷسفلت عند المنعطف حيث باعة المواسير PPR والمواد الغذائية التي شارفت صلاحيتها على الانتهاء، تعرض شفرات حلاقة ومعجونها أمشاط معالق مفاتيح زريعة بيضاء لب كاكاوية موبايلات مستعملة لم يعنيني شيئاً مما عندها سوى أكياس بخور قالت لي بلكنتها "خوذ لأمك منه" لم آلف نوعه من قبل فرددته عليها بحجة إننا لا نستعمل هذا النوع قالت لي (.....) لم أتبيّن ما قالت فثمة صوت انفجار ضخم ضج به المكان راقبت وجدت الناس غير مُبالين لكأنهم اعتادوا ذلك واختلط صوته بتصفيق الناظرين إلى زوج حمام منطلق من تلك الغرفة يحلق في مساره المعروف.. رددت البائعة جملتها: "جربه.. جربه.. ولو ما أعجبكش رده"..ما أردت أن أكسر بخاطرها فقبلت العرض ودرت إلى الوراء لأجد سيارة أخرى آتية بمخلفات عبارة عن لافتات خشبية في وسطها حامل من لوح تم جمعها بعد انفراط المظاهرة وقد صعدت بذات الطريقة، عرض الحارق وأبناه البضاعة على بائع الحمام علّه يستفيد منها في صنع بيوت لطيوره، بمقابل ألا يتأخر فيلتهمها الحريق، عند ذلك فكرت في قرارتي ربما لن أجد البائعة غدا لو لم يعجبني بخورها فرميت-للتجربة- بحفنة منه في كوم الحريق فتناثرت في الأرجاء رائحة لم استطيقها، رجعت إليها فورا وقد عزمت على ألا أكسر بخاطرها فقررت أن أستبدله بشيء آخر من لدنها وكانت شفرات حلاقة هندية المنشأ.. انطلقت صليات أخرى من مكان بعيد لتصيب زوج الحمام فتسقطه أرضا وهو على مشارف الغرفة فانطلق عويل البائع وهو يصرخ: "انعنجدكم..... ابعين الزززح" وأوصد أبواب غرفته مؤذنا بنهاية العشية.
عند عودتي حلقت لحيتي ورسمتها كقفل، رميت مفتاحه في أتون المحرقة.