الأحد، 27 مارس 2011

الواحد من رهائننا بألف منهم

عاطف الأطرش
الحبيب الأمين
محمد سحيم
إدريس المسماري










بقلم : زياد العيساوي
منذ أنْ اشتعلت ثورة 17 فبراير، لمسنا سعي "القذافي" المحموم وحرصه على اعتقال المدنيين في كل مدينة، دخلت إليها كتائبه، ولو لبضعة ساعات، بعدما تـُقهقِرت منها، أمام تصدِّي قِوى الثوّار الضّاربة لها، وبعد أنْ أخرست الطائرات الفرنسية (رافال) فوهات دباباته، وأعمت أنابيب راجماته عنّا، تُرى هل سيأتي يومٌ، يجد فيه الدكتور "علي فهمي خشيم" اشتقاقاً لاسم هذه الطائرة، يكون ذا مدلولٍ وأصلٍ عربيٍّ، غير (رأفة الله)؟ وهي لعمري كذلك، فلولا رأفة الله بنا، لدكَّت مدينتنا، وسويّت مبانيها بالأرض، بعد غزوة بنغازي، التي أعدّ لها "معمر" كثيراً، وحشّد لها كل ما في مكنته، من أسلحة وشراذم، جمّعها من كل حدبٍ وصوبٍ وسوق لنخاسة المرتزقة، غير أنّ الله تعالى، لم يكتب لكتائبه، دخولها، فتحطمت قواته على أسوارها وأشجارها الغربية، بتوفيق من المنّان، وهِمّة أبطالها الميَامين الشجعان.

سعي "القذافي" لاختطاف الرهائن، يذكّرني بأسلوب نظام (الملالي) في "إيران" إبان الحرب الأهلية اللبنانية، حينما اختطف مجموعة من الرهائن الغربيين، وعلى رأسهم الأمريكان، لإجبار حكومة (ريغان) على الجلوس على طاولة المفاوضات، والضغط عليها من موقع القوة وليّ الذراع، كي تمتنع عن القيام بأيِّ عمل عسكري، وهذا ما كانت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) وقتئذٍ، تلوح به، فلقاء أرواح هؤلاء الرهائن، أراد (الخوميني) قائد ما يُسمى بالثورة الإسلامية- وهي في لـُبِّها (صفـّيونية)- أنْ يدفع بالحكومة الأمريكية، وهي صاغرة، لأجل أنْ تنازلَ عن عدة أمور، منها فكّ الارتباط بينها وبين نظام الرئيس العراقي "صدام حسين"- أثناء الحرب العراقية الإيرانية- الذي كانت تُقدِّم له، دعما لوجستياً وعوناً عسكرياً، جعل الجيش العراقي، يحرز عدة انتصارات على الأرض، في الأيام الأخيرة لتلك الحرب؛ غير أنّ "القذافي" لم يقـُم بأسر أيِّ مواطن غربي ولا أمريكي، وبمجرد أنْ يختفي أحد الصحفيين الأمريكيين، وتطالبه حكومته بالإفراج عنه، يقوم بذلك من دون قيد ولا شرط، لخشيته من الردّ الحاسم والفوري، الذي سيتعرّض له وقواته من الإدارة الأمريكية، بل ركّز على خطف المدنيين من كل مدينة، لسبب وحيد، وهو إدراكه للهزيمة التي سيتعرض لها، ولعلمه بأنه، لن ينجح أبداً في إخماد لهيب الثورة، التي أسقطت من سلطته المدن الليبية كافة، ولم يتبقَ له منها سوى معسكر (باب العزيزية) الذي تفوق مساحته البالغة 6 كيلو مترات مربعة، مساحة إمارة (مونتي كارلو) التي تبلغ مساحتها 3 كيلو مترات مربعة، ليدير من قيادته، كأمير حرب ومجرم مطلوب للعدالة، حربه على الشعب الليبي، أو ليتحول باب العزيزية إلى باب الحارة، غير أنّ العقيد "القذافي" لم يكُن في مثل أخلاق (العكيد أبو شهاب) بل هو أشبه ما يكون بشخصية (العكيد أبو النار) في الجزء الأول والثاني من ذلك المسلسل الرمضاني المعروف، أي قبل استقامته في الجزء الأخير، ولا أظنّ بأنّ "القذافي" سيستقيم، لأنه منذ البداية، قام باختطاف عدة شخصيات معروفة كالكاتب "إدريس المسماري" والشاعر "الحبيب الأمين" والكاتب "محمد سحيم" والصحفي الهُمام "عاطف الأطرش" الذي تمّ اختطافه يوم الجمعة 18/2/2011 في غفلة منا، بينما كان بصحبتي وأخيه "وديع" لدى قيامه بتغطية الاعتصام أمام محكمة شمال بنغازي، وتم تغييب أربعتهم قسرياً، ولا يعرف عن مصيرهم شيء إلى ساعة كتابتي لهذه المقالة، لذا ولعلمي بما يُخطط له "القذافي" من إجراءات استباقية، وبوضعه للاحتمالات مجتمعه، وعن مراحل قمعه لهذه الثورة، تيقنت بأن الهزيمة هي نصيبه من هذه الثورة، وما خطفه لهذه الأسماء، إلا دليل على تدبيره لمفاوضات طويلة يريد من خلالها، استعمال هذه الورقة، التي سيطلب مقابلها، تنازل الشعب الليبي عن كل ما اقترفه من جرائم- كتابياً- وانتفاء ملاحقته قانونياً، فهو من طلّاب الدنيا وأخلاقه ليست أخلاق الفارس والمناضل كما يدّعي.
عليه، فإنّ كتابنا الأربعة وغيرهم ممن لا أعرف، لأغلى لدينا من رأس "القذافي" وأعوانه، فاحرصوا على سلامتهم، لتقرّ بهم أعين أمهاتهم وآباؤهم وإخوانهم وأبناؤهم.



0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية