الأحد، 17 أبريل 2011

معركة إجدابيا الأخيرة .. بدأت في سرت

بنغازي: 9/4/2011
يتعذر عليّ إيجاد تفسيراً واحداً، لمحدثات الأمور العسكرية، التي طرأت مؤخراً على الواجهة الليبية، وبوتيرة مُتسارِعة، جاءت على غير المتوقع، فإثر استهداف طائرات التحالف لآليات "معمر" بسيلٍ من الغارات المُكثـَّفة في عملية (فجر الأوديسا)- بقيادة فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية- التي بدأت، بمجرد أنْ وطأت أرجل رجاله- مجازاً لا حقيقة، أي من حيث الجنس لا الأفعال، فهم ليسوا برجال- الضواحي الغربية لمدينة "بنغازي" بل وولوجها إلى أحيائها، واستمرار هذه الغارات، حتى فكـَّها للحصار المُدرَّع المضروب على مدينة "إجدابيا"، ظنّ الثوّار، بأنّ الغارات الجوية، تصبُّ في مصلحتهم، وبأنها أتت بقصد تمهيد الخطوط أمامهم إلى غربيّ البلاد، فزحفوا حثيثاً، حتى وصلوا إلى منطقة "هراوة" على بعد 70 كيلو متر، من مشارف مدينة "سرت" في ظرف أيام معدودات، وكانت الطريق أمامهم وتحتهم سالكة، ومُغريَّة بمواصلة الزحف، الذي انتقل إلى مرحلة المسير، ثم الهرولة، فالعدو خلف العدو المدحور، إلا أنهم فوجئوا- فيما بعد- ومن حيث لا يدرون، بانقلاب ورجحان كفـّة الميزان لصالح عصابات العدو، بعد تراخي عمليات حلف النيتو، وبانعكاس نتائج المعركة عليهم، وسُرعان ما انكفؤوا وتقهقروا إلى الوراء، ليعود الموقف إلى مُعطياته الأولى ومربعه الأول، وهنا قصد حلف شمال الأطلسي، برئاسة أمينه العام (أندرس فوغ راسموسن) استمرار عناء الثوّار، ومن وراءهم الشعب الليبي بأجمعه، بين حذرٍ وترقــُّبٍ طويلين، بسبب حالة المراوحة، التي شهدها الوضع الميداني العسكري في الجبهة، بين منطقتي "البريقة" و"إجدابيا"، وحدوث بعض الاختراقات للمدينة الثانية، التي تـُمثــّل بموقعها الإستراتيجي، القاعدة الأمامية لمدينة "بنغازي" معقل الثوّار، على الرغم من مطالبة المجلس الوطني الانتقالي من الحلف، صدِّ هجوم كتائب "القذافي"، التي لا تنقرض، لكأنها خنافس، تخرج من تحت رمال الصحراء في موسم الفقس، وإعادة النظر في قواعد الاشتباك مع آليات "القذافي"، التي اعتمدها الحلف في الأيام الأولى، وحتى الآن.
أعلن حلف الـنيتو مؤخراً- بعد أنْ وجَّه إليه اللواء الركن "عبد الفتاح يونس" عبر المؤتمر الصحفي، انتقاداً لا لبس فيه، لأدائه المتراخي- عن عراقيل وقيودٍ كثيرة، تواجه تحركاته وتقف دون القيام بواجبه، لكنه لم يُحدِّد طبيعتها وماهيتها، والواضح أنها لا تتعلق بمسائل عسكرية، بقدر ما هي سياسية صِرفة، فمن المعلوم، أنّ القرار، يُتخـَذ في منظومة هذا الحلف، بآلية الإجماع لا الأغلبية، وهذا يُنبئ بصعوبات شائكة داخل هذه الرابطة الأطلسية، نجمت عن تردّد بعض الدول المنضوية تحت نجمته- شعار الحلف في موقعه بمدينة (بروكسل/بلجيكيا)- الغريب، أنْ يُستغَل القرار 1973 داخل أروقة هذا الحلف وكواليسه، لتصفية حسابات دولية بين أعضائه، مع أنه قرار دوليّ، والحلف ليس سوى أداة تنفيذية له، فقد حُسِم أمر القرار في الجهة التشريعية (مجلس الأمن)، ووجه الغرابة، يكمن في أنّ الدول التي كانت تمانع استصداره، ليست دائمة العضوية، ولم تـُتح لها فرصة لتطعن في شرعيته، فحاولت أنْ تمارس الضغط على قيادته عند تنفيذه، لما تتمتع به من قوة اقتصادية، مثل (ألمانيا)، وأخرى غلـَّبت مصالحها الآنية والشخصية على القانون الدولي، مثل (تركيا)، وثالثة صارت تحنُّ إلى ماضيها الشيوعي الأول، وتحالفاتها مع "القذافي" مثل (بولندا) وميلها وتعلقها بذيل الإستراتيجية الألمانية، نظراً لارتباطها الاقتصادي الوثيق مع (ألمانيا) التي بيّنتُ موقفها من هذه الضربات، ما يجعلني أخرج بقراءة واحدة، لا ثانية لها، وهي أنه بتجاهل الحلف لنداءات المجلس الوطني الانتقالي، إلى الحدِّ الذي يصل فيه إلى تعريض المدنيين لنيران كتائب الإجرام في مصراتة والزنتان وبقية أنحاء الجبل الغربي، والتلاعب بأعصاب المدنيين، من خبر قدوم كتائب الخراب التابعة للنظام، إلى مشارف المدن والقرى المُحرَّرة، يرمي إلى غاية واحدة، وهي أنْ يُعيد الثوّار حساباتهم، ويعدوا إلى المليون، قبل أنْ يفكروا- مجرد التفكير- في معاودة الكرّ نحو "سرت" وما وراءها، فحقيقة أنه ليس ثمة أيُّ تنسيق بين قيادة الثوّار وحلف الـنيتو، يعني أنه لم يعطِها أية إشارة خضراء، لتدفع بالثوّار إلى الأمام (الغرب)، وإنْ تقدّموا من أنفسهم، فسوف يتركهم لهذا المصير، أي من دون تسليح ولا تقديم العون لهم.
لذا، قبل أنْ يمضي الثوّار صوب الغرب، يفترض بهم أنْ يتركوا وقتاً كافياً، لتقوم فيه قوات التحالف بتحطيم الآلة العسكرية للقذافي، ففي تواصل وتكثيف الغارات على آليات "القذافي" في مرابضها، إشارة واضحة لتقدُّم الثوّار نحو "طرابلس" حتى من دون أي تنسيق، وإذا ما أخذنا في الاعتبار، تصريح قيادة الحلف، بخصوص أنها تمكنت في ظرف أسبوعين من بدء العمليات العسكرية من تدمير ما نسبته 30% من قوة "القذافي"، فهذا يعني إنّ ما تبقى منها، سيستلزم شهراً آخراً، حتى يتم الإجهاز عليه، حتى بالوتيرة المتراخية نفسها، فلننتظر أيها الثوّار، شهراً من الأيام، ليكون لنا رأياً مستجداً، تفرضه مُجريات الأحداث.




0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية