المشاركات

بشـّار سوريا ونحّول لـيـبـيـا

صورة
بلغ الأمر بالدكتاتورية العربية، حدّاً من الاستبداد إلى درجة أن تحوّل بلدانها إلى ممالك من نوع آخر، مع أنها تدّعي سيادتها لدول تـُسمى جمهوريات، جاءت إثر انقلابات عسكرية فاشية، قوّضت حكم الملكيات، التي كان الفضل في الغالب الأعم لمؤسسيها في نزع حقّ الاستقلال من المستعمر الأجنبي بالتضحيات الجِسام والعصيان المدني، وبناء الدول الحديثة بما توافر لها من إمكانات محدودة، بل إنها لم تصل إلى عروش الحكم في هذه البلدان، إلا لتقدير الشعوب العربية لها واعترافاً بدورها في فكّ هذا الحقّ المغتصب من المحتل، وقد حظيّ هؤلاء المؤسسون الآباء بقدرٍ عالٍ من الإجماع ومباركة ومبايعة الرعية لها، ولكنْ بعد تنامي ظاهرة المنتسبين إلى تيارات (سيبيريا) الباردة من اليسار والشيوعية والتقدميين، عصفت بصقيعها المخيلة العربية، حتى تجمدت أوصالها وأصابت العقل والوجدان العربي بخدرٍ، شلّ تفكيرها وعماها عن الحقيقة، فاتجهت الأنظار صوب قيدوم المُنقلِبين العرب، الرئيس المصري "عبد الناصر"، الذي لم يكتفِ بخرقه للشرعية في "مصر"، بل ناصب العداء للملوك العرب كلهم، ففتح أبواب وأبواق قنواته الإعلامية، لكيل الشتائم بمنجن...

نهاية الحرب ستكون مع بداية شهر يوليو

ما تزال الحرب في ليبيا مُستعرة بين "القذافي" و(؟).. لا ليس كما توقعتم أن أكتب، فهي ليست إلا بين "القذافي" والشعب الليبي، على الرغم من دخول قوات حلف الناتو على خط النار، كأداة تنفيذية لقرار الأمم المتحدة رقم 1973، إذ أنّ ميلشيات القذافي، لم تستهدف بنيرانها إلا المواطنين العُزّل، ولم توجّه مباشرةً إلى طائرات الحلف، ولم تطل حتى بوارجه الرابضة على شواطئ ليبيا على (قرب) عشرين كيلو متر، فلا أسقط طائرة ولا أغرق بارجة، ولا قدر على إيقاع ضحايا بين أفراد هذا الحلف، كل شيءٍ كنت أتوقعه، إلا أنْ يأتي يوم علينا نحن الليبيين، نرى ونسمع فيه الغرب الأوربي وأمريكيا، يرجوان "القذافي" أن يكفّ أذاه عنا، وهو مصرٌّ على ترويعنا وتقتيلنا، بل واللحاق بنا حتى في مخيمات "تونس"، فصار الشعب الليبي في هذه الحرب، كالذراع التي يصرّ "القذافي" على ليِّها، كي يغيض ويوجع بفعلته الغرب، لكأنه يريد أنْ يصل إلى غاية معينة أجهلها، لكنها بكل توكيد هي مسعاه، وربما لا تتجاوز كونها رغبةً منه في إعطائه الأمان حال خروجه من البلاد، لا أقصد خوفه من ملاحقتنا له، فهو لا يعيرنا أية قيمة، ...

ليس جلداً للذات

عندما ثار الشعب التونسي في ثور الياسمين على حكم رئيسه المستبد، كان يعلم بأنه مُحاصَرٌ ومُحاطٌ بستارين فولاذيين لدكتاتوريتين عربيتين شرستين في ليبيا والجزائر، وتعيش حكومته وأجهزتها القمعية على دعمهما من عائدات النفط والغاز فيهما للرئيس "بن علي"، لدرجة أنّ الكثيرين اعتبروه صنيعتهما في تونس منذ عام 1987ميلادياً، ولا يمكن بأية حال، أن تتركاه لمصيرٍ هو الآن عليه- الإطاحة به ثم هروبه- إلا أنّ ذلك لم يفت في عضد هذا الشعب، وأصرّ على ثورته، ولم يستطع لا "معمر" ولا "بوتفليقة" فعل شيء لحماية رجلهما، وتركاه يتجرع كأس الهوان والذلّ، وبمجرد أن فاحت نسائم عبير الياسمين أرجاء شمال أفريقيا، وضع البعض عندنا مناديل الخوف، بل لا أجدني أبالغ إذا قلت كمّاماته، ساداً بها أنفه كي لا يتلذذ بعبقه، مفضلاً أنْ يستنشق  ما تطلقه مجارير معسكر باب العزيزية من نتانة الطغيان، بقـُمع القمع وسحّاحة السحل، حتى لا تصيبه عدوى هذه الثورة الأم، فتخطانا حتى وصل إلى "القاهرة" فسرى هذا العبير في رئة البلاد وطهرها من تلوث الطغيان الأسود الذي يسبح في سمائها، فأصيبت بمنشط الحرية الذي مدّ في أ...

بنغازي .. مدينة بياننا الأول وبيانه الأخير

صورة
إنّ النّاظر إلى حال ثورة الشعب الليبي الجارية في هذه الأيام، حتى رحيل الطاغية، تحت شعار: "الشّعب يريد إسقاط النظام"، والمستمرة بعون الله، حتى يتحقّق شعارها في المرحلة الثانية: "الشّعب يريد إحلال النظام" بإقامة الحرية ودولة المؤسسات القائمة على العدل وحقوق الإنسان، وهي آتية لا محالة، يرى في هذه الثورة تبايناً جلياً مع ثورتي "تونس" و"مصر" لكون الثورة في هذين القطرين، نجحتا في إسقاط رأسي النظامين فيهما، مع بقاء جسديهما بأعضائهما المتمثلة في رموز ووزراء الحكومتين في مراكزهم، وسيتم الإصلاح- إنْ تم- على نحو بيروقراطي بطيء ومتعثّر، قد يستمر إلى مدة طويلة، حتى يتحقّق للشعبين ما أرادا، وهذا ما تؤكده الوقائع الحادثة فيهما، ذلك أنّ ما يعرف بمؤسسات المجتمع المدني فيهما، التي رأى بعض السّاسة بأنها ستسهم في الانتقال السلمي إلى الديموقراطية، وتحويل المجتمعين من مجتمعين قمعيين إلى ديموقراطيين، لم تقوما أساساً،  على أُسّس المؤسسات المدنية الواجبة، التي تخضع للشفافية والتداول على المراكز الحساسة، بل كانت جميعها تتبع لنظامين متحايلين، حاولا أنْ يصدرا للعالم، صورة ب...

لن نقبل بغير الأفضل بديلاً

"سأستمر في عادتي اليومية، لن أقف وسأمضي غير عابئٍ بالمعتصمين، بل بالعصاميين من الثوّار، فأرقب ما يجري على مسرح الحرية.. أمضي من البركة حتى الكورنيش، فأنا معتصمٌ هناك من الثمانينيات منتظراً رياح التغيير، ألتقط ما أحبُّ بعينيّ وأدوس على قاهري، وأنشد لحن الحرية الذي أنشد".. (أنا). ******* وكالة عامة للتظاهرات غير غيره ممّن أعرفهم- الذين انهمكوا في استحداث الصحف، واستجداد الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني، الذين دوماً أخبراهم بأنني لا أحبُّ أن أكون مثقفاً إدارياً، كي لا أنشغل عن الكتابة، ولا أفكر أبداً في إنشاء جريدة جديدة، لأني أعلم بأنّ هذه المهنة صعبة وتحتاج إلى جدية، ثم أنصحهم بألا يغتروا بعدد الصحف الجديدة، فإنها ستتقلص بعد فترة، ولن تبقى منها إلا من تعمل بمهنية عالية، فالاستمرارية في هذا المجال تحتاج إلى صحفي ذي نفس طويل، رئتاه مليئتان بالأكسجين، مثل العدّاء المغربي "سعيد عويطة" لا إلى عدّاء سريع كالأمريكي (كارل لويس)، حتى يستطيع أن يركض خلف الخبر في مضمار العمل الميداني، ولا رغبة لي في أن أمثل الإعلام حتى في منطقتي كعضو من أعضاء المجلس الشعبي، ولو اقترحت عليّ أية...

لهذا جيء بالقذافي إلى السلطة شاباً

قال عزّ من قائل: {وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}. بعد انقلاب سبتمبر، كثر الجدل حول مقدرة "معمر القذافي" الصغير آنذاك-27 سنة- على إخضاع الجيش والرتب العليا من الضبّاط في المؤسسة العسكرية الملكية الليبية، وهي بلا شك مقدرة لم توفرها له موهبته العسكرية ولا الدهائية، بل كانت برعاية قِوى خارجية ولا ريب، وأصابع اتهامي لا تقبل إلا أنْ تشير إلا جنرالات إسرائيل، أو من يعمل لصالحها من الدول الكبرى- عودة لنظرية المؤامرة، التي لا مهرب منها- فهم من مكّنوه من ذلك، وأعطوه المفاتيح السرية للعبة القذرة، التي وصل بها إلى سُدة الحكم، وضمنت له البقاء إلى هذا الوقت، وكل الدلائل تشير إلى هذه الآصرة، التي تربط هذا بأولئك، وقد يكون السبب المُطِّل برأسه خلف ذلك، راجعاً إلى ما قام به الليبيون مع اليهود من عِقاب، عقب هزيمة العرب في سنة 1967 ميلادية، وهم في ذلك، قد تسنّوا بسنة رسولهم الأعظم عليه السلام في التعامل مع أهل الذمة- يهود المدينة- ممّن لا يوفون بوثيقات العهود، التي قطعوها على أنفسهم في الدولة الإسلامية، التي هم...

سيناريو النهاية .. هل سيمكن الغرب الليبيين من القذافي؟

بدايات ونهايات لكلِّ بدايةٍ نهاية، تفصلُ بينهما حكاية، تُروى بألف رواية، نجدها في صفحات الكُتب، تحتمل الصدق والكذب، والإيجاز والتفصيل، والأخذ والعطاء بالتأويل، فمثلاً: بداية الكلمة حرفٌ، ونهايتها حرفٌ آخرٌ، وما بينهما معناها، وبداية الجملة الاسمية المبتدأ ونهايتها الخبر، فهذا هو مبناها.. أما الإنسان، فيُخلـَق من العدم من نطفة أمشاج في رحم أمه، ثم تلده ويعيش عمراٌ قدّره له المُصوِّر، ثم يموت ليكون موتـُه، نهاية َالبداية في الدنيا، وبداية ًأخرى لا نهاية لها، يوم يُبعَث في يوم الحساب من رميم، ليخلد في النعيم أو الجحيم، بحسب عمله في حياته الأولى. نهاية البداية للبداية حكاية غير كل حكاية، ابتدأت في يوم الاثنين، الموافق 1/9/1969ميلادية، حفلت بأحداث جـِسام، مرّت على هذا الشعب، كأسود فترة في تاريخ الشعوب، إذ تجاوزت عمر استعمار الطليان لبلاده، وشهد فيها الليبيون، الصورة المطابقة لنهاية فترة قبلها، لِما تعرّضوا له، من تشريدٍ وتقتيلٍ وحرمانٍ وعوز، في فترة الاستيطان الفاشستي، في فصل آخر، كان بداية لنهاية حكم الطليان من جديد، بعد أنْ لاقوا على يد "القذافي" ومن لفّ لفـّه، من قليلي الشرف وم...