دور المثقف
في المنطقة الوسطى، بين قطبين أزليين وأبديين، يتموضع المثقف محايداً، وثابتاً على مبادئه وقناعاته، فيتجاذبه الطرفان، محاولاً كل منهما، أنْ يستميله إليه، فمن إحدى يديه، تجتذبه يد السلطة، بمغرياتها نحوها، أو تشدّه إليها عنوةً، وبأصابع يده الثانية، تتمسك أيدي الناس، لتكسبه في ناحيتها، وهي تستنجد به، كما الغريق بمغيثه، من دون ترغيب ولا ترهيب، اللهم إلا من عواطفه وأوردة وشرايين ضميره الدافق بإنسانيته ووطنيته، ليكون عوناً وسنداً لها، في صراعها التاريخي والتقليدي، ضد بطش و(اتيار) أدوات السلطة المتعدِّدة، والتي تتعدّد يوماً عن يوم، من جيش وقوات خاصة ووسائل إعلام خاضعة لها، بما في ذلك التلفزيون، الذي يُعد هو أيضاً من أدوات الحكم الناعمة في أنظمة الدول العربية، فهو قبل كل شيءٍ، منها وعليها وينتسب إليها، وإلا ما أحسّ هو الآخر بحجم معاناتها، فأيُّ قرح يلم بها، يستشعره في نفسه أوفي أسرته، فيتميّكن سكونه، إذ يتمغنط وينجرّ بإحدى قدميه جِهة الجِّهة، ذات معامل الشّد الأشد، حتى يتزحلق، غير أنه سرعان ما يستعيد توازنه، بقطعه لتلك الأصفاد التي تجتذبه إليها (أوصال الناس وقيود السلطة) الملتوية حول معصميه، في م...