السبت، 4 يونيو 2011

جاء ليزرعها فدحرته وحلفاءه

عربياً:
في بالي رأيٌ خامرني طويلاً، حتى اختمر عنه هذا السؤال، الذي أودُّ أنْ أطلعكم عليه في هذه المقالة: تـُرى ما جدوى الخطط الخمسينية، التي أطلقها الضُّباط العرب بعد استيلائهم على مفاصل السلطة إثر انقلاباتهم العسكرية، وخصوصاً في حقل الزراعة؟، التي أقرتها حكومات الدول العربية، ودأبت على العمل بها، منذ حصولها على الاستقلال الوطني، زاعمة بذلك، أنها تسعى إلى النهوض بمستويات شعوبها إلى مصاف الشعوب المُتقدِّمة والمُكتفيَّة ذاتياً من الغذاء، والمُصدِّرة للفائض منه إلى بقيّة دول العالم، جانية ومُحصِّلة بهذا، دخلاً من العملات النقديّة الصعبة، التي ستسهَم إلى حدٍّ بعيد في رفاهية شعوبها، حال نجاح هذه الخطط، التي امتدّ العمل بها لفترات مديدات، من غير طائل؟ خصوصاً أنها توسعت ووصلت إلى الصحارى الشاسعة، حيث إنّ هذه المشروعات الزراعية، أُقيمت فوق كثبان رملية تتوزع على رقعة شاسعة من الصحراء الكبرى، المعروفة بقساوة بيئتها غير الصالحة لمعيشة البشر، وينعدم فيها أيّ مظهرٍ للحياة، فكيف لعاقل أنْ يتصوَّر، أنّ بمكنة أيَّاً كان، معاندة الطبيعة، إذا كان لا يملك من السلاح ما يؤهله للصمود في وجه ضراوة هذه المعركة الشرسة على الرغم من سلميتها، إذا افترضنا جدلاً وتجاوزنا عن كل شيء آخر، حُسن الطويّة لدى الحكومات العربية في مسعاها النبيل، هذا السلاح الذي لا يتعدى في حالتنا هذه، الماء الذي هو العنصر الأول في هذه الحملة ضدّ التصحُّر بأشكاله المُتعدِّدة، إلى جانب الكفاءات البشرية والمعدات التقنية اللازمة، فما ظنكم ببلدانٍ مُتخلِفةٍ عن ركب الحضارة، وينعدم فيها وجود هذه العناصر؟.
في الحقيقة، إنّ صحراءنا الكبرى، لم تعاندنا كعرب، لأنها وجِدت قبلنا في شمال غرب أفريقيا وشبه الجزيرة العربية، ونحن من هاجرنا إليها وابتعدنا عنها شمالاً حيث الأقاليم الشبه صحراوية، فمنذ عصور سحيقات، عصفت بالمنطقة العربية موجات من الحرّ والجفاف حتى تمخضت عنها هذه الصحراء القاحلة، التي كانت جنّات غنّاء، هذا بحسب ما يروي لنا المؤرخون والجيولوجيون، وهناك من الشواهد والأدلة العلمية، ما يثبت صحة نظريتهم، و لست في وارد الخوض في التفاصيل التاريخية المتعلقة بجغرافية وجيولوجية المنطقة، بقدر ما إنني أُسلم طواعية ًبأنّ هذه الجنّات بما تحمله من مواد عضوية، قد طُمِرت في باطن الأرض، لتصير فيما بعد مادة النفط الخام، التي داومت الدول الحديثة الاستقلال على استخراجها واستثمارها في الزراعة- التي يُعرَف نتاجها بأنه المادة الخام الأولى في مجال الصناعة- مكراً وعناداً في هذه الصحراء، التي عوَّضتنا نفطاً عن الماء والغلال الزراعية، لكأن لسان حالها يقول: (لا فائدة من عنادي، ها هو النفط أُخرجه من جوفي، فأحيلوه أموالاً، واعرفوا كيف تستثمرونه في التنمية، إن كنتم صادقين).
ليبياً:
الصحراء وما أدراكم ما هي، أرض المجهول وسماء الأسرار وواحات الفيء والنخيل، قال إنها "لا تنبت العشب لكنها تنبت المبادئ والقيم"، بقصد أنّ منافعها غير مادية بل معنوية، ومع علمه بهذه الحقيقة، حاول أن يُعاند طبيعتها ويحارب جيشها الذي بعديد حبّات رمالها، مُدعيّاً تحويلها غصباً عنها، إلى سهول ومروج وجنّات تسرُّ الرائين وتشبع وتبهج الجائعين، في خطته الخمسينية التنموية الشعاراتية، التي لم تنهض على أية أسس علمية ولا أية دراسة جدوى مستفيضة وجادة، بل تجاهلت حتى الحقائق المعلومة بالبداهة، إذ لا يمكن أن تحيل الأرض البور إلى خضراء في عدم وجود الماء والتربة الصالحة للزراعة، فأقام على رمالها المتحركة بعض المشاريع الزراعية الفاشلة، طبقاً لخطته الخمسينية، فضربت رياح الخماسين (القبلي) خمسينيته، كما تعصف رياح شباب ثورة 17 فبراير به بعد أربعينيته الآن، وحكمت عليها بالفشل.
على الرغم من أنّ الصحراء الليبية، تبدو جرداء ومجردة من أي مظهر للحياة فيها وعليها، إلا أنها كانت أرحم بالشعب من هذا الدّعي، وأماً رؤوم للشعب الليبي، الذي هجرها إلى المدن على الشريط الساحلي الضيق، حيث الممشى على الطرق المُعبّدة والمطعم على الطين الأحمر، لكنها لم تعامله بالمثل، ولم تتنكر له كما تنكر لها، وبادلت جفاءه واستبدلت ثمارها وخضرتها التي هي محض خيال "القذافي" على سطح أرضها، بالنفط الكامن في جوفها، كي تـُرضي ابنها الذي هجرها معتقداً بقسوة قلبها النابض والدافق بالزيت الأسود، فعاد ليقبل ثراها ويبرَّ بها.
ومن حسن حظ الليبيين، أن رزقهم الله بهذه الفيافي والبيداء، التي هي في الجنوب الليبي، كفاصل طبيعي عنيد، يمنع عنهم الأقوام الآخرين، الماكثين في وسط القارة الأفريقية، فو الله لو كانت أرضاً زراعية خضراء، لسهل على "القذافي" أنْ يحقق وعيده للشعب الليبي، بزحف الملايين عليهم كجراد لا يذر لا سائل ولا يابس، حتى في حالة تطبيق قرار حظر الطيران، فكانت كثبانها الرملية متاريس طبيعية ودُشماً عسكرية، تصدّ كل من سوّلت له نفسه المساس بنا.
بقلم : زياد العيساوي
بنغازي: 3/6/2011





6 تعليقات:

في 4 يونيو 2011 في 1:29 م , Anonymous غير معرف يقول...

يا اخي تعجبني مقالاتك و كتاباتك و لكن لا يعجبني موقعك الملئ بصور لك و هذا يعطيني فكرة عنك انك هاوي ولست من الجديين في اعمالك.
نصيحة اخوية اترك هذه الصور و عليك بصور من الوطن وما تعبر عنه مقالاتك.
وصدقني ان من الأفضل ترك صورةواحدة بدل من القائمة الغير منتهية من صورك على البحر و تحت الشجر و غيرها فهذه تدل على انك لست محترف للمجال و يعطيك صورة غير التي اقراءها من مقالاتك الشيقة و الدسمة بالمادة و التعبير الذي يفقر الكثير في ايجاده هذه الأيام
اخوك صلاح العبار

 
في 4 يونيو 2011 في 1:36 م , Anonymous غير معرف يقول...

مقال رائع شكرا

و شيل البوم الصور

 
في 4 يونيو 2011 في 2:59 م , Anonymous غير معرف يقول...

ليش الدعايات ؟؟؟ ليش هالصور اكل؟؟ تفخفيخ زايد !! البوم اليسا !!!

 
في 5 يونيو 2011 في 11:41 ص , Anonymous غير معرف يقول...

لا ادري ما مغزى هذه الصور الكثيره لك و المشكلة الادهى ان التعليقات بعيدة كل البعد عن الصوره هذه يوم تحرير بنغازي على الاقل صورة لك وسط الجموع الفرحة مع بعض الاصدقاء يرفعون علامة النصر لا اجد اي فرق في استبدال صورة مكان اخرى لأانها كلها لنفس الشخص
يا اخي مللنا من صور القائد و الصقر الاوحد و الملهم ووووووووووووووو فلا تتشبه به و اعلم ان القراء و قتهم من ذهب و ساهم في التعريف ببلادك من خلال هذه المدونه بوضع صور تاريخية للمن الليبية او التعريف بالشهداء الذين سقطوا و ماتوا لنحيا نحن و تحيا ليبيا من بعدنا
اخيرا ارجو ان تتقبل نقدي برحابة صدر و موفق مقال جميل و فكرته اجمل شكرا

 
في 11 يونيو 2011 في 11:54 ص , Anonymous غير معرف يقول...

السلام عليكم ورحمة الله
لا اعتقد ان هناك مايمنع من وجود الصور والكتابات طالما لنفس الشخص وان الكاتب لم يستعين بصور لمدن او احداث تجري على ارض الوطن لان هناك الكثير من المواقع التي تختص بعرض الصور للمدن الليبية او الاحداث التي تجري على ارض ليبيا الحبيبة .
فالمدونة تخصه لشخصه ومن وجهة نظري ان المدونة ماهي إلا دفتر يخص الشخص نفسه ويحق له كتابة وعرض اي شي يجول في خاطره طالما لا يؤذي غيره او يخدش الحياء او الادب .والملاحظ ان الصور ليس لمرحلة عمرية واحده بل متنوعه وانها تحاكي الاحداث التي مر بهن الكاتب .
وعلى العكس تماما ان عرض الصور ماهي إلا اضافة رائعه لمقالات وقراءات ولا اروع طالما انه يحمل ملامح ليبية اصيله جميله فالصور والكتابة وجهان لعمله واحده .. فهل من اعتراض ؟
اتمنى التوفيق للجميع

في امان الله
هدوء الشتاء

 
في 11 يونيو 2011 في 1:01 م , Anonymous هدوء الشتاء يقول...

السلام عليكم ورحمة الله
لا اعتقد ان هناك مايمنع من وجود الصور والكتابات طالما لنفس الشخص وان
الكاتب لم يستعين بصور لمدن او أحداث تجري على ارض الوطن لان هناك الكثير
من المواقع التي تختص بعرض الصور للمدن الليبية او الأحداث التي تجري على
ارض ليبيا الحبيبة .

فالمدونة تخصه لشخصه ومن وجهة نظري ان المدونة ماهي إلا دفتر يخص الشخص
نفسه ويحق له كتابة وعرض اي شي يجول في خاطره طالما لا يؤذي غيره او يخدش
الحياء او الأدب .

والملاحظ ان الصور ليست لمرحلة عمرية واحده بل تحاكي مراحل مر بهن الكاتب
وهن جزء لا يتجزء من حياته ككتابته تماماً .

وعلى العكس تماما ان عرض الصور ماهي إلا إضافة رائعة لمقالات وقراءات ولا
أروع طالما انه يحمل ملامح ليبية أصيله جميله فالصور والكتابة وجهان
لعمله واحده .. فهل من اعتراض ؟
اتمنى التوفيق للجميع

في امان الله
هدوء الشتاء

 

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية