الاثنين، 31 يناير 2011

الجرابيع تفترش الياسمين


بقلم الموهبة : نسمة الفرجاني

تونس الخضراء كساها بياض الياسمين.. تأبطه شعبها بيد، هاتفا باليد الأخرى بسقوط النظام.. فتسلق الياسمين الأسوار والحوائط والشرفات، فأكسب مسيرته الهاتفة منظرا حضاريا جميلا في ضوء النهار .......كلنا يعلم بأن الثابت الوحيد في هذا الكون هو التغيير، فمرحبا بتغيير يكسوه الياسمين رمزا للحب والوفاء، ففي الثقافة الفرنسية رمز الياسمين إلى الرباط المقدس بين الزوجين حاضرا بقوة في حفلات الأعراس، ويعتبر رمزا للتفاؤل بدوام الزواج ومباركته ...ومن شروط عقد الزواج القبول والإيجاب وهذا ما طالب به الشعب التونسي، وهو حقه في قبول حكومة جديدة، يتم اختيارها بحرية، اتخذ شعارها بياض الياسمين ..

 
هذه ثورة الياسمين في تونس، استثار عبيرها النفاذ ارض الكنانة، فانطلق الشعب المصري حاملا الياسمين بمباركة ( كاما ) آلهة الحب في الأساطير الهندية، فهذه الآلهة كانت توقع بضحاياها من خلال ضربهم بسهام ملفوفة بزهر الياسمين، فتوقعهم في شركها واحدا بعد الآخر ...حولت كاما ثورة الياسمين إلى شرك الياسمين ...فالياسمين يحسن المزاج ويساعد على الاسترخاء والهدوء، وهو نبته محبة للضوء والحرارة ... فأين شعب مصر من ذلك؟ ..لا يتأثر بعطر الياسمين إلا من يشمه لان الجميل يحب الجمال والياسمين اقترن ذكره بالسحر والجمال ...



فبمجرد أن قام الياسمين بتسلق الأسوار العالية (النظام الحاكم ) والحوائط والشرفات (أنصار النظام) اصدر اصواتا شعبية عالية آملة إكساب ارض الكنانة منظرا حضاريا جميلا ,ولكن للأسف فبجانب الأصوات الشعبية العالية، كانت هناك أصوات فردية منخفضة جدا، لم نسمعها، ولكن الجرابيع سمعتها، نعم تلك الحيوانات الليلية الصغيرة التي تتمتع بحاسة سمع حادة، وكما هو معروف، فهي تخرج ليلا وغذاؤها يتكون من جذور النباتات وبراعم النباتات الصغيرة والبذور والحبوب، ولا تشرب الماء حتى وان توفر لها ذلك ......وتحفر الجرابيع جحورها باتجاه انحداري ليصل إلى عمق يتراوح من متر إلى مترين، ويحفر حفراً جانبية تخرجه إلى السطح، وتساعده في الهروب من أعدائه، فإلى أين تريد الجرابيع الانحدار بالشعب المصري؟



ويتكون عش الجربوع من شعر الجمل وأغصان النباتات ...فها هي جرابيع مصر، تستعمل حاسة سمعها، لتخرج من جحورها وتقتات على براعم الياسمين وتفترش زهوره ..



فيا أبناء مصر، الياسمين يحب ضوء النهار ..اغرسوا أزهار الياسمين نهارا سينتشر عبيرها ويدوم، واتركوا الليل للجرابيع ليسهل اصطيادها ...لا تخلطوا الحابل بالنابل، فيُقتلع الياسمين بحجة اصطياد جربوع هارب ..استمروا في غرس الياسمين وانتظروا التغييرات المنشودة، فمحمود درويش في قصيدته (كاما سومطرا) يقول :

 بذوق الأمير الرفيع البديع انتظرها ..ولا تتعجل فان أقبلت في موعدها فانتظرها .. وان أقبلت قبل موعدها فانتظرها .



من اجل غد مشرق وآمن وناصع البياض كالياسمين، لا تعطوا فرصة للجرابيع بجعله احمرا بدمائكم ..فلا احد يدري لعل الانتظار أجمل من اللقاء، وبما أن الطريق إلى البيت في بعض الأحيان يكون أجمل من البيت .
جملوا انتظاركم بالانتظار، فان غداً لناظره قريب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاحد الموافق : 30_1_2011









0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية