الاثنين، 17 يناير 2011

شّعرة البوعزيزي

"دزتني معلمتي على راس بصل .. طاح مني انكسر
علقتني في الشجر.. والشجر عروف عروف
مدّي يدك يا عروس.. بين النحلة والدبوس*"

تعليق: لا المعلمة أرسلت، ولا رأس البصل انكسر.

الشعرة لا تنكسر، لكنها تـُقطع أو تـُقلع من بصلتها، الشعرة تطول وتستطيل، حتى تميل على أختٍ لها، الشعرتان تتلاحمان، فتولدان مع ثالثة "ضفيرة".. الضفيرة تتضافر مع أخرى، فتغزلان جديلة، تتسامى من المسامات "جدايل" كثيرة إلى الأسفل، ملتفـّة حول بعضها البعض، فتزداد لـُحمتها، تبرق لزمن بزيت الزيتون، الذي تشربه وتشّرأبه، يمرُّ عليها أربعون عاماً وينوف، فتبّيض، لكنّ ظلها يظلّ و"َأصلها ثابت وفرعها إلى الأرض" إذاً فللشعرة أصلان ولا فرع لها، للضفيرة أصول ولا فروع لها، وبالمثل للجدايل ما لهما، وما هو ليس لهما.. إذاً بعد إذاً، فللشعرة أصل هي فيه وأصلٌ تبحث عنه، تنجذب إليه من جذرها المثبتة فيه فوقاً، إلى أصل آخر تحتاً، هو ضالتها، فما ضرّ فعل الحلاق بشعورنا، فهي تسقط، فتصل إلى حيث بُغيتها.

الخواطر هي من تنكسر، فلا ينفع معها لا جبرٌ ولا هندسة ولا حساب مثلثات، ولا حتى "السحلب".. جبرُ الخواطر مسألةٌ صعبةٌ، وينوء حلّ ضفائرها وجداول جدايلها على المتجبرين يوم الامتحان العسير.

في تاريخنا وثقافتنا: الشعرة تقصم ظهر البعير، الشعرة شعرة "معاوية" الشعرة الحد الفاصل بين العقل والجنون، الشعرة يسهل إخراجها من العجين، الشُّعيرات الساقطة من رؤوسنا على كراسي الحلاقين، تكنس من على سطح الأرض، ولا مكنة لانتشالها إصبعياً واحدة بواحدة، الشعرة تعلق فينا، وتتعلق بنا حتى آخر لحظة ولفظة، الشعرة أخر ما يبيد من أجسادنا تحت التراب، الشعرة هي من كانت صمام آمان انفجار "البوعزيزي" الشعرة هي من بإذن الله من سوف تنجيه من عذاب قتل النفس، هل منكم من فكّر، بأنه ربما قد فقد عقله وجنّ جنونه لحظتئذ، فلن يلومه الله على ما فعل، وستكتب له عملية استشهادية من طراز مُبارك؟هذا والله أعلى وأعلم بشعرته وشعوره ومشاعرنا.
"عجبت ممن ينتحرون ـ وهم بكامل قواهم العقلية والجسمانية ـ تحت وفي سحيق بئر السلم في مكان آخر، كيف يعطون سند الذريعة لقامعيهم، لأنْ ينعتوهم بالمُدمنين؟".

"عُقد**"
وأنا طفلة..ٌ
كنتُ أستجدي خالقي
كي يساعدَني
علي فَكّ عُقدة ضفيرتي
ولم أكُن أعلم..ُ
أنِّي سأدخل عالماً ً
مليئاً..
بملايين العُقَد المضفورة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*: أهزوجة شعبية بنغازية، كنا نسمعها من البنات، اللواتي تربين من صغرهن على حقيقة أنّ أفضل ما لهن هو الزواج، حتى ابّيضت شعورهنّ وأسّودت مشاعرهنّ، وقد سمعتها مرة، من فتية في غيطة شعبية يبتغون من وراءها رفع وتيرة الإيقاع.

**: ومضة للشاعرة الليبية "سعاد يونس" للإطلاع على المزيد من نتاجها، هذا رابط مدونتها "الفريكة":
http://alfarekah.blogspot.com/
ــــــــــــــــــــــــــ

1 تعليقات:

في 20 يناير 2011 في 7:32 م , Anonymous غير معرف يقول...

ش- ع – ر

شِعر واستشعار وشاعر ومشاعر وشعار وشعير ولا ننسى الشعرة

كلها مشتقة من .... ش ع ر


فالشين ..... شدة وشدائد.... أحيانا كثيرة ما تحيط بالإنسان فيلتجئ لله لتفريج الكرب فيستشعر عظمة الخالق في التقرب إليه ويشعر بمشاعر تسودها التودد والذل لجلالة الله منافيا كل الشعارات التي يصدرها ويقر بها في مسيرته الحياتية سواء إن كان على يقين بأن هذه الشعارات حقيقة أم مجرد تردد لمصطلحات وجدها بوجوده.. راجيا الخلاص من رب العباد بما يفعله العباد فيما بينهم......

أما العين....... فهو العقل الذي يرشدك للجوء لله في مثل هذه الشدائد ولا تلتجئ او تنحني لغيره ولا تستعجل بالموت في حلها وإنما حكم عقلك لا يدك. ولو أنها بدت في هذه الآونة هي السائدة تحت بند البقاء للأقوى وليس للأفضل.


والراء ... راحة البال يتحصل عليها الإنسان برضاه عن ذاته وان يقتنع بأن لكل عبد رزق من الله كتبه له منذ ولادته و لا يأخذه غيره .

اما الشعرة
فلو خمنا بأن البوعزيزي قطع الشعرة الفاصلة وانه وصل لحالة الجنون ربما..!! ولكن سيحاسب على ما مضى قبل أن يقسمها أو يقطعها والله اعلم.

رحم الله الجميع


أما أنت يا صاحب القلم الرشيق أشكرك جزيلاً لأنك جعلتنا نتحمس ونتفاعل مع اختياراتك الذكية واعذرني للإطالة .

ملاحظة ..
إذا كانت المشاركة(غير مرغوبة) فيمكنك حذفها ولكن إن حدث ذلك فلا أمانع أن ادخل للمدونة ولو للقراءة فقط.

وفقك الله وسدد خطاك ويحفظك من كل مكروه
هــدوء الشتاء

 

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية