الهتش
فرش أسنانه بفرشاة وصابون سوسي ثم طبق فكَّه العلوي على السفلي ونظر إلى المرأة.. رأى النصاعة تنتقل من مقدمة أسنانه حتى نابه الأيمن الذي يلمع كنجم في سماء الصحراء الكبرى.. خلّل أصابعه في مقدمة شعره فأرجعه إلى الخلف ثم أسدله على جبينه الذي لم تعد فيه مساحة خالية من الندبات وبلّل سبابته بلعابه ومرّره على حاجبيه ثم رفع سرواله إلى حد السّرة وأحكم خناق الحزام ومضى إلى الشارع.. لم يك يدور في بال مرزوق شيء سوى أن يجد احميده ابن الجيران في ناصية الشارع ليصعد خلفه على مقعد الدراجة فيجوبان أحياء بنغازي وقد وجده في انتظاره قاعداً على كرسيها (السيلة) وقدمه تلامس الأرض والأخرى على (البيدالي).. انطلقا بسرعة بطيئة بسبب البنية التحتية السيئة في شوارع حيهما الغارقة بالماء الآسن حتى دلفا إلى الشارع العام قام احميدة بتعديل المرآتين الجانبيتين وأطلق رنيناً من جرس الدراجة وزاد من سرعتها ومرزوق منتشياً بالريح التي تغازل شعره وقميصه المفتوح الأزرار قد صار مثل (برشوت) منتفخ من الهواء في ذيل طائرة حريية هبطت لتوها على متن حاملة الطائرات (جورج واشنطن) وسماعات الهتفون في أذنيه كقطعتي قطن طويل التيلة وهو يستمع باست...