المشاركات

سنوات التيه

بنغازي: 2/4/2011 شرقيّ مصر، في شبه جزيرة وفي شبه صحراء، تاهت بنو إسرائيل في سيناء، لأنها عصت كليم الله "موسى" عليه السلام، بعدما رحل، وحلّ بها سوط عذاب.. وتـُهنا نحن في لـُجّة سراب رمال الصحراء الكبرى، لأننا أطعنا حلافاً مهيناً.. بعدما غرق فرعون، غرقنا في أوحالِنا، أوحالاً صنعها لنا دجّال، استخفنا وأخافنا وطعننا، فأطعناه وما أطحناه.. سوَّمنا سُمَّ العذاب، فكنا بالنسبة له كما الأغراب.. كغرابُ البين، نعق بين ظهرانينا، يوم فتح فاتحه غير المُبين، وصدح صوتُ خرابـِه، ببيانِه الأول، بإيذانه الفقر علينا، فتـُهنا أربعين عاماً، ومن يعِشها لا أب وأم  لك يسأم.. تسأم الروح غطاءَها، فتنفضُه عنها، لتحلق منه إلى باريها، بعد حياة بلا حياء، شهيدة وشاهدة على ما كان.. هل مات فرعون، وماتت حكايته وعظته وخاتمته، أم لفرعون أكثر من شكلٍ ولونٍ ونهاية؟.. سمتُ الإنسان إنه عجول وملول، فعجّل اللهم، وارفع ثقل الملل والكلل والزلل والخلل والعلل من على كواهلنا، فقد كهلت منا الأجساد والأرواح.. هو نيرون من يحرقنا، هو فرعون من يخوّفنا، بالتيهِ من بعد غرقه.. نفضنا اليوم، شَعار وشِعار الخزي عنـّا، وتدثــّرنا بغض...

حذار ممّا قد سيأتي

بنغازي: 29/3/3011 من خلال متابعتي، لمجريات الأحداث على الواقع الميداني، أستطيع القول، بأنّ الغرب يسعى إلى القبول بالوضع العسكري القائم، الماضي في صالح "القذافي" بعد الهجمة الهمجية لميلشياته، وزحفها على المنطقة الشرقية من جديد، هذا الزحف، الذي ما كان ليُقدِّم عليه، لولا أنه قد تحصّل على ضمانات من قوى التحالف، بانتفاء توجيه ضرباتها إليه في الطريق الساحلي المؤدي إلى المدن المُحرَّرة، وقد توقعته في الأول، مجرد محاولة يائسة وبائسة من "معمر" لتشتيت الجهد، الذي قامت به طائرات التحالف في الجِّهة والجَّبهة الغربية، كي يخفّف من وقع الصدمة على منظومته المتمترسة هناك، وإجراءً متهوراً منه، عقِب عرض دولة "قطر" مساعدتها لتسويق النفط المُنتـَج من شرق بلادنا، فالقذافي يعلم بأنّ سلطته، ستنتهي حتى في المناطق التي يدّعي ولاءها له، وتضمحل فور فقدانه لهذه القوى الناعمة، فزحف على الهلال النفطي، بغية تأمينه وتأميمه من الشعب، مُمثلاً في الثوّار، لا من الشركات الأجنبية، وهذا ما سبق أنْ أكدت عليه في مقالة ، نشرتها عبر هذه الصحيفة، التي تحرّرت من تابوهات القمع الفكري، وكانت بعنوان ...

هولاكو على أسوار السراي الحمراء

بنغازي: 3/4/2011 السراي الحمراء مبنى تاريخي، لا يعني أية دلالة أو رمزية للجهاد الليبي، ولا يُمثـّل أيَّة هويَّة عربية ولا إسلامية، حتى يقف ويظهر "القذافي" من فوق أسواره العالية، بقبعته المُتبقيَّة من حِقبة الشيوعية المُتعفِنة- والمرهونون في ساحة الشهداء، يهتفون ويسبحون باسمه مُرغمين، ولسان حالهم المُزري، يُردّد نوبة (غيطاوية) بنغازية، مُستهزئين بمنظره: (هولك يا هولك.. هولاكو عاجبني زولك)- لأنه بُني في فترة استعمارية، تعرَّضت لها مدينة "طرابلس" إبان احتلال الأسبان، فهو في خطابه، حينما تبجّح بأنه في وسط الجماهير- مُكذِّباً خبر فراره إلى (فنزويلا) الذي تناقلته وكالات الأنباء العالمية، في الأيام الأولى لثورة السابع عشر من فبراير- وهو يعتلي أسوار هذا المبنى العتيق، ذي الرمزية الاستعمارية- كما أُتفِق- التي تـُذكِّر الليبيين بالغاصبين لبلادهم، فقد أخطأ التقدير، كما عادته، حينما حاول أنْ يُظهـِر نفسه كمقاوم عربي أصيل، لإخوتنا هناك، ولليبيين بعامة، من على أسوار هذه القلعة، وبدت لهم حقيقته شاخصة للعيان، وهو غاضب، في صورة الغاصب والمُحتـَل لعاصمتهم، ما أشعل في أنفسهم رغبة جامح...

القذافي يجرح وأردوغان يداوي

بنغازي: 4/4/2011 في هذا اليوم، يكون عمرُ مولدتِنا الثورة، قد بلغ سبعة وأربعين يوماً، أي هو اليوم، الذي تجاوز رقمه، مجموع أيام ثورتي تونس (28 يوماً) ومصر (18 يوماً) برقم واحد، ويسبق ذكرى السابع من أبريل- بثلاثة أيام- التي احتفل بها رأس النظام طويلا،ً ويلتصق بها شعار الهاتفين التافهين من أنصاره: "اليوم السابع من أبريل.. اطلع يا خفاش الليل"تـُرى هل سنستمع إليهم وهم يهتفون به في (باب العزيزية)؟، لا أظنهم سوف يجرؤون على ذلك، لئِلا يعتبرهم يقصدونه، فهو المختبئ، وهو من يمتصُّ الدماء، دماء الشعب الليبي الأبيّ، بعد هذا التذكير، ما رأيكم أنْ نمضي حثيثاً نحو موضوعنا الأصلي؟. إنّ ما يقوم به (رجب طيب أردوغان) رئيس الوزراء التركيّ، لهو دعارة سياسية مفضوحة، حينما يبدي قلقه على حال ليبيا بعين الواقع، وبعين التآمر، يُسهم في إطالة عمر شقاء أشقائه الليبيين، بمغازلته لنظام "القذافي" حدّ العشق والهوى والارتماء في أحضانه الباردة، هذه المغازلة التي تزيد من أنفاسه، وحكمُه قد بات في حُكم المُختنِق، (أردوغان) الذي طلب من "القذافي" عبر غير مكالمة هاتفية بينهما- كما صرّح بلسانه- بضرو...

في الشّاشة المربعة .. ثلاث عواصم عربية وبنغازي

هي قناة (الجزيرة مباشر) من قسَّمت ساحة شاشتها إلى أربعة مربعات متساوية المساحة ومتطابقة الأبعاد، لرصد ما يجري في السّاحات العامة، من مظاهر ثورية ومطالب شعبية، ففي المربع الأول بدت "صنعاء"، و"تونس" و"القاهرة" في المربعين الثاني والثالث، وفي الربع الرابع من مربع الشاشة الكبير، حلّت "بنغازي" بمتاريس مينائها الحجرية، وبزرقة بحرها، وزبد وهدير أمواج جماهيرها، وتلاطمها ببعضها البعض، الهاتفة للحرية والمساواة، وبخيم معتصميها المُمتدَّة على طول الكورنيش، كلٌّ بحسب رابطته ونقابته المهنية، في مشهدية متزامنة لنقل صور الاعتصامات يوم الجمعة الماضية في البلدان العربية، التي تفجّرت فيها براكين الثورات، وسالت على سفوحها، حِمم غضبة شعوبها التوّاقة للتحرُّر من دنس أنجاس القهر والاستبداد، ونجحت فيها نجاحاً باهراً، ذكرتني هذه الشاشة المربعة، بأيام الطفولة، وبأغنية في برنامج (افتح يا سمسم): "هيا انظروا، هيا اعرفوا، ما ذاك الشيء المختلف؟.. إنْ تنظروا أو تعرفوا مرحى لكم، وتلك كل القصة"، الاختلاف بدا واضحاً- ولا مراء- في "بنغازي"، لأنها حلَّت بدلاً من ...

الواحد من رهائننا بألف منهم

صورة
عاطف الأطرش الحبيب الأمين محمد سحيم إدريس المسماري بقلم : زياد العيساوي منذ أنْ اشتعلت ثورة 17 فبراير، لمسنا سعي "القذافي" المحموم وحرصه على اعتقال المدنيين في كل مدينة، دخلت إليها كتائبه، ولو لبضعة ساعات، بعدما تـُقهقِرت منها، أمام تصدِّي قِوى الثوّار الضّاربة لها، وبعد أنْ أخرست الطائرات الفرنسية (رافال) فوهات دباباته، وأعمت أنابيب راجماته عنّا، تُرى هل سيأتي يومٌ، يجد فيه الدكتور "علي فهمي خشيم" اشتقاقاً لاسم هذه الطائرة، يكون ذا مدلولٍ وأصلٍ عربيٍّ، غير (رأفة الله)؟ وهي لعمري كذلك، فلولا رأفة الله بنا، لدكَّت مدينتنا، وسويّت مبانيها بالأرض، بعد غزوة بنغازي، التي أعدّ لها "معمر" كثيراً، وحشّد لها كل ما في مكنته، من أسلحة وشراذم، جمّعها من كل حدبٍ وصوبٍ وسوق لنخاسة المرتزقة، غير أنّ الله تعالى، لم يكتب لكتائبه، دخولها، فتحطمت قواته على أسوارها وأشجارها الغربية، بتوفيق من المنّان، وهِمّة أبطالها الميَامين الشجعان. سعي "القذافي" لاختطاف الرهائن، يذكّرني بأسلوب نظام (الملالي) في "إيران" إبان الحرب الأهلية اللبناني...

أنا عبد مأمور

بقلم : زياد العيساوي في البُلدان الديموقراطية، يُشكَّل جهازاً خاصاً لحماية الحُكّام الشرعيين لشعوبهم، وفق نظام التعدُّدية وصناديق الاقتراع بالانتخابات الدورية، حسب كل بلاد، ويتألف هذا الجهاز من عددٍ محدود من الأفراد، قد لا يتجاوز العشرات، لكنه قادر على توفير الحماية له، من كل خطر أو اعتداء- طالما أنّ الحاكم، لا يتجاوز التشريعات المعمول بها- ويبقى هذا الجهاز قائماً بذاته، حتى بعد انتهاء مدة ولاية الحاكم، ليعمل من جديد على حماية من يليه، ويتولى شؤون البلاد من بعده، ويُعامل الفرد في هذا الجهاز الوقائي، بقدر ما يُعامل به، أيَّ موظفٍ آخرٍ في دوائر الدولة والوزارات الأخرى، من حيث الزيادات السنوية، وقانون التأمين والتقاعد والضمان الصّحّي إلى ما إليها من قوانين وتشريعات نافذة، فتصبح ميزانية هذا الجهاز المستقطعة من حجم الموازنة المالية لخزينة الدولة، معروفة ومُقدَّرة سلفاً، ولا مكنة للعبث ولا التلاعب بها، تحت أيِّ مُسمى ومُخوَّلٍ وغطاءٍ. أما في المنظومات الاستبدادية الحاكمة، تذهب مقدرات الشعوب على شؤون الحاكم الأمنية، حيث تُسخّر الجموع، التي قد تعادل ما نسبته 50% من معدل السُّكان أو ما يربو ...