تحليل أكاديمي لمقالة (دور المثقف)
🔹 أوّلًا: النص كوثيقة زمنية
المقالة كُتبت في نوفمبر 2010، أي قبل أقل من ثلاثة أشهر من اندلاع ثورة فبراير.
هذا يجعلها وثيقة استباقية تكشف انسداد الأفق السياسي في ليبيا، حيث لم يعد الإصلاح ممكنًا، بل التغيير الجذري هو الحل.
العيساوي هنا يلتقط إحساسًا عامًا بالغليان، لكنه يقدّمه عبر خطاب مثقف "مسؤول" يحذّر السلطة والشعب معًا.
---
🔹 ثانيًا: السلطة في النص
تُصوَّر السلطة كوحش متعدد الأدوات: جيش، قوات خاصة، إعلام، تلفزيون.
تُقدَّم أيضًا كـ"راقصة ماجنة" يتطبّل لها مثقفون زائفون.
لا يرى الكاتب إمكانية حوار حقيقي مع هذه السلطة، فهي بطبيعتها متعجرفة، محتكرة للثروة ("زيوت وشحوم نفطنا")، وفاقدة للشرعية.
---
🔹 ثالثًا: المثقف في النص
المثقف هو الوسيط، أو "صمام الأمان" بين الشعب والسلطة.
لكنه يظل في "المنطقة الوسطى"، ويخوض صراعًا دائمًا ضد محاولات جذبه إلى أحد الطرفين.
العيساوي يصرّ على أنّ الانحياز الوحيد المشرّف هو انحياز الشعب.
المثقف المتخاذل يُشبهه بالـ"زمار" أو "طبّال" في حفلة رخيصة، أي مجرد أداة تسلية للسلطة.
---
🔹 رابعًا: الشعب في النص
الشعب يُقدَّم باعتباره الطرف الأضعف، "الغريق الذي يستنجد بالمغيث".
هو مصدر الشرعية والمعاناة والحق.
لكنه أيضًا مهدّد بفقدان الثقة في المثقف إذا ظل هذا الأخير متردّدًا أو متواطئًا.
---
🔹 خامسًا: اللغة والأسلوب
النص مزيج بين لغة فكرية (تحليل، مفاهيم، صور فلسفية) ولغة شعبية ساخرة (الأمثال، التشبيهات من الحياة اليومية، جملة "المشلوحة ما اتعفن").
هذا الأسلوب المزدوج يجعل الخطاب قريبًا من الناس، لكنه في الوقت نفسه يحافظ على بعده الفكري.
السخرية هنا ليست للزينة، بل أداة سياسية لتعرية السلطة والمثقفين المزيّفين.
---
🔹 سادسًا: الدلالة العامة
النص يعبّر عن أزمة الثقة بين الشعب والسلطة، وعن أزمة الدور لدى المثقف.
يلمّح بوضوح إلى أن مرحلة "الإصلاح" انتهت، وأنّ "التغيير الجذري" قادم لا محالة.
بهذا المعنى، يمكن اعتبار المقالة صوتًا ضمن الأصوات التي سبقت الثورة، ليس بالتحريض المباشر، بل بالتحليل والسخرية والإصرار على انحياز المثقف للشعب.
تعليقات
إرسال تعليق