المشاركات

لقد تبلدنا

صورة
أم الثوار في جبل نفوسة لقد تبلدنا المجرمون والأغبياء الثلاثة لن نمسح بأيدينا على رؤوسنا ولن نقول: "لقد هرمنا"، فبها صرنا نمسح على وجوهنا، لنواري سوءة أعمالنا وما نتحسّسه من التموجات الباردة على سطوحها، حتى تنغرس أناملنا في تشققاتها، فربما حينئذٍ ندرك حجم الفاجعة، وألسنتنا تلهج: "لقد تبلدنا.. في هذه اللحظة البليدة، التي نرى فيها عجائزنا وأطفالنا ونساءنا، وقد ألقى بهم القذافي خارج الديار الليبية، ولم نفعل لهم شيئاً قط". تبلدت مشاعرنا إلى حد البرود في عزّ الصيف، فما زادتنا حرارته إلا تبخراً وأكسدة لأمواه وجوهنا إلى حد الجفاف في بلاد النهر الصناعي، فها نحن أخذنا نعرض صور بناتنا المُعتدى عليهنّ- المغتصبات- على القنوات الفضائية معتقدين بذلك، بأننا سوف نلفُّ القيد على معصمي العقيد "القذافي" لنسوقه كمسعور أجرب إلى قفصه الحديدي في محكمة الجنايات الدولية، التي في أسوأ الأحوال- بالنسبة له- ستسجنه إلى الأبد، فلهذه الجريمة خصوصيتها في المجتمع الليبي، ويكفي حال توثيقنا لها، أن نجعلها شأناً داخلياً وقصيّاً عن الإعلام، ليس حياءً أو خجلاً أو شعوراً بالفضيحة، لكن...

سلامتها أم حسن كاد أن يكون نشيد جماهيرية القذافي

نخلط أحيانًا بين المقامات، فلكلِّ مقام أنغام، ولكل نغم كلام، ولكل كلمة مضمون. والمضمون الغنائي قد يتنوع بين العاطفة والإنسانية والوطنية، وهلم جرّا، ويزداد الخلط إلى حدِّ العجن بين مكونات الأغنية السياسية والوطنية، حتى تتصلب هذه التركيبة في الإنسان فلا يستطيع أن يفصل بين ذرات، بل حتى جزيئات الخلطة الغنائية في طبق ما تُقدّمه القنوات والإذاعات. فالأغنية السياسية هي التي تتغنى بمفاتن ومفاسد أحد مكونات الدولة، فتجعله مناقبًا لها، فتناصر فئة أو طائفة أو حزبًا. وكذلك النمط من الأغنيات التي تغزّل بحزب البعث، الذي أُجتُثّ جذوره من الخارطة السياسية في العراق، والآخذ في الزوال في سوريا، أو التي تدور كلماتها حول محور ألحان الفرد الحاكم، فتعزف عن الغناء للوطن، وتعزف للحاكم بأمره، مُختزِلة الوطن بخارطته ووجوده في شخص المستبد الداخلي. أما الأغنية الوطنية، فعادةً ما تكون مقاومة ومقارعة، بالقرع على طبول معاداة العدو المستعمر وممالئيه في الداخل، بتجنيد وتحشيد جنود أرواح المقاومة في فصيل روح واحدة. فهي التي تزرع روح المواطنة في نبتة النشء وتسقيها وترويها بعذب الألحان، وتغذيها بالشجن وحسن التعبير والمو...

ليبيا في أطلس الجماهيرية

صورة
 خريطة ليبيا الثورة  خريطة الجماهيرية   لم يعرف الليبيون في حُقبة (حقفة) الجماهيرية، وطِوال أعوام حكم "القذافي" إلا قطارين اثنين وكفى، اكتفى أحدهما بالربط بين هذه الكلمات بخطوط عرضية وهمية: (الجماهيريةــ ـ ــالعربيةــ ـــالليبيةــ ـ ــالشعبيةــ ـ ــالاشتراكيةــ ـ ــالعظمى*)، فأطالس الجغرافيا العالمية، تبرز بعلاماتها المُتفـَق عليها- دولياً وعلمياً واصطلاحياً- وهي رسومٍ لمثلثات ودوائر ومربعات صفراء وخضراء وحمراء، وأسهم لأعلى وأخرى لأسفل، ونقاط سوداء وزرقاء وحمراء وطائرات وسفن، فهي تشير بذلك إلى التضاريس المتباينة- الصحراوية والزراعية- وتعداد السكان بالنسبة المئوية لكل إقليم، والمعادن والمطارات وموانئ التصدير النفطية، والجبال وموارد الخام المعدنية والمحاصيل الزراعية وحصة الفرد من الدخل العام، وما إليها من بيانات، حينما توضّح للمُطّلِع الخارطة السياسية لأية دولة كانت. وفي الأطلس الجغرافي للجماهيرية، ثمة علامتان شاذتان لا تلفيهما في أيّ أطلس عالمي، وهما عبارة عن خطين أزرقين متوازيين يمتدان من فرعٍ واحد يمضيان من عمق البلاد إلى المدن الشمالية، اصطلحه فقيه الجغرافيا ...

أين الحنكة الدبلوماسية يا شلقم؟

صورة
مرّ الشتاء، فغسلت المطر دماء شهدائنا ومزجته بتراب بلادنا حتى احمرّت ذراته ونبتت منه زهرة، فتركنا الربيع مُستخلِفاً وراءه أمانة، علّقها طوقاً مُلوناً في أعناقنا، هي الثورة المزدهرة حتى النصر- عمر المختار لم يقـُل يا سيد "شلقم": "نحن قوم لن نستسلم.. ننتصر أو نموت"، بل قال: "ننتصر أو نستشهد"، فالموت في عرفنا وديننا، لا يمس إلا الجبناء، ولا يطال سوى رقاب المتخاذلين والخائنين لأوطانهم- مرّ الشتاء وعبر الربيع وأوصانا خيراً بوديعته وبألا نخذله، فثمة غيرنا من الأعراب، من ينتظر وتشرأب أعناقه لتتزين وتتزيَّ بالطوق الأخضر، الذي سيكسر به طوق الهوان والذلة من بعدنا، غير أنّ ربيع ثورتنا ما يزال في أوج وقمة اخضراره على جبل العزّة، وحلّ بعدهما الفصل الثالث في ثورتنا (الصيف)، فانقشع الظلام عن بلادنا، وظهر في سمائها هلال يلتف حول نجمة بحنوٍ، لن نضيّعه في شهر رمضان وسنهتدي به في كل عيد مجيد، إلا أنّ حلوقنا عطشت وجفـّت، وتيبست أوصالنا واكتوت جلودنا من حرِّ جمر النار، الذي صبّه علينا الطاغية وزمرته الباغية من على أسوار السراي الحمراء، وأنـّى لنا أنْ نطفئها ومياه أموالنا قد جُم...

الذين لا يستحون

الذين لا يستحون، لا تستقيم ظلالهم حتى وشمس الحقيقة راسية ورأسية فوق رؤوسهم في رابعة السماء، وفي شهر يونيو القائظ الجاري من هذه السنة، من كانوا مع "القذافي" وقد آمنوا بأطروحاته وأفكاره في يوم ما، ما الذي جعلهم لا يستحون- من صنيع أعمالهم التقليدية، فهي تتشابه مع أعمال أية عصابة تعمل لصالح دكتاتور- بعدما فاح ظلمه وجوره وزيف مبادئه، التي أعلن عنها كمهام للجانه الثيرانية الهائجة؟، ففي أدبيات كتابهم ذي اللون الأخضر، أنّ فكر العقيد يناهض وبقوة الأنظمة السياسية في العالم جميعها، لأنها لم تحقق الديموقراطية بتصوره، لكونها- والكلام على لسانه وفي فصله الأول من كتابه- أنظمة نيابية، وقد عرف العالم في ظلها، أعتى النظم الدكتاتورية، وأنه سيدهم يُمقت حكم الفرد والتوريث. قد يكون رفع مثل هذا الشعار، سبباً أو مبرراً لجرِّ الكثير من الشبّان طواعيةً، خلف عربة نظرية "القذافي" غير الفطرية، حتى تشبعوا بها وأصابتهم التخمة التي ظهر إفرازها وقيئها في أساليب تعاملهم الجائر والتعسفي ضد المخالفين لها من أبناء ليبيا في الداخل والخارج؛ لقد غرّر "القذافي" بهؤلاء الشباب وعزّر بهم منظومته الك...

لا وصاية على الثورة

يقولون: "مهما قدَّموا من قرابين على مذبح الحرية، فإنّ الثوّار بمفردهم لا يستطيعون أنْ يصلوا بمركب الثورة إلى برِّ الأمان بالاستغناء وبمنأى عن دور المثقفين"، وهذا الرأي يعطي إشارة ذات دلالة مُضمرة تومض بلون الخطر الأحمر، ويحمل رسائل مُشفرة تقول بأنّ هؤلاء الثوَّار لا يُحسِنون فنّ السياسة، وتضعهم في قالب الدهماء والهمجية وأنهم- وحاشا لكل ثائر- محض شرذمة من المتهورين والمغامرين وعصابة من القتلة المتوحشين، أو على الأكثر، تترفق بهم وتقولبهم في إطار الباحثين عن الشهرة والمجد بتخليدهم كشهداء وذلك في أحسن الأحوال والظروف، لذا فهم يقومون من تلقائهم بدور تطوعي وإقدامي وانكشاري يأخذ الطابع الحربي، حتى يتم القضاء على آخر مظاهر الحكم الاستبدادي عند تحطيم الصنم، ومن ثم- يضيف من يقول بذلك- يفسحون المجال أمام المثقفين ذوي الدراية والعارفين بخبايا وخفايا الأمور، لأجل أنْ يقوموا بواجبهم التنظيمي للنهوض بالبلاد من كبوتها. إلى هذا الحدِّ، من الممكن استساغة وقبول هذا الرأي، الذي يُفسّر ولا يواءم بين دوري الثوّار والمثقفين، غير أنّ الشواهد تقول وتشي بشيءٍ آخرٍ، إذ قد يُتجاوَز هذا الفاصل بالانتقال ...

ليبيا في الاستراحة ما بين الشوطين

المشهد السياسي الليبي العام والراهن، يجعل ملعب كرة القدم بالمدينة الرياضية ببنغازي، يرتسم قبالتي الآن، بخطوطه البيضاء وأرضيته الصناعية الخضراء، وباللاعبين وهم يدوسون على لون علم "القذافي" الأخضر المرسوم على مستطيله الكبير؛ فالوضع القائم والطارئ في فترة استراحة المحاربين، وما يشهده من تجاذبات وتنافرات بين أقطاب الرؤى من سياسيين ومثقفين وعوام، أشبه ما يكون بفترة استراحة اللاعبين، بعد إطلاق الحكم لصافرته إيذاناً بانتهاء الشوط الأول، وتشغيل مُكبِّرات الصوت- المنتصبة كخوازيق، مثل هوائيات التجسُّس في العاصمة الرومانية (بوخاريست) أيام حكم الديكتاتور (اتشاوسيسكو) في كل ساحة، التي أرعبت الشعب الروماني في فترة الحكم الشيوعي لمدة طويلة، وعندما سقط الصنم، تهاوت معه هوائياته، لما اكتشف الرومانيون بأنّ هذه الهوائيات، كانت مجرد أعمدة مصمتة وفارغة حتى من الهواء، فلا أجهزة تنصُّت ولا تصوير فيها، فمن أين لدولة مثل رومانيا الشيوعية المتخلفة عن ركب الصناعة آنذاك بمثل هذه المعدات المتطورة؟ هذا السؤال الذي لم يتبادر إلى أذهان الرومانيين وقتذاك، ولو طرحوه أرضاً، لما وجد الخوف إلى قلوبهم مسرباً- على...