الخميس، 14 سبتمبر 2017

كلينكس


حذائي الأسود تعفّر بالتراب الأبيض، وأفل بريق لمعته، لم أجد منديلاً في محل قريب، دخلت إلى مقهى صادفني، طلبت إلى النادل طرف (كلير) ناولني إياه بدينار من غير منديل، كنت ابتغيه من وراء دخولي، لأن الكيس نفد من محتواه بحسب قوله، ولم يجد فيه ورقة واحدة.
صرت بحاجة إلى قطعتي منديل، فقد تلطخ أنفي بالشيكولاتة و(شنابي) بكريم الكلير، فكرت في أن أمسحهما بطرف كم كنزة القطن التي أستر بها صدري، غير أني تذكرت صديقي بوعجيلة وهو يفعل هذه الحركة المقزّزة، صرفت هذا الخاطر وجلست في مكاني، وضعت رجلاً على أخرى، وكم كان المنظر سيئاً، وأنا أمعن النظر إلى حذائي، الحاجة وليدة الاختراع وكم كنت في مسيسها إلى منديل، ضمّمت يديّ على ركبتي، وجعلت شيئاً فشيئاً أدنو بوجهي من الحذاء، فكرت في أن أمسح أنفي و(شنابي) في عنق الحذاء وأتخلص من هذه اللطخة باللقطة هاته.
لا علي،ّ فلست أكترث بأحد في أيِّ تصرف أقدم عليه في حياتي ولا أقيم لغيري وزنا،ً مادمت مقتنعاً بما أفعل، فكل أفعالي مدروسة وتخضع لمراجعة ذاتية، لكن تلاقي الأنف بالقدم أكثر استحالة من تصادم متوازيين.
أين ذهبت المناديل؟
قطعة الكلينكس كفضائح ويكليكس، على جنبات الطريق، ثمة مناديل ملوثة كثيرة ملقاة وقد ذهبت نعومتها، منها ما مسح الأنف أو الجبين أو العيون أو أصباغ الماكياج بعد انتهاء لزومه، وبها أيضا بقع من دم لايزال لزجاً وكراته الحمراء تنطّ، مثل نطّ أصحابها المحتفلين باليوم العالمي للأرض يوم أمس، لا شك في أن قطع المناديل كانت البارحة كثيرة تحتهم وأحذيتهم نظيفة وبرّاقة، غير أنها مُبتلة بعرق ندهة الجبين من خزيٍ قد أحدثوه.
هذا العرق الفاسد والمتفصد من جبين كل واحد وواحدة منهم، كان كفيلاً بمسح حذائي، ولم أجد قليل حرج عندما تخلل طرف لساني الشنابات. وتركت أرنبة أنفي وقد قست عليها لطخة الشيكولاتة كشامة أو حسنة أو سيئة لمن يراها وفعلة بوعجيلة تصارعني.

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية