صعب جداً

من الصعوبةِ بِمكان، أن نجدَ من نستشيره، و الأصعب من ذلك، أن نجدَ من هو كفؤاً لذلك، و الأكثر صعوبة من هذا وذاك، إيجاد شخص يكترث لأمرنا، ويأخذُ بأيدينا إلى ما نصبو إليه من نجاحٍ ورُقي، أي بمعنى، أنَّ هذهِ الصِعاب مُشتملةً، تكمنُ في عدمِ وجودِ شخصٍ تتوافر فيه تلك الصفات مجتمعة، ما يجعل من كل أمر نَُزمع الإقدام عليه، يبدو لنا وكَأنه صعبٌ جداً.

تصعب علينا أحياناً في خضم هذه الحياة و مفارقاتها بعضُ الأمور، ربما لقِلة خبرتنا بها، فلا نجد بُداً من استشارة من هُم من حولنا، مِمَّن دخلوا مُعترك هذه الحياة قبلنا، ليسدوا لنا النصيحة والرأي السديد من واقع خبرتهم بهذه الحياة.

لكنْ حينما نطلب من أحد المبدعين، في أيِّ مجالٍ من مجالات الإبداع شيئاً من ذلك، نجده يبخل علينا ولو بالنزرِ اليسير مِمَّا اكتسبه من خبرةٍ، ما ينعكس علينا بشيءٍ من الإحباط وخيبة الأمل والندم الشديد، لكوننا في يومٍ ما، قد تصورنا بأنه سيكون عوناً لنا في سعينا وراء النجاح، ونحن نخطو خُطانا الأولى نحوه، وليت الأمر يتوقف عند ذلك فحسب، بل نجده أحياناً يضع العوائق أمام سعينا، كأنْ يُشكك في مواهبنا أو يضع العثرات أمام خطانا الحثيثة، بأن يحاول نزع الثقة منا، ما يجعلنا نتساءل في قرارة أنفسنا عن سرِّ ذلك، و عن السر الذي كان وراء انتفاء مبالاته بنا، فهل يا تُرى لأنه يعود إلى الغرور، أم لأنه ردُ فعلٍ طبيعي منه لما قد حدث معه، عندما كان حديث العهد في المجال الذي صار مبدعاً فيه، وما يحدث معنا الآن ونحن حديثو العهد من جرَّاءِ لا المبالاة ممَّن سبقونا في ركب الإبداع في أيِّ مجال.

يقول الرسول الكريم عليه أشرفُ صلاة وأزكى تسليم : "لو تعلق قلب المؤمن بالثُريا لأدركها" أو كما قال، فما هو الأصعب من أن يُدركَ أحدُنا الثُريا، و هي النجوم المعلقة في السماء، أن يُدركها مرتبةً وسمواً، إلا من أخذَ بأسبابِ ذلك و هو الإيمان، فهو يحثنا على ذلك.

فعلى كل هاوٍ لأيِّ مجالٍ من مجالاتِ الإبداع، أنْ يأخُذَ بأسبابِ النجاحِ من مثابرة وإيمان بالنفس وإصرار على إدراك ما يصبو إليه، وهذا ليس صعباً.

بنغازي: 5\5\1998

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المعادلات الصعبة

نصيحتي للثوّار : لا تتجاوزوا رأس لانوف

جاء ليزرعها فدحرته وحلفاءه