المشاركات

عرض المشاركات من 2015

ولد شارعنا

يمتلئ الكيس بالعملة السهلة يفرغها (اطوالة) في جيبي جاكته الجينز ذات الأزرار الصدئة، ويسقط المعدنية منها في جيبي مؤخرة سرواله المتمزق الأنسجة نتيجة احتكاكه بالمصطبات الجيرية والإسمنتيه، والمبقع بقطرات الشحم والزيت المحروق في محاولات من ساكبيها غير الراغبين في وجوده عندها لطرده من دون أن يعرفهم، مغبة جبروته.. يثب كغزال مرتفعا على كتفي أحد المزدحمين أمام الشباك ثم يتكئ كسندباد مفترشا بساط ريح الهواء وقدماه على الجدار وجبينه يلتصق بقفا أحدهم.. بالكاد تنفذ يده داخل الفتحة البوخوخية، نتيجة تدافع وتماوج الزبائن وما هي إلا لحظات حتى تخرج مكمضة وبداخلها التذاكر المتكرمشة.. يحتفي به أبناء شارعه وسرعان ما يمضي نحو البائع ليشتري لنفسه قرطاس رياضي وشكولاطة حليب امقزرة وحلواء حارة أح أح أح وزريعة أكثر من ثلثي محتواها ملح مر، ومستكة المجارة وشاهي كيس في كوب لكأنه صنع من منديل ناعم لا يصل به إلى الباب إلا وقد انسكب على قميصه.. يصمت أبناء شارعه ولا يعارضون، فإن هو أرجع لكل واحد ما تبقى من ماله شكروه- وندر حدوث ذلك- وإلا اعتبروه مكافأة يستحقها عن جدارة، فأغلب من اصطفوا في أول الطابور هم الآن في مؤخرته...

ذات عشية في سوق العشية

طيور على أشكالها تقع، حمام على أشكاله يطير، حيوانات على أشكالها تصدم، باعة صحون باعة صابون وأحذية وملابس باعة قطع غيار وغيار أطفال، شامبو صانسيلك وبانتين وشامبو تركي علبته كبيرة ورائحته مثل رائحة بول أردوغان، حبوب للعصافير والديوك البشرية التي ترفع اﻵذان ولا تصلي، قطط مستوردة لا تتمتع بحاسة المواء، أمواس حلاقة أمواس بقر سكاكين مطبخ ملاعق معالق ألبسة، أقفاص ومعدات كهربائية ومستلزمات بناء. (يفتحلك الله) هناك لا تسمعها، ففي سوق اجنيهين الكل يبيع ويبتاع، سيارة نصف نقل تصل لتوها محملة بأكياس القمامة، وما أن تفرغ شحنتها حتى يأتي الحارق ليشب فيها النار، في لهفة من مفتشي الروبابكيا، شعلة نار قدحت في طرف سرير خشبي، أب وأبناه يسحبانه من الجهة اﻷخرى فوق ربوة من النفايات لا كمامات على أفواههم يتنشقون الرداءة، بين السديم يلوح خيال شخص حاملاً في يده دجاجة توقوق بينما طفلته تطلق فرحة رنانة "الدجاجة دحت يا بابا".. ومن هناك يبدو شبح بني أدم غائصاً وغائراً بين بقايا ثلاجات وإلى قربه مسن أسمر يتحسس باباً حديدياً مُقتلع من جدار بدهان أخضر، يفصح عن أنه كان لمؤسسة حكومية لطالما أُغلق في وجوه ...