الجمعة، 15 أغسطس 2014

تكييف




مثل كل وأي صباح.. بكبسة مفتاح المصباح الخارجي في جهة off يتدرج تلاشي وميضه، أخرج وقبضة من بهرته ماتزال تغطي نظري بلطخة بيضاء.. أمزقها بإغماضات سريعة حتى تنكسر.. انطلق إلى الطلق بخطى متكاسلة.. تشرد أذناي بعيدا حيث أصوات زغاريد من ألسنة نار يتبعها زمجرة طائرة ميغ غبية معلقة في السماء فألعن الشيوعية ومنتجاتها الفاشلة..لا توجد صفارات إنذار في مدينتي تشعرني بقدوم الخطر ولو وجدت ما كنت خرجت.أشحن من هواء الصباح البارد شهقات متتالية.. كل ما دخل الفم من السوائل والصوالب يفطرك لكن الهواء لا طعم له ولا يمكث في الجوف.. أمعن في الاستنشاق حتى تمتلئ رئتاي ثم أزفر واستغفر واستنفر حواسي كلها.. أمر تحت شرفات عمارات سيدي حسين وقطرات المكيفات تنعشني حينما تتكتك (تك تك تك) على قطع النايلون والمقوى.. تستهويني القطرات والناس نائمون . أضبط جيدا تقدير خطواتي حتى تتقاطر على ذراعي وظهري وتتخلل شعري.. أنحني قليلا حتى تسقط منه على اﻷرض.. وتحت مكيف آخر لمحل مقفل يتناهى منه آي الذكر الحكيم ظن مالكه بأنه سيطرد الحسد.. ألملم في كفي قطرات وقطرات أمسح وأبرد بها وجهي، خطاي باتت لا تتساوى كأعرج وأنا أتصيد هذه القطرات متحسرا على انحدار التي تخطؤني منها في المجارير، يجف ريقي وتكبر الطفولة في قلبي فابتسم لفكرة بديعة "لماذا يعطش البشر وتقوم الحروب على الماء؟" أتفطن إلى فندق تيبستي إلى ميسرتي ثم أعود لفكرتي ماذا لو صنعنا في كل حي مكيفا لتبريد الهواء في حجم هذا المبنى لغرض الاستفادة من المياه التي تتقاطر منه.. يتخلل شرودي خرخشات ﻷكياس يلملمها عامل النظافة اﻷسمر النشيط الذي يهرول باتجاه عربة يقودها سائق ليبي يختفي وراء نظارة سوداء.اﻷصوات لا تندثر قد تتبخر وتتبحر حتى تناطح السماء وتتشبث بسقفها..صرت عند فوضى صيانة ميدان الشجرة ولم أر رجلا مرتجلا واحدا في المدينة غير عامل النظافة..هناك فوضى بحجم الوطن، ساتر من الزنك غير مكتمل الحلقة أو أن ثمة من سرق صفائح منه، قطع بلاط متناثرة العاشق بلا معشوق، فلم أعي ما إذا كانت مقتلعة أم جديدة غير أن مظهرها يقول بأنها مستعملة..الندى ينهمر ومعه شذرات الأصوات أسمعتني بصوت يمتشج بين اﻷنوثة والرجولة صيحات من تنادوا في ميدان الشجرة ما وقعت عيني عليه، لافتة تصارع حروفها عوامل التعرية (لا شرقية لا غربية ليبيا وحدة وطنية).. اللعنة على الزور.. بهذه الغضبة تلاشى كل شيء في عيني واضمحل.عند باب مصرف الوحدة العربية لا الوطنية، تجمهر الكثيرون يتربصون، شيوخ عجائز شباب شابات بائع منجا مصري يعرض فاكهته على عربة يد مقابلا للباب..اتكأت على الحائط حاولت كسر الرتابة والملل بفتح الإنترنيت من خلال خدمات ليبيانا عبر الموبايل لكن السهمين لم يتلونا، طويته لاعنا بوسهمين ومؤتمره.مراقب مالي محروق الوجه بعينين زرقاوين يعرض سيرة كفاحه الوظيفي التي امتدت لحقبة من الزمن ويشرح للمنتظرين كيف أن قانون المعاشات لم يتغير، والكل يسبون ويلعنون وأحدهم يقول (يا ريتهم خلوا معمر وخلاص) وهذا الشخص أعرفه كان أكثر من يسب معمر ويلعنه جهارا ونهارا غير أنه فكر بمنطق أناني إذا أنه عاش طوال سني حكمه في عوز وقد منحه القذافي قبل سقوطه بقليل منحة الثروة التي صار يتأخر موعد صرفها.في حلقة أخرى يعلو الحلف بيمين الطلاق على أن أنصار الشريعة مابرحوا بوابة القوارشة من كهل يقابله يمين آخر من آخر على أنهم اندحروا مذلولين فيما يؤكد معنقر شنته بأنه سمع أزيز ميغ في هذا الصباح.نار نار نار فوضى وحركة نتيجة أن المعنقر رأى دخانا كثيفا تصاعدت ألسنته من عمارة قريبة صاروا يركضون نحوها فيما صرخ أحدهم قذيفة ياهوووووووو.. ما لبثوا عشرة دقائق حتى رجعوا يضحكون، فسبب الدخان ناتج عن مس كهربائي أخمدته مياه مكيف تبريد..ابتسمت في نفسي وأسررت يبدو بأن مياه المكيفات لا تنفع فقط للشرب بل حتى في عمليات اﻹطفاء.(تمت).

1 تعليقات:

في 6 فبراير 2022 في 6:09 م , Anonymous غير معرف يقول...

emperor casino
Emperor casino online. The site was designed by Dmitry Grazkov and was opened in 1998. The site was designed by Dmitry Grazkov and was open to 제왕카지노 검증 all. Rating: 3 · ‎3 votes

 

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية