المشاركات

عرض المشاركات من 2010

بقايا إنسان

"الشعب الليبي.. ما ايريح منه شي.. اللي ايودر افلوسه.. ايقولوله: ياخذن سوّك.. واللي تنقلب عليه القهوة.. واللا يتعرض لقصف عشوائي من طائر في الجو أفرغ كل حمولته.. ايقولولهم: جياّتكم افلوس.. واللي ينهبل عندهم.. يحسبوه في عِداد لمّرابطين*". وبالفعل، نحن نهذي بهذا، مع معرفتنا أحياناً، بأنّ مُضيع مالـَه وما لهُ، قد يكون إنساناً طيباً، ولا سوءاً فيه، وبه، وقد سّدد ما عليه، ونزداد هذياناً، حين تصبيره بعبارة مُلحَقة، تحتاج إلى تأكيد صيغتها، في شكل أسلوب شرطي عامي، قبل الإتيان بجواب الشرط، عند ضياع- بل- وسلب كل شيءٍ منا: "انكنهو رزق حلال؟.. توا ايرد" فماذا إذا ضاعت الحقوق والأموال العامة؟ ولم ترد لأصحابها، فهل سنغلق مخازن أفكارنا بأقفال هذا الخرف الصدئ، ونعتبر أنّ هذه الأموال، ليست من رزق حلال، ولا من كسبه؟ وهي ممّا لا مرية فيها، أموالٌ حلال زلال بنصاعة لون زُلال البيض، لأنها لا تـُكتسَب بالغش والاحتيال، وإنما بإخراجها بسيناريو وتصوير تكنولوجي وتقني معروفين، من جحيم باطن الأرض، ما يعني أنّ فرص الغش مُنعدِمة هنا أصلاً، ولا ثمة مجالٌ للعب بكُرتِه، على أرضٍ غير معشوشبة.. ونغثي بذ...

سوائل بنغازية

1 - دم: عيادة السكر، بسيدي حسين.. تعجُّ بالمرضى وترتجّ.. ولا ثمة من يحتجّ.. العجُّ القادم من كلِّ فجًّ، يتزاحم هناك، ويتراحم على حياة العمّ نِظام.. اعوجاج الأفجاج في الطوابير، بتدابير طبّية ليبية، يُفاقم من فرط حلاوة الدم الخاثر في عروقهم، من كثرة ما ارتوت به (جذورهم*) ولن تجفّ منه أغصان وبراعم (فروعهم**) حتى صرنا- وبلا فخر- بلد المليون جوال سكر مُتحرك.. العدم ينزف بتقاطر من شبابيك ونوافذ صرّافي بنك الدم (البوخوخية) المظهر.. أرصدة الدم الجامدة والمتجمدة، لا تـُودع في حساباتها، عند منسلخ كل شهر، الدّم القاني الأحمر، لا يُصرف على الأحمر- ولو بنظام فوضى الفائدة، من دون فائدة- ولا يُقتصّ من حواسيب حسابات الدم الجّاري والسّاري المفعول.. هناك يصل المُسعِف لاهثاً، منتظراً الحصول على جائزته المارثونية، فيسقط على عتباته، وفي يده صكٌّ، عليه زُمرة الدم المطلوبة، بتوقيعٍ لا يُوقِع بالطبيب في شرك شرّ أعماله وإهماله، فيصرفونه- بدلاً من أنْ يصرفوا له حاجته المحتاجة- خالي الوفاض: "لا رصيد لدينا لزُمرتك".. فيزمر قصياً عنهم.. غير أنهم، لا يُحيلون الطبيب بأنيابه إلى النيابة، بتهمة صرف صكٍّ يصطك...

دور المثقف

في المنطقة الوسطى، بين قطبين أزليين وأبديين، يتموضع المثقف محايداً، وثابتاً على مبادئه وقناعاته، فيتجاذبه الطرفان، محاولاً كل منهما، أنْ يستميله إليه، فمن إحدى يديه، تجتذبه يد السلطة، بمغرياتها نحوها، أو تشدّه إليها عنوةً، وبأصابع يده الثانية، تتمسك أيدي الناس، لتكسبه في ناحيتها، وهي تستنجد به، كما الغريق بمغيثه، من دون ترغيب ولا ترهيب، اللهم إلا من عواطفه وأوردة وشرايين ضميره الدافق بإنسانيته ووطنيته، ليكون عوناً وسنداً لها، في صراعها التاريخي والتقليدي، ضد بطش و(اتيار) أدوات السلطة المتعدِّدة، والتي تتعدّد يوماً عن يوم، من جيش وقوات خاصة ووسائل إعلام خاضعة لها، بما في ذلك التلفزيون، الذي يُعد هو أيضاً من أدوات الحكم الناعمة في أنظمة الدول العربية، فهو قبل كل شيءٍ، منها وعليها وينتسب إليها، وإلا ما أحسّ هو الآخر بحجم معاناتها، فأيُّ قرح يلم بها، يستشعره في نفسه أوفي أسرته، فيتميّكن سكونه، إذ يتمغنط وينجرّ بإحدى قدميه جِهة الجِّهة، ذات معامل الشّد الأشد، حتى يتزحلق، غير أنه سرعان ما يستعيد توازنه، بقطعه لتلك الأصفاد التي تجتذبه إليها (أوصال الناس وقيود السلطة) الملتوية حول معصميه، في م...

ع الماشي

1- بالعربي الفصيح الفاعل المنفي : 'لم ينجح أحدٌ'.. لست بسوقي لهذا الخبر، بوارد تقييم ومعالجة مسألة التعليم في بلادنا، وذلك بالوقوف عند هذه الجملة، التي دأباً ما تطالعنا بها صحفنا السيّارة والطيّارة، عند عرضها للنتائج العامة، عند نهاية كل عام دراسي، وبخاصة في المدارس الخاصة، بل إنّ الأمر أهم من ذلك بكثير، ومن شأنه إذا ما عالجناه، أنْ يختفي هذا الخبر من صحفنا وحوائط مدارسنا. لكني ما جرّرت هذه الجملة الخبرية، إلا لأني قدّ وددّت، أنْ نتفحصها بمجهر لغويّ، ففي هذه الجملة، تُعرب كلمة (أحد) غصباً وقهراً عن الإعراب والحضر، بهذه الكيفية: فاعل مرفوع وعلامة رفعه، الضمة الظاهرة والزاهرة على أخرها، في حين أنّ الفعل- فعل النجاح- لم يحدث في الأصل، وطالما أنّ الجملة منفية بـ (لم) فإنّ الفاعل- من ثم- هو الآخر منفيٌّ عملاً ووجوداً في جزيرة المجهول، ما يعني، بأنه لم يقـُم بفعل شيء ذي بال ولا أهمية، مادام لم يأتِ في إثره أداة الاستثناء (لا) مبطولٌ عمل ما بعدها، فيعرب فاعلاً، كقولنا: 'لم ينجح أحدٌ إلا رمضان'.. فـ (رمضان) هو الفاعل الوحيد. بل إنّ الفعل المنفي، قد لا يكون لازماً، كما سابقه (ي...

بنغازي مدينة نمطية

وجدتـُني من حيث لا أدري ، في حديقة الاستقلال ، فلا أعرفُ متى خرجت ، و لا كيف وصلت إليها ، جالساً لوحدي ، و بجانبي علبة ( بيبسي ) مطعوجة و مُطجـِعة على جانبها ، فتذكرت بأنني أول ما خرجت ، قد ألفيتها عند عتبة دارنا فارغة ، فركلتها ( طااااااااف ) – و أصابعي العشرة حتى البراجم في جيبيّ – و توالت الركلات ( طربااااااااف ) جاعلاً في كل مرة ( ركلة ) نقطة توقفها نصب عينيّ ، و هكذا رافقتني من البركة حتى البلاد ، و عند الرصيف المُقابـِل لجامع الحسابات ، قابلتني لافتة ( السفير ) - التي يلتهم قائمها ثلاثة أرباع الرصيف - مكتوبٌ عليها : ( دعوة لحضور الحفل الساهر ، الذي سيقام في مصيف القرية السياحية بقاريونس ، و سيحييه الفنان صلاح رخيص و الفنانة سُمية ) فقذفت العلبة إلى أعلى ( بونتة مع الصبع ) لتـُصيبَ صورة رخيص .. طرشاااااق . في خلفي ، تهجع تلك العمارة الضخمة المُتعدِّدة المكاتب ، التي لم يستفِد منها المواطن الليبي في شيء ، إذ أنها تستلم منه ملفاً إدراياً ، سعره ربع دينار ، و تسلمه إيصال استلام بالخصوص - لا قيمة له - الذي جاء لأجله ، فيضعه في جيبه ، و يعود به فرحاً ، فتمضي الأيام حُسوماً ، و هوّ يُر...

عربيّ أنا .. ليبيّ أنا .. وطنيّ أنا

والعنوان معطوفُ على (مسلمٌ أنا وثوريٌّ أنا) لا أخاف أحداً أنا، إلا ربي أنا، ولا يعنيني أحدٌ أنا، إلا وطني أنا. (6 مرات) مسلمٌ، وفي ديني الثورة أنا، أستاذي وقدوتي رسولي الثائر، على الجهل والكفر أنا، فأنا أنا، ولست سوى نفسي أنا، أحبُّ شعبي أنا، أخشى على وطني أنا، أتشرف بصُحبة أبناء وطني أنا، أغار على حرائر بلادي أنا، هكذا أنا، فلا تعيروني بقولتي: "أنا". (11 مرة) فلن أسألـُني: من أكون أنا؟ ولا أستعلي عليكم أنا، فلست ملكاً، يتحدث إليكم من برج عاجي أنا، إلا أني، ملكُ نفسي أنا، أعشق وطني، بطريقتي أنا، لست تقليدياً في حبه أنا، ولا نمطياً أنا، فليّ مزاجٌ في عشق بناته أنا، لا أنتهك حرمات حرماته أنا، هكذا أنا. (10 مرات) أكتب لقرائي بالمجان أنا، وإنْ كتبت عن وطني أنا، فلست أرتجي منكم شيئاً أنا، إلا أنْ تدعوا لوالديّ بالخير، فهكذا عرفت منهما الوطنية أنا، كيف يجب أن تكون، توارثنا الثورة على الباطل ومحبة الوطن، من زمن كان وكنا فيه أحراراً، فنحن إلى بيت النبؤة ننتسب، وإلى الحسن، شقيق الشهيد المُفدَّى، رضي الله عنهما نرتجع، وصلى الله على جدِّهما وصحبه أجمعين. (4 مرات) بركاويّ المولد والس...

ما ليّ وما لبلادي؟

لنقارن أنفسنا بالتجارب العربية المحاذية لنا في الأقطار و الأمصار العربية الأخرى، و لتكـُن مصر مثالاً - لا يُحتذى به - مع إقراري الخطـّي لكم و للمفتتنين بها من الليبيين و الليبيات، بأنها قد حقــّقت قفزات نوعية و جبّارة في مضمار الكتابة، بعد مراكمة التجارب عبر سنين طِوال، ذلك أنّ الكتابة ، ليست كل شيءٍ، فهي ليست بغاية و إنما وسيلة، و إلا تحوّلنا إلى كتبة عموميين، نبيع الكلام المكتوب في قراطيس، كما أنها ليست الدواء، الذي يسحر أوجاعنا فيشفيها، مع اعترافي، بأنها تخفـّف عنا شيئاً قليلاً من حِدة الألم، خصوصاً عند تلك الشريحة، التي و هي تطالعها بعيونها، تتحنّط عندها لغة العقل و الضمير الإنساني، وتقرؤها بمراءٍ مُغمضَة، وتذر لعيون الرقيب الذاتي، السطور كلها، فتكتفي بالابتسام من أوجاعها، حينما ينغص عليها رقيبها الآلي، ليلتها المراهقة والمُرهـِقة، خوفاً ورعباً على نفسها، لأنها قد ارتكبت جرم المعرفة، ولا ينال الكاتب من خشيتها عليه، ولو النزر اليسير من رجفات أوصالها، التي تخشّنت بفعل القسوة، فلم تصل قريباً ولا حبيباً، واصطكاك ضروسها - ليس شعوراً بالبرد، فهي تنعم بحرارة لافحة، إذ أنها تقرؤها في الس...

ضد الطبيعة

' نحن قومٌ ، نتناسب و نتصاهر عكسياً مع الزمن ، مع ثبوت الفساد و الاستكراد ، حتى نتلاشى ' من دون أنْ أتظاهر بالوطنية ، سأتظاهر اليوم في شوارع المدينة ، بنفسي ، فلست في حاجة إلى النقابات و الروابط المهنية و رابطة الكتّاب و الأدباء ، و لا إلى ما إليها من جهات رسمية أخرى ، فأساساً ، لست منضماً إلى أية واحدة منها ، و سأحمل لافتة مخطوط ٌ عليها : ( اسم الله علينا .. و يا ناري ع الغوالي .. و فرقتْ حالنا ) و ما إليها من عبارات أخريات ، قد سمعتها من عجائزنا المباركات ( المدروشات ) .. لم أهتف ، بل جعلت هتافي ، دندنتي لهذه الأغنية ، التي تتناسب طردياً ، مع ما هو مكتوب في لافتتي ، و تندغم معه إلى حدّ الطرب و الوجد : ' يا عيني ع المحبة .. و ع الناس الطيبين اللي ذايبين محبة .. ما بين شوق و حنين اللي امفارق غوالي .. و اللي سهران ليالي .. يستنى في الغايبين * ' تفصلني الآن ، مسافة عشر خطوات عن مبنى الباستيل ( البحث الجنائي ) المقابل لمدرسة شهداء يناير الثانوية ، و تمضي أمامي عجوز بصُحبة كريمتها ، و هناك شرطيان واقفان أمام مدخل هذا المبنى الإيطالي القديم ، يحرسان ب...

بنغازي مدينة صيفية

' أنا من الكائنات الحيّة ، التي تنشط في فصل الصيف ، لكني لست طـُفيلياً ، و لا بكتيرياً ، و لا طـُحلباً أخضر ، كطحالب مستنقع الكابترانية ' . 'الدجاج هو الكائن الحيّ الوحيد ، الذي لا يغتسل بالماء ، لكنْ بالتراب ، فهو الوحيد الذي يعرف حقيقة ، أنّ بنغازي مدينة صيفية'. ' الأطفال أيضاً ، لا يحبون الاستحمام بالماء ، فهم يصرخون عند ذاك ، ملء أعينهم ، لكنهم يعشقون اللعب بالرمال ، عند شاطئ البحر ، و يبغضون و يخافون العوم فيه ، إذن هم أيضاً يعون حقيقة ، أنّ بنغازي مدينة صيفية ' . دقــّت الساعة ، رنّ جرس الباب ، خفق القلب ، اضطرب الوجدان ، شعرت بالقلق في قلبي يخترق ، و بإحساسي يعتنق ، خرجت من الباب الخلفي مسرعاً ، لست خائفاً ، لكني أهاب الأخبارة غير السَّارة ، كان الطقس حاراً ، الكل مختبئون في بيوتهم ، لتحميهم من رياح القبلي ، مدى الرؤية ، مترٌ واحدٌ فحسب ، مدّدت يُمناي أمامي ، مثل عُكـّاز جدّي ، الذي ورثته عنه ، و لم أرَه ، و صرت أمشي ، كما أعمى ، لم يعـِش في عهد الفاروق رضي الله عنه ( لا خادم له ) و يُسراي أضعها على فمي ، كمصدّة للرياح المُحمَلة بحُبيبا...