الاثنين، 15 أغسطس 2011

لا مصلحة لشعبنا في استعداء الجزائر

دعونا نلملم جراحنا ونكفكف دموعنا وندفن موتانا ونتفرغ لزفاف شهدائنا الذين سقطت جثامينهم وصعدت أرواحهم الزكية إلى بارئها، أعطونا الوقت الكافي لنخرج بلادنا من هذه الكبوة التي وضعنا فيها نظام الفا(ض)ـح من سبتمبر، ذرونا نحصي خسائرنا ونرتب بيتنا الليبي، قبل أن نخوض في أية مستنقعات إقليمية أخرى قد نغرق فيها، ونحن لسنا على استعداد للخوض فيها، بل في مسيس الحاجة لأن نلتقط أنفاس الحرية ونجمع قطرات دمائنا الطاهرة ونخفف من حجم ووجع المأساة على ضحايانا، ليلتفت كل منا إلى مصالحه الشخصية والوطنية وتفقد أخوانه وما يعوزهم، هذا ما أستوجبه في هذه المرحلة التي نحن فيها، وما أطالب به كل مسؤول ليبي محسوب على الثوّار، قد ينصرف إلى كيل التهم وتهديد النظام الجزائري المتورط والمتواطئ مع نظام القذافي، بدعم ثورة الشعب الجزائري- المتفائل بيوم (17)- المزمع تنظيمها في يوم 17 سبتمبر 2011، من باب التشفي في هذا النظام الذي ساند نظام القذافي حتى اليوم بالدعم اللوجستي وبالمرتزقة الذين لو لم يقُم بالإشراف على إعدادهم وإرسالهم، فإنه وبلا شك قد أغمض عينيه على دخولهم إلى بلادنا وسهله عبر حدوده الممتدة معنا، وبالسلاح الذي ابتاعته كتائب القذافي لتعويض النقص الذي لحق بها نتيجةً لاستهدافها بطائرات حلف النيتو، بعشرة أضعاف ثمنه الأصلي.
إنّ مثل هذا التصريح الذي أطلقه بعض مسؤولينا الذي تنفس الصعداء وأحسّ بأن يوم نصر ثورتنا بات قريباً، لينتقم من النظام الجزائري الذي أقرُّ بتواطئه مع القذافي، وهناك من المستندات والوقائع ما يؤيد هذا القول وهي في حوزة مجلسنا الانتقالي، فمثل هذا التصريح غير المسؤول، قد يدفع بالنظام الجزائري إلى الدخول على نحو سافر وبكل ما يملك وأوتي من قوة في ناحية نظام القذافي المنهار، وإذا استبعد البعض حدوث هذا الأمر، فليحذر من دخول الجزائر كحكومة بثقلها في الشأن الليبي بعد نجاح ثورة 17 فبراير بالقضاء على حكم الدكتاتور، بحجة أنّ هذا التصريح الأحمق يستهدف الاستقرار في هذه الدولة الجارة الكبيرة، ويعد مساساً صارخاً بالشأن الداخلي لها، فالنظام الجزائري نظام قوي يعتمد على الناحية الأمنية والاستخباراتية وتسوده فرقة من الجنرالات التي لا تتورع في القيام بأي شيء ترى فيه ضمان بقائها على هرم جبال أطلس السلطة في هذه البلاد، ولعلّ ما جرى عقب الانتخابات التي ألغيت نتيجتها في تسعينيات القرن العشرين لشاهد على قبح هذا النظام وإجرامه حتى في حق شعبه، لذا لا أظنه سيتورع ويرعوي لفعل كل ما من شأنه أن يحفظ له استئثاره بالسلطة، وقد أعطى من هو على استعداد على استعداء الجزائر كحكومة من رجالات المجلس الانتقالي الحجة لتبرّر لأي فعل مشين قد ترتكبه في داخل الأراضي الليبية، وقد يأخذ هذا  الفعل شكل تأييد فرقة دون أخرى أو العمل على زعزعة الأمن والاستقرار في دولتنا الجديدة التي نتطلع إلى أن تكون دولة ديموقراطية وتعددية، وذلك بالأعمال الإرهابية خصوصاً وأن الحدود بين بلدينا تمتد لمسافة تسعمئة كيلو متر سيكون من الصعب على دولتنا التي تفتقد للإمكانات السيطرة عليها.
ولنا في التدخل الإيراني والسوري في العراق المحتل درسٌ جيداً لكيفية العمل الاستخباراتي، فكلا الدولتين قامتا بالعمل على تهديد الاستقرار هناك بالأعمال الإرهابية وتبني الجماعات المتطرفة باستمالتها مالياً أو مذهبياً، لتعطيل نجاح العمل الديموقراطي في العراق، بقصد جعل العراق بؤرة توتر ولتأخير التدخل الأمريكي فيهما بعد إعلان الحكومة الأمريكية بأنّ لها روزنامة وأجندة بعيدة المدى تهدف إلى خلق الشرق الأوسطي الجديد الذي ستسلم سيادته لما يسمى بدولة إسرائيل، في الوقت الذي أعلنت فيه أن دولة إيران من ضمن محور الشرّ، وقد أخطأت إدارة الرئيس الأمريكي (بوش) الأبن المزهو حينذاك بانتصاره على "صدّام حسين" بتلك التصريحات التي ألقاها على مسامع العالم، فأعطت الذريعة لنظام الملالي في طهران الفرصة، ليرتكب ما ارتكب من جرائم في حقّ الشعب العراقي المصدوم في احتلال بلاده.
لقد لعب النظام الجزائري على استفزاز الشعب الليبي بالنيل من ثورته وشهدائه بأقذع السباب على لسان وزيره (بلخادم) وزمرة من رجال استخباراته الذين يتصلون بقناة الجزيرة ويشككون في عدالة قضيتنا، لكني لا ألقي باللوم على نظام قمعي كهذا صار بين فكي ثورتين في تونس وليبيا، بل أضع كل حمله على الشعب الجزائري الذي لم يثـُر بل لم ينتفض حتى في مظاهرات كبرى تندد بموقف حكومته المخزي، على عكس الشعب السوري الذي انتفض ضد حاكمه بمجرد أن أعلن تأييده لقمع الشعب الليبي بآلة الكبح القذافية، فصرف نظر حكومته المجرمة عما يجري في بلادنا وانشغل بالثورة التي تضرب أركانه، على الرغم من يقيننا من مؤازرة الشعب الجزائري لنا، مثلما أي شعب آخر في العالم ولو كان في جزيرة (جريلندا) بالقطب المتجمد الشمالي، فالشعب العربي الجزائري مازال هو الآخر مجروح من تلك الحرب التي أودت بحياة مئتي ألف قتيل، ولم يخرج من أحزانه بعد.
لنكن حصيفي الرأي ونعمل كما الشعب التونسي الذي لم يقم بأية خطوة عدائية لا اتجاه نظام القذافي، الذي حاول مراراً أنْ يتصيّد الذرائع التي تبدو له في الأفق كما الذباب وهو جالس على كرسيه المهتز في باب العزيزية، للتدخل في الشأن الثوري التونسي، فلم يجد إلا واحدة، وهي ما صرّح به بشأن خوفه من تدفق اللاجئين التونسيين على بلادنا وإذا بالشعب الليبي هو من يلتجأ إلى تونس، فعلى الرغم من كل تدخلات القذافي في الشأن التونسي واستخفافه بثورته، إلا أن التونسيين لم يقيموا أي اعتبار لاستفزازاته الوضيعة، ثم أليس غريباً انتفاء قيام حكومة الجزائر بأية محاولة للنيل من الثورة التونسية لا في السر ولا في العلن، ربما لأنّ الثورة التونسية عرفت أنه ليس في مصلحتها استعداء هذين النظامين الكبحيين، فليس من الحكمة والحنكة السياسية خلق الأعداء على أكثر من جبهة، فيكفيهم عدوهم بالداخل الذي كان يمثله نظام زين العابـ(ر) ين بن علي.
سوف لن يكون الشعب الجزائري عاجزاً عن الثورة والوصول بها إلى غايتها المتمثلة في إسقاط النظام الدكتاتوري الذي كان له معه أكثر من مجابهة دامية، ويكفي مسؤولونا أن يتركوا أمر تأييد الثورة الجزائرية إنْ بدأت للشعب الليبي، الذي سوف لن يقف مكتوف الأيدي بمساعدة أخيه الجزائري بتقديم الدعم الإنساني وبرفع الشعارات المؤيدة له في ساحات التغيير بمختلف المدن الليبية، وكذلك للمثقفين الذين سيترجمون مؤازرة شعبنا لشقيقه في الجزائر.
بنغازي: 15/8/2011  
صفحة الكاتب على الفيسبوك:
http://www.facebook.com/profile.php?id=100002322399992


3 تعليقات:

في 15 أغسطس 2011 في 2:12 م , Anonymous غير معرف يقول...

روى البخاري في صحيحه عن زيد بن وهب قال: سمعت عبد الله قال: قال لنا رسول
الله صلى الله عليه وسلم: (إنكم سترون بعدي أثرة وأموراً تنكرونها قالوا: ما تأمرنا يا رسول الله قال: أدوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم (

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( سيكون بعدي أمراء فتعرفون وتنكرون فمن أنكر فقد بريء ومن كره فقد سلم . ولكن من رضي وتابع " قالوا : أفلا ننابذهم بالسيف ؟ قال : لا ما أقاموافيكم الصلاة (رواه مسلم


وعن وائل بن حجر رضيالله عنه قال : قلنا يا رسول الله : أرأيت إن كان علينا أمراء يمنعونا حقناويسألونا حقهم ؟ فقال : ( اسمعوا وأطيعوا . فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم

قال ابن بطال كما في " فتح الباري " لابن حجر رحمه الله ( 13 / 9 ) : ( في الحديث حجة في تركالخروج على السلطان ولو جار، وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلبوالجهاد معه وأن طاعته خير من الخروج عليه لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء، وحجتهم هذا الخبر وغيره مما يساعده ، ولم يستثنوا (

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في منهاج السنة في معرض كلامه عن ذلك ما يلي :

ولهذا كان المشهور من مذهب أهل السنة أنهم لا يرون الخروج عن الأئمة وقتالهم بالسيف وإن كان فيهم ظلم كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم لأن الفساد في القتال والفتنة أعظم من الفساد الحاصل بظلمهم بدون قتال ولا فتنة . فلا يدفع أعظم الفسادين بالتزام أدنا هما ولعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان إلا وكان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته ) .
منهاج السنة النبوية

و قال عبادة بن الصامت: رضي الله عنه دعانا النبي صلى الله عليه وسلم،فبايعناه، فقال فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهناوعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لاننازع الأمر أهله إلا أن ترو كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان» و في حديث أم سلمة رضي الله عنها مرفوعاً: «ستكون أمراء فتعرفون و تنكرون فمن عرف بريء ومن أنكر سلم ولكن من رضي و تابع. قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: لا ماصلوا

سأل سلمة بن يزيد الجعفي رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم،فقال : يا نبي الله أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا ، فماتأمرنا ؟ فأعرض عنه ، ثم سأله فأعرض عنه ، ثم سأله في الثانية أو في الثالثة فجذبه الأشعث بن قيس ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اسمعوا وأطيعوا ، فإنماعليهم ما حملوا ، وعليكم ما حملتم ) رواه مسلم

 
في 15 أغسطس 2011 في 2:12 م , Anonymous غير معرف يقول...

يا من صافحوا اليهودي برنار هنري ليفي
يا من قالوا بارك الله النيتو
يا من يصلي الجمعة و علم أمريكا بريطانيا فرنسا فوق رأسه
لا تتدخلوا في شأن غيركم

تحيا الجزائر و تحيا ليبيا الحرة الأبية

 
في 1 سبتمبر 2011 في 10:43 م , Anonymous غير معرف يقول...

نقول لك كلمة واحد:
- الجزائر وقفت على الحياد وتركت الأمر بينكم.
- الجزائر عانت من القدافي الويلات
- الجزائر حلت وستحل مشاكلها فيما بينها.
- الجزائري عايش حر "النيف والخسارة" . ولا ايجي أجنبي يحكمني أو استقوى به.
- الذي ليس له خير في أهله فكيف يكون في الغريب
- من فضلكم أخطونا وابعدوا عنا.
أتمنى للشعب الجزائري والليبي الحرية والعيش الكريم والأمن والاستقلال.

 

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية