النقطة الحرجة
في علم التفاضُل، وهوَّ أحد أقسام علم الرياضيات، ثمة بابٌ يُعنى بالمنحنيات، حيثُ يقسّمها المختصون وذوو الشأن بهذا المجال العلمي إلى نوعين، هما المُنحنىٰ المُقعَر إلى أعلىٰ والمُنحنىٰ المقعر إلى أسفل، والأول منهما، هو كل مُنحنىٰ يكون فيه اتجاه الحركة إلى أعلىٰ، أي بشكلٍ تصاعدي، ثم فجأةً يصبح اتجاه الحركة إلى أسفل، ويحدث هذا الانقلاب المُفاجئ في شكل الحركة، بعد الوصول إلى قمة هذا المُنحنىٰ، أي عند أعلىٰ نقطة فيه، وتُعرَف بالنقطة الحرِجة، التي يختلف موقعها في المُنحنىٰ الثاني عن الأول من حيث تواجدها، فهي توجد في الدرك الأسفل له، وتمثّل أسفل نقطة فيه، ويتغير أيضاً عندها اتجاه الحركة من كونه تنازلياً إلى تصاعدي، على أية حال، فما يهمنا في هذا الشأن، هو التنويه إلى النقطة الحرِجة، وما تعنيه.
وعلى خلفية ما ورد في المقدمة، نودُّ معرفة النقاط الحرجة لمعانٍ كثيرة، سنأتي على ذكرها في خاتمة هذا المقال، وذلك بعد قراءة القول المأثور: "إذا زاد الشـيء عن حـدِّه، انقلب إلى ضدّه".. لاحظ كلمة (حـدِّه) و(ضدٍّه) اللتين جاءتا في سياق هذا القول، فالمعنى الذي نستشفه منه: أنّ لكل أمر حداً أو درجةً معينة تُمثّل ذروته وأوجه، فإذا وصلنا إلى هذا الحد المُعيَّن، وأردنا بعد ذلك أن نستمر بالوتيرة نفسها، بخصوص أي أمرٍ، فسوف تنقلب بنا الحال إلى أمر آخر، ليس هذا فحسب، بل إننا سنصل بعد حين إلى أمر آخر، يُعاكسه من حيث المعنى، أي من الإيجاب إلى السلب، ما يعني من ثم، وجود نقطة حرجة يتحدَّد بها سقف الدرجة العليا لأي معنى كان، فحريٌّ بنا أن نتوقف عندها، وإلا سنجد أنفسنا ننزلق مُنحدِرين إلى أسفل، بعد بلوغ القمة، ومن دون أن ندري.
إذاً، فقد حدث نوعٌ من التوافق، بين ما جاء في تعريف مفهوم المُنحنَىٰ المقعر إلى أعلىٰ، وما ورد في نصِّ ذلك القول المأثور سالف الذكر، من حيث إنهما يتفقان على مبدأ واحد، وهوَّ ألّا نُفرط في أي أمر متى وصلنا إلى الهدف المنشود منه، وهوَّ بلوغ القمة التي هي النقطة الحرجة، ولكن هل مفاد ذلك، أن كل من حاول المُضي قُدماً في الاتجاه الذي يمكنه من جعل الآخر على دراية واضحة به، وهوَّ يسير بكل ما أوتي من قدرة على الإقناع والنصح والإرشاد بهدف الوصول إلى أعلى قدر وأسمى مرتبة في نفس الآخر، سيجد نفسه بعد حين، كمن كان يحرث في البحر، بعد أن يكتشف أنه أصبح في نظر الآخر إنسانٌ مبهماً وليس له في نفسه، إلا القدر البسيط من الحب، هذا إن لم يكُن كرهاً له؟.
إن الإجابةُ عن هذا التساؤل، إنما تتأتىٰ لنا بمعرفة النقطة الحرجة لكل من المعاني التالية: الحب، الصبر، والوفاء، التي يتوجب علينا ألا تتجاوزها بعد بلوغها، كي لا تنقلب هذه المعاني إلى أضدادها، فما هذه النقاط الحرجة يا تُرىٰ؟ وهل ثمة نقاط حرجة لهذه المعاني بالأساس؟ لأنّ هذا ما نود معرفته بحق، فهل من مُجيب؟.
بنغاري فــي: 2005.10.25
تعليقات
إرسال تعليق