هزيمة حماس.. بين طوفان الأقصى وظلال المختار

تحت عناوين خاطئة، وفي ظروف غير ملائمة، وفي أزمنة غير مواتية، تحدث حروب نتائجها خاسرة.

بكل ما أوتيت من حماس وما أملك من حزن، أعلن بأنه قد خسرت حماس الحرب، ولا أظنها ستقوى على رفع راية المقاومة بعد الآن، وأي آن هو؟ إنه آن قبولها بشروط ترمب، فقد آن الآوان لهزيمة حركة حماس، ولا اقول المقاومة.

لقد حان الوقت لأجيب عن سؤال لطالما طالعته على حسابات الأصدقاء، هذا سياقه: (لماذا لم ينتقد البعض مقاومة عمر المختار للإيطاليين، لاسيما أن تلك المقاومة قد جعلت المستعمر الفاشي يُنكّل بالبرقاويين؟).

لقد دخل المختار في السلم مع المحتل الإيطالي، تلبية لأمر الأمير إدريس السنوسي ومراعاة لعذابات البرقاويين، التي أخذت شكل الإبادة بشتى صنوفها، واستمر على ذلك، حتى نقض الفاشست بعد وصولهم للحكم، اتفاقية السلم، بينما كانت غزة محررة، وإن كانت محاصرة أشد الحصار، غير أنّ المدبرين لعملية طوفان الاقصى، ارتؤوا بأنّ هذه العملية ستحرّر الأسرى الفلسطينيين، إذا ما دخلوا في حالة تبادل للأسرى في صفقة سيعقدونها مع الصهاينة، ولم يعلنوا بأن من ننائج هذه العملية تحقيق المصلحة الفلسطينية، برفع حالة الحصار المطبق على القطاع، وهي أهم إنجاز تاق له الشعب الفلسطيني، غير أن النتيجة كانت تدمير واحتلال القطاع وانتفاء قدرة حماس على تحريره عسكريًا، ولأنها هي نفسها واثقة بعجزها عن ذلك، وأنه لن يتحقق إلا بالمفاوضات، وافقت حركة حماس على الخطة الأمريكية التي رسمها ووضعها دونالد ترامب، وجاءت الموافقة قبل أربعة أيام من وصولنا إلى الذكرى الثانية لعملية طوفان الأقصى، وافقت حماس على شروط ترامب وعلى رأسها إطلاق سراح من تبقى من الرهائن القابعين في أقبية حركة حماس من الإسرائيليين.

إن القول بهزيمة حماس لأمرٍ مؤلم وثقيل على لساني، غير أنه واقع حال، وله ارتدادات وتداعيات على العرب والمسلمين، فقد منحت حماسُ إسرائيل الفرصة لتحقيق أهداف أخرى لصالحها في شباك العرب بتسديدات بكُرات نارية ملتهبة، لكن الأشد إيلامًا، هو وصولنا إلى حقيقة استخلصناها من مجريات هذه الحرب، إذ أن حماس أوقعت قطاع غزة في حرب تحت عنوان خاطئ وظرف دولي غير مناسب، وكل ذلك نتج عن عدم وجود قراءة صحيحة لمآلات عمليتها، مع أنها ومن تجاربها العملياتية العسكرية السابقة، كانت تستطيع توقع هذه النتائج الكارثية، فقد جرّبت حماس رد جيش الاحتلال على أسر إسرائيلي واحد، وكان من اليسر عليها أن تتوقع حجم الرد بعد أسر المئات منهم.

قد يرى البعض في الاعترافات الدولية بدولة فلسطين، أكبر إنجاز تحصّل عليه الشعب الفلسطيني من جراء عملية طوفان الأقصى، وهو لا يدري بأنه لم يكُن أصلًا من أهداف هذه المغامرة، فقيام الدولة الفلسطينية على حدود الأراضي المحتلة في سنة 1967 ميلادية جنب إلى جنب مع  إسرائيل، هو من مفاوضات الحل النهائي المقررة في اتفاق أوسلو النرويجية، وهو ما ترفضه حركة حماس التي تؤمن بالدولة الفلسطينية الكبرى من النهر إلى البحر، نعم ترفضه، على الرغم من أن حماس حكمت قطاع غزة بعد فوزها بالانتخابات التي أتت بها عملية السلام في اوسلو، ثم رفضت هذه العملية أو الاتفاق، جملة وتفصيلًا.

إن السفسطائي هو من يُجيّر الصدف لصالحه، ويجعل من حيثياتها خططًا مسبقة كانت في علم استراتجيته، وبهذا المنطق وجب على الألمان شكر نازية هتلر، التى دمرت بلادهم في الحرب العالمية الثانية، فلولاها ما حدثت المعجزة العلمية الألمانية في الخمسينيات والستينيات.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اخريستو

من بنغازي إلى طرابلس

المعادلات الصعبة