المشاركات

أجواء بنغازية

اليوم السبت ، أنا الآن في طريق عودتي ، من ميدان الشجرة إلى حيث سُكناي ، و قفت هناك ، لأستقل حافلة صغيرة ( باص ) و كلما مرّت بحذوي سيارة ممتلئة ، و أشارت إليّ بأنوار مصابيحها الصباحية ، أجعلها تـُكمل مسيرها ، من دون أنْ التفتّ إليها و لا أعطلها ، و بعد مرور قرابة عشرين سيارة بهذه النوعية و الكيفية ، يئست من إيجاد سيارة شاغرة المقاعد ، و أشرت إلى واحدة من الممتلئات ، كان هناك محل ليّ بجانب القائد و شاب بجانبه ، و عندما فتحت الباب لأصعد ، نزل ذلك الشاب ، و قال ليّ : ' تفضل جوّه ، أنا نازل قبلك .. بيش ما انتعبكش .. بعد نبي ننزل ' - ردّدت عليه ساخراً في قرارة نفسي : ' باهي يا اطروح ' - هي طريقة عادةً ما يقوم بها الجالس بقرب السائق ، و لم أجد لها معنى ، سوى أنها تدلُّ على الأنانية ليس إلا ، عموماً نزلت في محطتي قبله ، ما جعله ينزل للمرة الثانية ، و يصعد من جديد ، فابتسمت بسُخرية ، دونما استهزاء ، فقال ليّ : - كنك تسّهوك ؟ السّهوكة راهي للبنات . - من اهبالك ، إنكنك من البداية .. خشيت جوه .. راك ما تعبت هالتعب كله .. و راك ما نزلت من الحافلة بكل .. لكن هذي ال...

يا ليت عندي سُلطة

الساعة عندي الآن ، السابعة صباحاً ، بتوقيت الجماهيرية العظمى .. ( بسم الله الرحمن الرحيم ) .. فتحت باب البيت لأخرج .. ( بسم الله الرحمن الرحيم ) .. ما هذا ؟ من الذي اختبأ خلف السيارة ، التي قــُبالة البيت ؟ أني أرى ( اشنينة ) حمراء فقط ، أما الرأس و الجسد ، فلا يظهران ، تظاهرت بدخولي إلى البيت من جديد ، ثم رجعت بسرعة .. رأيتك يا خطير ، أوه يا للأسف ، هو الحاج " فرج " .. رمقني بخجل و بشعور بالخطيئة .. ( لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم ) .. ما هذا الصباح الغريب ؟ لكن ماذا دهاه ؟ نظرت إليه ، بعد أنْ أدار ليّ ، و لتلك اللحظة المخجلة ، ظهره المنحني ، من كثرة الركوع لأسياده ، و من كثرة الانحناء ، لالتقاط الخبز من على الأرصفة .. الرجل خاجلٌ من رؤيتي له ، و هو عائد إلى داره ، بـِغلته الصباحية من أكياس الخبز اليابس . تذكرته في الثمانينيات ، حينما كان يحضر المؤتمرات الشعبية ، في جلسات انعقادها ، بسينما الهلال بالبركة .. في تلك الفترة ، لم يجد جيلنا سلوته ، إلا في مشاهدة الأفلام السينمائية ، في دور عرض : - الهلال : التي تحوّلت إلى صالة أفراح للأفارقة . - الزهراء : ا...

برج بنغازي المائل

 بين برج بنغازي المائل ، و متحفِها الزائل - أو بالأحرى المُزال - يطيبُ ليّ الجلوس ، كعادة يومية ، أراها حميدة ، أمارسُها منذ عشرين عاماً ، و قد عودني عليها والدي رحمه الله ، حينما كان يأتي بيّ معه ، و أنا صغير بصفته مأذوناً شرعياً ، إلى محكمة شمال بنغازي ، ليصدّق على العقود التي أبرمها ، و كانت كلها عقودٌ للزواج فقط ، ففي ذلك الوقت ، لم يألف الليبيون و الليبيات الطلاق أبداً ، وكان بعد أنْ ينهي تلك الإجراءات ، يأخذني معه إلى مقهى جميل ، يُقابل مبنى المحكمة ، فيطلب لنفسه فنجان قهوة ، و يأخذ ليّ كوب جولاطي - كنت و لا زلت لا أحبُّ الجولاطي بالطربوش - و بعد أنْ يُكمل شربه للقهوة ، يأمرني بأنْ أستعجل نفسي ، لنذهب إلى مدرسة ( قرطبة ) التي يُدّرس بها ، و هي مدرسة ، تتوسط أحياء البركة و رأس أعبيدة و شارع عشرين و الماجوري و الرويسات ، التي أعتبرها من ضمن نطاق البركة ، فيما أنا مُستمتعٌ بمراقبة حركة سفينتي الصغيرة ، التي تتحرك بدفع حبّي لها - كوب الجولاطي الفارغ - و هي تمخر عـُباب صخور الشاطئ ، و حينما تصدّها إحداها ، أهتف مشجعاً أياها ، كي تتجاوزها . و في هذا اليوم ، ...

اخريستو

' اخريستو ' هو لقب لشاب من البركة ، اختاره له صديق إيراني ، أخواله ليبيون ، كان و ما يزال ، مفتتناً بشخصية هذا الشاب الأصيل ، و هو كما ' باسط ' اختار أنْ يحبس نفسه لعقد كامل من عمره ، و هو في أوج شبابه و عطائه ، لم يُحصّل هذا الشاب من العلم في المدارس ، إلا ما يجعله يقرأ ما هو مكتوب في أوراق الدولة الرسمية ، و بالذات ( فاتورة الكهرباء ) و التفريق بين حروف الأبجدية الإنجليزية ، و معرفة أنّ أول حرف من حروف اسمه الأصلي ، بتلك اللغة ، هو ( ( Sمجردة ، و ليس ( $ ) دولار ، غير أنه ، بعد عشر سنين ، خرج من غرفته ، و هو ينطق الإنجليزية ، بلسان فصيح ، فقد أمضى هذه السنين العِجاف ، في مشاهدة الأفلام الأجنبية ، و الاستماع إلى موسيقا الزنوج ( البلوز ) و فطاحلة الغناء الغربي ، أمثال : ( بونكفلويت و فرانك سيناترا و دايستريت و خوليو إيجليزياس و كاث استيفنس و كريس ذي بيرث و جورج مايكل ) و هلم جرا .. غير أنّك لا تسمعه و هو يلوك لسانه بهذه اللغة ، إلا في الضرورة القصوى - حينما يتحدث مع الأجانب فقط - ليس كما يفعل مثقفونا اليوم .. فصار مرجعاً لكل محبي هذا الغناء - حتى أنّ بعضهم يطلب إليه ...

عشّوائيات بنغازية

  يا أرضنا يا أمنا .. حبك بيجري في دمنا .. عهد و إيمان .. خللى الزمان .. شاهد على أيامنا .. ( كلمات : حسين السيد // لحن وغناء : فريد الأطرش ) هذا المطلع ، لأغنية وطنية جميلة جداً ، لا أنصحكم بالاستماع إليها ، لئِلا توّلد في مشاعركم ، هذا الهذيان العشوائي ، المُتمثـِّل في هذه العشوائيات ، التي ابتنت خارج مخطط رأسي ، و سُتهدَم لأنها ، ليست مُطابـِقة للمواصفات الفنية : - أنا لا أحبُّ ' فوزي العيساوي ' لأنه كان يتهرّب ، من تنفيذ ركلات الجزاء الترجيحية . - أنا لا أحبُّ ' فوزي العيساوي ' لأنه كان وطنياً ، و لم يوافق على ترك نادي النصر ، و اللعب في فريق قطريّ . - أنا لا أحبُّ كتابة المقالات الفنية ، مع أنها أصعب من هذا الهُراء ، الذي أكتبه الآن . - أنا لا أحبُّ كتابة المقالات الفنية ، لأنها جعلتني في عيون القراء جباناً . - أنا لا أحبُّ ' سالم العبّار ' لأنه بات يُفضّل كتابات ' عبد الرسول العريبي ' و ...