الأربعاء، 10 مارس 2010

لا تراهنوا على الفارسين التركي و الإيراني

لعلمهما بأنّ العرب في شوق ٍ دائم ٍ و مستمر ٍ ، لذلك الفارس الهُمام ، الذي يمتطي صهوة جوادٍ لا كبوة له _ بعكس القول المأثور :" لكلِّ جواد ٍ كبوةٌ " _ لينتشلهم من كبوتهم ، التي طالت ؛ ها هما الفارسان ، الإيراني ( نجّاد ) و التركي ( أردوغان ) يمتطي كل منهما الصهوة التي ارتأها الأسرع وصولاً به إلى شِغاف قلوب العرب ، و لعلمهما أيضاً بشيءٍ من شيّم و قيّم ذلك الفارس المنتظر _ الذي تراه كل صبيّة فلسطينية و عربية في منامها بأسماله البيضاء و بملامح الرجولة التي ترتسم على محياه ، و تنضح من أفعاله الكريمة ، من خلال ما وصل إليهما من كتب الأدب العربي ، الذي انتشر في ( فارس و بيزنطة ) بعد الفتح الإسلامي _ ذرف مرشد الأول ، آية الله العظمى ( علي خامنئي ) دموعه ، حتى ابتلت لحيته البيضاء ، كما رأيناه على شاشات القنوات الفضائية ، حزناً فيما يبدو على الضحايا من فلسطيني القطاع المنكوب ، و هو القاصر و العاجز عن فعل شيءٍ ذي بال ، و على بال تلك المراهقة الفلسطينية من خصال ذلك الفارس المـُبتغى ، غير دموع الحنان و الرأفة ، التي قد تجود بها أية امرأة رؤوم و رؤوف عليها ؛ لقد امتطى الفارس الفارسي الصفوي _ و لست أقول الشيعي ، لأنّ المذهب الشيعي هو بالأساس منتج عربي و لا أصل و لا صلة له بالفرس ، و لو أردنا أن ننسبه إليهم ، فعلينا على الأقل ، أنْ ننعته بالمنحرف و الضال _ ظهر القضية الفلسطينية بالخطب العصماء و الجوفاء الملهبة لحماس العرب و إثارتهم ، لأنه مُدرك لطبيعة اليعربي و ولعه بأسلوب الخطابة ، و غاية ما هناك ، من خلال الدعاية و التسويق للتشيع الذي يعصف بالمنطقة العربية الآن ، بعد سقوط العراق ، الذي كان حائط َ صدٍّ ، ضد المشروع الصفوي العرقي من خلال الإدعاء برمزية المقاومة ، لا برفع لواء العامل المذهبي ، الذي يؤمن ساسة ( إيران ) بحتمية فشله ، كما يؤمنون به عقائدياً ، فكيف نفسر ، أو بالأحرى ، كيف يفسر لنا مرشد الثورة الإسلامية في ( إيران ) ممانعته لعملية التطوع للجهاد بـ ( فلسطين ) و خاصة في ( غزّة ) التي دعت إليها بعض الجهات هناك ؟ .
فعلى العرب ألا يراهنوا على الفارس الفارسي ، الذي لم نرَ له أية صولة في ميدان القتال الدائر الآن في قطاع ( غزّة ) بل رأيناه يجول في ساحة الاقتتال الطائفي بالعراق _ بعد أنْ ساعد في احتلال ( أمريكا ) لدولتين إسلاميتين ( أفغانستان و العراق ) و كلتاهما تحدُّ بالجمهورية الإيرانية _ و المزايدة على العرب فقط ، فلا قام بمناصرة حركة ( حماس ) التي يدّعي بدعمها _ و هي ذات المنشأ العربي في الداخل الفلسطيني من دون أن يكون لـ ( إيران ) أيُّ دور فاعل يُذكرُ في تكوينها _ بالسلاح و لا بالأفراد ، و لا شارك هذا الفارس الآتي من هذه البلاد المعزولة دولياً ، على الأقل ، حتى في محاولة الوصول إلى حلٍّ سلمي ، قد يساعد في تخفيف حجم المعاناة و المأساة ، و وقف نزيف الدم الفلسطيني ، بإنهاء هذه الحرب الدائرة و غير المتكافئة ، إنْ كان يملك شيئاً من الحنان الذي انهمر من مُقلتي مرشد ثورتها ، في صورة دموع ٍ سخيَّةٍ .
أما الفارس التركي ( أردوغان ) لا أراه في صورة الفارس الذي يراهن عليه بعض العرب ، و لا في حجم الخطب الرنانة التي يصرح بها بين الحين و الآخر ، لأنه لا يملك من أمره شيئاً ، لكون بلاده تحالف الصهاينة ، الذين يستعدونها على العرب ، و لعلّ استهداف ( سوريا و العراق ) من خلال الحدِّ من جريان مياه نهري ( دجلة و الفرات ) لدليل ساطع و كاف ٍ على مدى استظهار ( إسرائيل ) بـ ( تركيا ) على العرب ، فأنّى لهذا الرجل المُقيَّد بهذه العلاقة غير الشرعية مع عدوة العرب و المسلمين ، أنْ يكون حازماً مع الصهاينة ، و قد أُقحـِمت بلاده في اتفاقيات كثيرة معها ، و خصوصاً في المجال العسكري ، الذي وصل إلى درجة عقد التحالفات و إقامة المناوارات العسكرية بين الجانبين في شتـّى مجالات و أنواع السلاح ، البري و البحري و الجوي و البرمائي و المجوقل ، فتارة تقام هذه المناورات العسكرية في تركيا ، و تارةً أخرى ، على القواعد الإسرائيلية ، مع علم الأتراك شعباً و قيادةً ، بأنّ هذه القواعد تنهض على الأراضي العربية المحتلة ، بما فيها مدينة ( القدس ) الشريف ، التي أربأ برئيس وزراء لحكومة إسلامية الهوى _ لدولة يشكل فيها الإسلام الدين و المعتقد الأول و الطاغي ، لما يناهز التسعين بالمئة من تعداد سكانها _ أنْ يقبل بهذه المناوارات ، و يُقبِّل عليها ، مع كيان يغتصب مدينة ، يُفترض بأنْ تعد لديه قدس الأقداس ، كما عند أي مسلم بسيط ، و يجب ألا ننسَ أنّ هذا الفارس ، يجيء من بلاد ترتبط ارتباطاً عضوياً بعلاقة تحالف مع دول حلف ( التانو ) بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية _ التي تناصب العرب و المسلمين العداء من خلال حتى دعمها لإسرائيل ، التي يدّعي (أردوغان ) بتهديدها _ و التي ضربت العراق في حرب الخليج الثانية بالمنقبلات الاستراتيجية ، انطلاقاً من قاعدتها المتقدمة ( انجرليك ) الرابضة و الرابخة على الأرض التركية ، لقد صار التوجه الإسلامي في تركيا شيئاً من إرث الماضي البغيض ، في نظر معظم طليعة الساسة الأتراك ، خصوصاً بعد انتهاج البلاد لمنهج العلمانية في السياستين الداخلية و الخارجية ، الذي اختطه لهم ( مصطفى كمال أتاتورك ) باني تركيا الحديثة كما يلقبه البعض .
و لنا في سطوع نجم رئيس وزراء تركيا الأسبق ( نجم الدين أربكان ) زعيم حزب ( الرفاة الإسلامي ) المُنحَل ، مثالاً ، لتخلي الأتراك على النهج الإسلامي و تبرئهم منه ، فلما نادى هذا الزعيم المقال و المطاح به ، بأنْ تتجه بلاده كخيار ٍ استراتيجيّ نحو جمهوريات أسيا الوسطى المسلمة و المستقلة ، التي كانت تسبح في فلك الاتحاد السوفياتي ، كفضاء طبيعي و حضن جغرافي لها ، و للوشائج العرقية و الأواصر الاجتماعية ، التي تجمعها بهذه الجمهوريات ، المتمتعة باحتياطي كبير من النفط و الغاز ، ذلك بعد أنْ قنط من سياسة التسويف و المماطلة من جانب الاتحاد الأوربي ، التي لم تتقدم باتجاه ضم بلاده إلى مجموعته ، فواق ناقة ، فثارت ثائرة المؤسسة العسكرية عليه ، و أسقطته من الحكم و حلـّت بعد ذلك حزبه ، ذا التوجه الإسلامي ، مثلما ثار بعض الأصوات السياسية في ( تركيا ) اليوم على تصريحات ( رجب طيب أردوغان ) النارية _ و هو ينتقد ( إسرائيل ) الظالمة ، و يذكـّرها بأنه حفيد سلاطين الإمبراطورية العثمانية الإسلامية _ معتبراً إياها ، بأنها لا تصب في الصالح التركي و ستعثـّر مسيرة التقدم نحو الغرب و العلمانية ، التي دأبت القيادات التركية المتعاقبة نحوها ، منذ فترات مديدات ، للحدِّ الذي جعلها تقترب من ( إسرائيل ) و تعترف بوجودها و شرعية احتلالها للقدس العربية ، على حساب علاقاتها مع الدول العربية ، و على الرغم من سمو مكانة هذه المدينة عند المسلمين ، فـ ( تركيا ) بإقامتها لهذه العلاقات السياسية و الاقتصادية و العسكرية مع الكيان الصهيوني ، إلى حد التحالف ، لا تتباين كثيراً مع النظام المصري في هذا الشأن ، بتصوري ، فهي و أياه في خندق واحد ، خندق الاعتراف بهذه الدويلة المسخ ، بل و تزيد على هذا النظام العربي ، إثماً ، لكونه على الرغم من اعترافه بـ ( إسرائيل ) بعد أكثر من حرب شنها ضدها و هـُزم فيها ، لم يقـم حتى الآن ، أية مناورة عسكرية ، من شأنها أنْ تهدّد أمن العرب .
الحاصل أيها القارئ ، أنّ كلا الفارسين الإيراني و نظيره التركي ، قد امتطى صهوة القضية الفلسطينية ، كي يصل إلى مرام ٍ ، الله أعلم بها ، من خلال المهماز الذي أحب أنْ يكون ممثلاً في تصريحاته الفضفاضة ، التي كان منها ، أنْ أدعى الرئيس الإيراني ( أحمدي نجاد ) في فترة سابقة ، بأنه سيحرق ( إسرائيل ) في حين أن القضية الفلسطينية لم ترتو ِ بدم أيِّ فارسي ، بل أنّ العرب ، هم من رووها بدمائهم الطاهرة ، منذ عام 1948 و حتى يومنا هذا ، و ما يشهده قطاع ( غزّة ) في هذه الأيام ، من عدوان ، طال الزرع و الحرث ، خير مؤكد على كلامنا ، حيث إنّ الدماء التي تنزف على أرضه ، هي الدماء العربية الزكية ، لا الفارسية و لا التركية .
أقول لمن يريد أنْ يمتطي صهوة القضية الفلسطينية : " إنّ القضية الفلسطينية كما فرس جموح غير مروضة ، لا يستطيع أن يصعدها إلا فارس سايس ، و سياسي محنك ، مخلص لهذه القضية و لأمته و لدينه ، لا يدعي كما أدّعى الفارس التركي ، و لا يخدع و لا يخون مثل الفارس الآخر ، و لا يتاجر بها كما تاجر الكثيرون ، هو فارس نبيل ، يحمل خصال القادة الأمجاد ، الذين يتنادون لصرخة أخواتهم الماجدات ، و لنجدة إخوتهم في العروبة و الإسلام ، لا يقول أكثر ممّا يفعل ، يقاوم و لا يساوم عليها ، فلا يشارك في العدوان على العرب و المسلمين ، أما ما عداه ، فسوف يُسقط من على متن هذه القضية ، و لن تقوُم له قائمة أخرى " .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زيــاد الـعـيـسـاوي – ليبيا
2008
Ziad_z_73@yahoo.com

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية