المشاركات

عرض المشاركات من فبراير, 2025

شؤون كتابية

(1) الكتابة عن الكتابة بمسقط هندسي (أمامي) وبنظرة من عينيك إلي أيما نصٍّ أدبي، ستجد أنّ الكتابة كلمات تجري فوق السطور، ولم تكُن البتَّة تحتها، هذا ما أدركه تمام الإدراك، و لكنْ منَّا منْ يُطالع النصوص، ثم يضع (خطوطاً) تحت الكلمات، مُشكِّلاً لنفسه بعد ذلك من هذه الخطوط (سطوراً وهمَّية) تشغل حيزاً من الخواء الذي هو أصلاً موجود بين السطور الأصلية للنصِّ المكتوب، ليكتب عليها فيما بعد، عن موضوع النصِّ الذي قرأه، لأنه وكما يدَّعي قارئ حاذق، وليس كمثله قارئ، لكونه يعرف جيداً كيف يُطالع ما بين السطور، حتى ليجعل فرائسك ترتعد، إثر استماعك إلى عبارته هذه التي لا تخلو من حدس (بوليسي) فتتصور بأنّ ثمة من يكتب بالحبر السّري، ثم يأتي من بعده، من هو على شاكلة الأول بعدسة مجهرية، لينقب ويكتشف بها بواطن النصوص، وما إدعاؤه الذي صاغه في الحقيقة إلا مسوّغ منه، كي يجد لذاته موطأ قلم، وليقحم أنفه في الصُّحف والمجلات، والثانية هي من تُشكّل الأغلبية في نشر مثل هذه الكتابات التي يُسميها بنفسه (قراءات) ولا يجرؤ أبداً على أن يُسميها (نقديات) فهو أعرفُ بقدراته من الآخرين، الأمر الذي يحدُّ من بروز أسماء جديدة لديها ...

صعب جداً

من الصعوبةِ بِمكان، أن نجدَ من نستشيره، و الأصعب من ذلك، أن نجدَ من هو كفؤاً لذلك، و الأكثر صعوبة من هذا وذاك، إيجاد شخص يكترث لأمرنا، ويأخذُ بأيدينا إلى ما نصبو إليه من نجاحٍ ورُقي، أي بمعنى، أنَّ هذهِ الصِعاب مُشتملةً، تكمنُ في عدمِ وجودِ شخصٍ تتوافر فيه تلك الصفات مجتمعة، ما يجعل من كل أمر نَُزمع الإقدام عليه، يبدو لنا وكَأنه صعبٌ جداً. تصعب علينا أحياناً في خضم هذه الحياة و مفارقاتها بعضُ الأمور، ربما لقِلة خبرتنا بها، فلا نجد بُداً من استشارة من هُم من حولنا، مِمَّن دخلوا مُعترك هذه الحياة قبلنا، ليسدوا لنا النصيحة والرأي السديد من واقع خبرتهم بهذه الحياة. لكنْ حينما نطلب من أحد المبدعين، في أيِّ مجالٍ من مجالات الإبداع شيئاً من ذلك، نجده يبخل علينا ولو بالنزرِ اليسير مِمَّا اكتسبه من خبرةٍ، ما ينعكس علينا بشيءٍ من الإحباط وخيبة الأمل والندم الشديد، لكوننا في يومٍ ما، قد تصورنا بأنه سيكون عوناً لنا في سعينا وراء النجاح، ونحن نخطو خُطانا الأولى نحوه، وليت الأمر يتوقف عند ذلك فحسب، بل نجده أحياناً يضع العوائق أمام سعينا، كأنْ يُشكك في مواهبنا أو يضع العثرات أمام خطانا الحثيثة، بأن ي...

أفعل التفضيل

قد يأتيك أحدهم، ويُدّخلك في مماحكات أنت في غنى عنها، عندما يطلب إليك أنْ تُفاضل بين أمرين لا ثالث لهما، وأن تنحاز إلى أحدهما، فلا يُعطيك الحقَّ في أن تلتزم جانب الحياد، ما معناه بلغة الألوان، أن تختار بين اللون الأبيض أو الأسود، فإن أعلمته بأنّ هذين الأمرين على حد سواء من وجهة نظرك، اتهمك بأنك تخلط بين اللونين، عندما تقف في المنطقة الوسطى بينهما، لكأنه يُخيّرك بين الجنة والنار، فليس ثمة منطقة وسطى بينهما، يحدث هذا عندما يُوجّه أحدهم إليك سؤالاً تجد في سياقه لفظ (أفعل التفضيل) وأفعل التفضيل هو كل اسم مشتق من الفعل الماضي الثلاثي، يأتي على وزن (أفعل) مثل (أحسن) و(أفضل) و( أكثر) و(أجمل) وما إلى ذلك من أسماء مشتقه تأتي على هذا الوزن، فمثلاً قد يسألك أحدهم: من تحب أكثر، هل أخوك (س) أم أخوك (ص)؟.. فتجيبه مُبديَاً استغرابك: بأنهما يحوزان على القدر نفسه من المحبة، لكنه يسألك مجدداً ومبدياً إلحاحه: أرجوك قلُ ليّ، من تحب أكثر؟.. ولو أعدت إجابتك الأولى، فسوف يحاول أن يُظهر تفهمه لإجابتك، ثم لا يلبث أنْ يسوق لك سؤالاً آخراً باستحدام لفظٍ ثانٍ لأفعل التفضيل، حينما يسألك وقد نفد صبره: استحلفك بال...

شبه المنحرف

جرىٰ الدأبُ، حينما نجد شيئين مرتبطين ببعضهما بعضاً، أن نقول: "هما وجهان لعملة واحدة" ككناية بلاغية عن مدى ارتباطهما، وكدلالة على صعوبة التفريق بينهما من ناحية أهميتهما في أي أمر يتعلق بهما، فلا يُذكَر أحدهما من دون الآخر، ولايمكننا أن نتجاهل أحدهما، لأن كُلّاً منهما يُكمّل الأخر.  لكن الحال تختلف، فيما لو كان ثمة أمر يعتمد على أربعة أشياء، ترتبط فيما بينها برباط عضوي لا فِصام له، أي مُحكَم البُنيان، فما عسانا أن نقول لتبيين ووصف العلاقة التي تجمعهم في شكل عبارة بلاغية، فيها إشارة إلى عدم إمكانـية استقلال أحدها عن الآخر؟ فهل سنعيد تلك العبارة بتركيب مختلف، لنقول: "إنها أربعة أوجه لعملة واحدة؟ " قطعاً لن تُلاقِي هذه العبارة استحسان أحد من القُرَّاء، لأنه وببساطة من المعروف لدى الجميع، أنّ لكل عملة وجهين وكفى، وعدد ما لدينا من عناصر هو أربعة، لذا اسمحوا لنا في مقدمة هذا المقال، أن نقوم بشيءٍ من هندسة الكلمات، لأننا وجدنا في علم الهندسة ضالتنا لهذا المُراد ولكي نقول: "إنها أربعة أضلاع لمربع واحد" لأنه وكما تعلمون، بأنّ للمربع أربعة أضلاع متساوية في الطول، يقوم...

المعادلات الصعبة

نعلم جميعاً بأنهَّ لإثباتِ صحةِ أيَّة معادلةٍ رياضيةٍ، يجبُ أنْْ يتساوىٰ فيها الطرفان، أي أن يتّزنَ الطرفان الموجودان على ميّمنةِ وميّسرةِ علامةِ التساوي، وغالباً ما يشتمل أحدهما على عدة مجاهيلِ، أما الآخر، فيكون في شكل رقم ثابت ومعلوم لدينا، ولحلِّ هذه المعادلة علينا أنْ نُجريَّ عمليات حسابيةٍ على الطرف الذي توجد فيه تلك المجاهيل، جمعاً وطرحاً، ضرباً وتقسيماً، تربيعاً وتكعيباً، حتى نجعله يتبلور فيُختَزل إلى أنْ يُختصَر في شكل رقمٍ يكون مساوياً للرقم الثابت الموجود على الطرفِ الآخر لعلامة التساوي، فتصحُّ بذلك المعادلة، ولعلَّ الأخوة المهتمين بعلم الرياضيات قد أدركوا ما قصدناه من هذه المقدمة، لكنّ هناك معادلة صعبة أعيت وأجهدت الكثير من المجتهدين لإثبات صحتها، الطرف الثابت فيها ناتجٌ عن عِدة اشتراطات تتفرع من بعضها بعضاً، لتكوَّن في مُجملها المجاهيل المتمثلة في الطرف الآخر. تمرُّ على معابر مسامعنا في هذه الحياة اشتراطاتٌ كثيرةٌ في شكلِ جُملٍ شرطية، من النوع الذي يقترن فيه جواب الشرط بحرف (الفاء) مع اختلاف نوع هذا الجواب، فأطواراً يكون جُملاً فعلية مختلفة الأساليب، وفي أطوار أُخرى، يكون ج...