السبت، 22 ديسمبر 2012

فيسبوكيات 52

صداقة
من كفر بالثورة رغم هذه التعثرات ليس صديقي.
درع ليبيا
الذي شكّل لواء درع ليبيا، كان بمكنته تكوينه منذ البداية كفرقة ضمن الجيش.
احتقان
بين الشرق والغرب ما صنعه الحداد، ولن تصهره حرارة اللحمة الوطنية اللافحة.
تفاؤل
يقولون ليّ أنت متشاءم في كتاباتك، ولو عرفوا معنى أن نعمل ولمَ نكتب، لعرفوا بأنني أكثر متفائل في ليبيا.
تميّز
كل خطوطنا على الفيسبوك إلكترونية ومتشابهة حد التطابق، ويظل الاختلاف في منعرجات التفكير.
نزف
الأديب يسكب من كأسه فيض العواطف على مجتمعه، فيحتاج من يعيد إليه مخزون ما أعطاه من عواطف ليعيد توزيعه من جديد، هكذا هي دورة حياة حروفه وسطوره.
استئذان
إذا أقفلوا حسابي لن أعود إلى براح الفيسبوك البتّة، لأني ما اعتدت أن أكتب باسم مستعار حتى في عهذ القذافي.
مش عارف الجبناء ليش ما ايطلعوليش بالذراع؟.
حياكة
لا أهتم بالتفصيل.. لست خيّاطاً ولا أثقب بالإبرة الرقاع البالية، وترهبني لحظة خوف طفل من إبره.
يكفي.. فمن كثرة ما صمتُّ وتيبس فمي، نبت لي كيس دهني في اللثة، أخشى ان فضّه طبيب الأسنان، سيعثر فيه على كلمات بطالة.
استثمار
الطيبة ما تزال على حالها موجودة، والرحمة متوافرة بيننا ومبتلة بقطرات المطر، وهما أهم عاملين مساعدين بل أساسيين لتحقيق وطن، فاستثمروهما مادام بقاؤهما وقبل نفادهما.
شواهد
بحروفها الباهتة ظلت هذه العبارة: "حان الوقت لنضع الورود في فوهات البنادق".
عبارة لأحد المرشحين للمؤتمر الوطني، ظلت وغابت صورته في إحدى اللافتات.
تعميم
كلما أطلعت على رأي النخبة وهم ينتقدون، أجدهم يعممون السيئة على الشعب الليبي، كأنهم عساكر خرجوا لتوهم كم كليات القذافي، بمثل هذا القول: 6 ملايين ناقد 6 ملايين خبير 6 ملايين ثائر.
أسهل مهنة
أسهل مهنة قد يمارسها إنسان هي أن يعمل عضواً في المؤتمر الوطني العام، إذ لا يكلفه ذلك إلا رفع اليد أو وضعها في أنفه لدى التصويت، ويتقاضى مبلغ وقدره 14 ألف ديناراً، وبعد فترة قصيرة يكتسب شهادة خبرة (صوّات).
تخصص
المحامي في هذه المرحلة- مرحلة البناء- سينفع البلاد أكثر في مجال تخصصه، فليلتحق بالقضاء وليعمل على تأسيسه وفقاً لارتكاز صحيح.
إفصاح
المسؤول الحكومي مطالب دائماً بالإفصاح باكراً عن المصاعب التي تواجهه.
أسلم طريقة للحفاظ على المال العام- مال الشعب- في زمن الفوضى والاختلاسات والسرقات، أن تمنحوها للشعب.
غباء اختياري
انتظر، فتلك الطريق المظلمة مررت بها قبلك واكتشفتها، هي خطيرة، فلا تمضِ بها.
مع إنه يثق بالناصح إلا إنه سلك تلك الطريق فضاع.
هذه لمحة من غباء.
نزاهة إعلامية
أحسن معيار لهيأة النزاهة بخصوص وزارة الإعلام برأيي هو، أن من دفع باتجاه إلغاء الوزارة وشارك في مؤتمر جادو للإعلام، لا يجوز له ترؤس هذه الوزارة لثلاثة أسباب لا رابع لها، وهي أنه لا يؤمن بها وليس لديه مبدأ، وكذاب.
ديانا في ريكسوس
كل شيء قد أجد له تبريراً إلا حضور "ديانا كرزون" في مبنى المؤتمر الوطني العام، لكني من مبدأ افتراض حسن النية، سأحتمل كونها مبعوثة سامية من جلالة الملك الأردني "عبد الله الثاني" برسالة تطالب فيها بسداد دين وفواتير الجرحى والمصابين.
أفانين
البارحة شاهدت مصادفة، حلقة من سوبر أستار أم بي سي، تعجبت أن يكون كل من "شيرين"، "كاظم الساهر"، "عاصي الحلاني"، "صابر الرباعي" حكاماً يقيّمون أصوات المواهب التي هي أفضل من أصوات هؤلاء الأربعة المهزوزة.
عودة
بعد كل انقلاب عسكري طالب المدنيون بعودة العسكر إلى قواعدهم، فاستكبروا وأبوا العودة وفسدت البلدان.. وبعد ثورات الربيع العربي، وجب على الذين لا يعرفون كيف يلمسون بتلات النوّار أن يعودوا إلى سابق أعمالهم ما عدا العاطلين في الأصل، حتى لا يفسد الربيع.
تعريف الإعلامي
لما تجيء مؤسسة إعلامية أو تطلب من عندها اقتراح أسماء إعلامية بُغية تطوير قدراتها في الخارج عبر دورات وورش عمل.. أجدني متعجباً من الأسماء التي يتم إدراجها، حيث أجد صورها عبر الفيسبوك في الخارج ولا أعرف على أي أساس تمّ مثلاً اختيار مصوّر أفراح بعدما أُعتبر إعلامي وبُعِث به إلى أوربا.
مناصفة
عيبهم أنهم لا يرتضون بالتقاسم والمناصفة في كل شيء، هم مثل القذافي تماماً الذي تسبب في مقتل ابنيه وتشريد الآخرين وكان الخيار بيده أن يمنح الليبيين كل شيء.
العرب أيضاً رفضوا المناصفة مع اليهود لأنهم أصحاب حق فخسروا فلسطين كلها تحت دوافع الغرور وانتفاء معرفتهم بقدرات عدوهم، والآن بعدما أدركوا قوته رضوا بأقل ما يمكن تقديمه لهم.
في ليبيا الطامعون الانتهازيون الأنانيون، لا يوافقون على مبدأ المناصفة في الثروة والقرار السياسي، وسيندمون على فقدان كل شيء.
عجاج بنغازي
صاروا يتحججون بالعجاج بحقوق الإنسان بتأخر قيام الدولة بالبحث عن حظ أوفر لأولادهم، ليجدوا عذراً فيتركون ليبيا.
عجاج بنغازي قبل الثورة هو نفسه ما بعد الثورة، فلا ترحلوا من بنغازي بحجة البحث عن الهواء النقي.. عجاج بنغازي مبارك، فقد صدّ القذافي كلما وصل إليها حتى في عزّ الشتاء، عجاج بنغازي دأباً ما يتبعه المطر.
قياس خاطئ
الذي يطعن في الفيدرالية باتخاذ العراق أنموذجاً، فليعلم بأنّ الحكم الذاتي الذي منحه صدام حسين والمالكي من وراءه للأكراد يتباين والفيدرالية ذلك أن الحكم الذاتي يمنح للأقليات العرقية ضمن الدولة الواحدة، مثلما بخصوص الشيشان الأقلية الضغيرة في دولة روسيا الاتحادية.
أما الفيدرالي هو حكم إداري يطبق حتى في الدولة المتجانسة العرقيات وعادة ما يطبق في الدول الشاسعة المساحة.
لعنة
سأفتح لك خزنتي وأسرق منها ما شئت يا من لا تستحي.
لكني لن أشتكيك للسلطات ولا للحكومات المرتشية الفاسدة، ولن أستعن بمحامٍ تنكر لمهمته وأخذ يبحث عن مقعد له في الإعلام والسياسة.
سأذرك تسرقني فلست مسؤولاً عن تعليمك الوطنية، سأعتبرك خصماً يوم العرض ولن تشفع لك أرواح الشهداء التي جيّرتها لحسابك فقط، فالشهداء لا يشفعون للسارقين والطامعين والحاسدين، بل سيلعنونك لأنك غيّبت وزوّرت ما أُستشهِدوا لأجله.
تلفيق
الحذاء ضيّق .. ألبسه عفّاسي.
الحولي مريض .. جر عليه بالموس.
الجهاز ما يشتغلش .. طفيه وولعه.
موعد انتهاء الصلاحية قرّب ومازال عندي رصيد .. حوس فيها تحميل.
العيل عفس على كراع البنت .. حطها في رقبته وزوجها له بعد يكبرو.
احميده ما ايعلقش عليا .. احذفه من قائمتك.
السروال انشرط .. ديره شورت.
التوتة انشرطت .. زوّق بيها.
يا ماما المكحلة انقلبت على الوطا .. حطي الكحل كله في عيونك.
حلولنا عمياء وتلفيقية.
الغبن
لا يغرنكم ما تصنعونه ما تبنونه ما تصرفونه ما تمنحونه ما تدخرونه ما تمركزونه، فوالله مادامت هناك مدن مغبونة لن تقوم لكم دولة، وسينهار كل شيء، ألم تروا كيف بُعثرت السبائك وبُدّرت الأموال وهُربت في مستودعات إلى النيجر والجزائر وغيرها، نتيجة وجود مركز واحد للسلطة ومصرف مركزي واحد في طرابلس وسرت؟.
الاستحواذ على الشيء بقبضة اليد الواحدة سينهك الأصابع ويخرّ القبضة مهما كانت حديدية ويجعله يتفتت من بينها.
وأنت أيها الفارح بما لديك من امتيازات مالية وسلطوية جهوية، لا تصلح لأن تكون بشراً.
يا ويلك.. فالغبن سيجعلك أقل من دابة تأكل التبن في يوم ما.
اللجنة الأمنية العليا
بتاريخ 2 ديسمبر كتبت هذه التدوينة:
((الذي شكّل اللجنة الأمنية العليا، كان بمكنته أن يسميها جهاز الشرطة ضمن وزارة الداخلية منذ البداية)).
وما أعلن عنه وزير الداخلية المُقال "فوزي عبد العال" يؤكد على أنّ تكوين هذه اللجنة لم يكُ يهدف لبناء جهازاً ينتمي بالفعل إلى الداخلية.
لا يجوز لهذه اللجنة أن تنشق عن الداخلية على خلفية ٌاقالة "عبد العال" الذي أسسها، لأنها تأسست بعدة وعتاد من خزانة الدولة وتقاضى أفرادها أموالاً من المال العام.
بيع الأراضي في الجبل الأخضر
موضوع قديم جديد، ذكرني به "عبد الوهاب"، كتبت عنه مرة وردّ عليّ البعض بغباء منقطع النظير، دع الخليجيين يستثمرون فنحن محتاجون إلى أموالهم، مع أنني ذكرت بأن الأموال موجودة في ليبيا ويفترض بالحكومة أن تدفع القروض لسكان هذه المناطق قبل حتى النازحين من مناطق أخرى للاستفادة من أراضي أجدادهم، ولأن الدولة الليبية لم تنهض بعد ها هم الخليجيون يشترون بطريقة غير قانونية ولا شرعية، باستعمال الباندات المالية والشراء بأسماء ليبيين عملاء.
يفترض استصدار قانون يلغي أي معاملة عقارية من تاريخ فبراير 2011 حتى تقوم مؤسسات الدولة.
اختلاف
لا معنى للربط بين ما يجري في مصر وليبيا، فالدائر هنالك، لا يعطي مبرراً لأن ينتظر الليبيون نتائج الحراك السياسي في القاهرة وما يسفر عنه، إذ أنّ حركة الإخوان في مصر لها جذور متغلغلة في النسيج المصري منذ القدم، أما في ليبيا فهي ناشئة وما تزال تستقي بالتقطير وبراعمها بالكاد نمت.
كما أنّ وجه الاختلاف الآخر، يتجسد من حيث ارتباط هذه الحركة بالدوحة، إذ له أسبابه الاقتصادية، حيث إن مصر دولة تعاني من أزمة مالية متضخمة وحادة، ما يجعلها في حاجة إلى قطر التي تقدّم مساعداتها عبر هذه الحركة ومن خلال رؤية سياسية يعمّها التوافق في المصالح بين هاتين الجهتين، أما ليبيا فهي دولة غنية لدرجة أن قطر ربما يكون لها أطماع في مواردها، ما يعني بأن فكّ ارتباط الدولة الليبية الناشئة بقطر ممكن جداً، لذا ثمة من يعمل على الدوام على زعزعة الاستقرار في ليبيا كلما أخذ يتحقق.
استطالات
يستطيل الأنف كلما أخرج الفم رذاذ الكذب.
تستطيل الوجوه كلما نـُبذ صاحبه وصار (منجوه).
تستطيل الجباه كلما لحقها العار.
يستطيل الدقن كلما تجمد الحنك الفوقاني.
تستطيل الأصابع كلما نطقت زوراً على الأوراق.
تستطيل الأضافر كلما وضعت الأصابع في الأنوف إمارة البلادة.
تستطيل الأمشاط كلما تسلل السارقون.
يستطيل الكتف كلما أكل من عمالة لغير بلاده.
حول زيارة زيدان
علي زيدان من خلال متابعتي لخطواته أجده يرفض الفيدرالية كنظام إداري، لكني لا أعلم هل من منطلق شخصي أم بضغط نتاج اصطدامه بالمركزية المتوغلة في مفاصل البلاد؟.
ذهاب "زيدان" إلى المدن شرق بنغازي له مدلول سيئ برأيي، حيث إنه رفض أو تجاهل الاجتماع بالمجلس المحلي لمدينة بنغازي، كي يتهرب ويكون في حِلٍّ من مسؤولية مطالبة هذا المجلس له بصرف الميزانية التسييرية للطوارئ، وحجته في ذلك ستكون سخيفة وصبيانية: "لم أطلع على مطالبهم حتى الآن".
لقد هدف "زيدان" من خلال هذه الزيارة إلى احتواء هذه المدن على حساب بنغازي، عاصمة برقة، غير أنه تفوجيء بإصرار هذه المدن على الطرح الفيدرالي وبترابط مناطق ومدن برقة كلها، فأصابته لعنة بنغازي التي أدار ظهره لها، لكأنه لم يصلها إلا لكي يحضر مراسم دفن- صلاة الجنازة فقط- صديقه "الكيخيا" رحمه الله.
لكنّ هذه الخطوة الحمارة- بحوافر حمار- تدلل على أن رفض "زيدان" للفيدرالية هو قناعة شخصية من طرفه.
ليس كل من وضع النظارة على عينيه شخص متعلم يجب أن نتبع خياراته، ولا هو الأفهم بين الناس، ولعلّ "زيدان" قد نسيّ بأنّ الشعب سيظل هو مصدر التشريع في البلاد مهما أدعى "المعمشون" الذي لا يرون أبعد من عدسات نظاراتهم.
لقد فشل "زيدان" حتى في نقل مؤسسة النفط إلى مقرها الشرعي والأصلي في بنغازي، وهذا النقل هو استحقاق أخلاقي يجب تحقيقه قبل أي شيء آخر، كما أن عليه فتح أبواب ونوافذ التحقيق مع حكومة "الكيب" على ما نُسب إليها من فساد.
لقد زكّيت "زيدان" قبل ترشحه لكني أتبعت التزكية بأنني سأحكم عليه من خلال أدائه، وها أنا أتابع تنقلاته وقراراته التي أتمنى عليه أن يفكر فيها جيداً.
حسابات جارية
صادف يوم 10/12/2012، مرور الذكرى الخمسين لاغتيال نائب رئيس الأركان العامة للجيش الليبـي، العقيد الركن"إدريس العيساوي" وبهذه المناسبة اخترت لكم هاتين المقالتين:
1-(حادثة اغتيال العقيد العيساوى)
بقلم الدكتور: محمد المقريف
رئيس المؤتمر الوطني العام، حينما كان معارضاً.


مساء يوم التاسع من ديسمبر 1962 (أواخر أيام حكومة محمد عثمان الصيد) وفي احدي ضواحي مدينة بنغازي بالقرب من مبني الكلية العسكرية الملكية أطلق مجهول النار على العقيد ادريس العيساوي حيث مات متأثراً بجراحه بعد ساعات بالمستشفي العسكري القريب من مكان الحادث.
كان ادريس العيساوي قد قاتل في فلسطين أثناء حرب 1948 ضمن قوات القائد الفلسطيني عبد القادر الحسيني حيث أصيب بعدة جراح، كما تحصل على رتبة ملازم أول في تلك القوات. وانضم العيساوي إلى الجيش الليبي الذي تأسس في 1952 بعد قيام دولة الاستقلال الأولي.
عُرف العيساوي منذ انضمامه إلى الجيش الليبي بقوة الشخصية وبالصلابة وبالكفاءة العسكرية العالية، كما عُرف بولائه المطلق للملك ادريس وللنظام الملكي.
في عام 1962 كان ادريس العيساوي يحمل رتبة عقيد وكان يشغل منصب نائب رئيس أركان الجيش الليبي (أى نائباً للزعيم نوري الصديق اسماعيل). وفي أكتوبر من ذلك العام كان العيساوي ضمن الوفد الكبير الذي صاحب ولي العهد الأمير الحسن الرضا في زيارته الرسمية للولايات المتحدة الأمريكية.
بعد ثلاثة أشهر من عودة العقيد ادريس العيساوي من تلك الزيارة وقع حادث اغتياله ليشكل ثاني وآخر حادث اغتيال سياسي شهده تاريخ العهد الملكي في ليبيا (كان الحادث الأول قد وقع خلال شهر أكتوبر من عام 1954 وذهب ضحيته السيد إبراهيم الشلحي الذي كان يشغل منصب ناظر الخاصة الملكية أما القاتل فقد كان السيد الشريف محي الدين السنوسي ابن أخى الملكة وقد جرى القبض عليه ومحاكمته وإعدامه).
لقد هز حادث اغتيال العقيد ادريس العيساوى الرأى العام الليبي هزاً عنيفاً في حينه، وكبرت الاشاعات حول الجاني لاسيما بعد أن تردد أن القتيل العيساوي فاه قبل وفاته ببعض الكلمات حول هوية قاتله بحضور رئيس أركان الجيش الزعيم نوري الصديق اسماعيل. وكان أبرز الذين تردد اسمهم بشأن ارتكاب تلك الجريمة هو العقيد عون أرحومه إشقيفة صهر آل الشلحي وقد تردد أيضاً أن الجريمة ارتكبت للتخلص من العقيد العيساوي الذي شكل أكبر عقبة في طريق نجاح الانقلاب العسكري الذي كان يخطط له آل الشلحي يومذاك.
لقد أجري النظام الملكي عدداً من التحقيقات في جريمة اغتيال العقيد العيساوي غير أنها فشلت جميعاً في فك لغزها أو تحديد الجاني.. ومن ثم فقد قفل ملف تلك القضية حيث قيدت ضد مجهول..
بعد استيلاء القذافي على السلطة في البلاد تم انشاء ما أسماه "محكمة الشعب" لمحاكمة رجالات العهد الملكي مدنيين وعسكريين. وكان من بين القضايا التي نظرت فيها تلك المحكمة في شهر أبريل 1974 "قضية إفساد الجيش" إبان حقبة العهد الملكي حيث مثل أمام تلك المحكمة معظم كبار ضباط الجيش وكان في مقدمة هؤلاء العقيد عون أرحومة إشقيفة (الذي سلفت الإشارة إليه) فضلاً عن اللواء السنوسي شمس الدين (صهر آل الشلحي) والعقيد عبد العزيز الشلحي.
لقد تطرقت "محكمة الشعب" عند النظر في قضية "افساد الجيش" إلى عدد من القضايا التافهة مثل مسألة قيام أحد ضباط الجيش بأمر أحد الجنود بإحضار وجبة غذاء له (دجاجة مشوية) في مكتبه واتهمت المحكمة الضابط المذكور بإساءة استعمال السلطة.!!
ومع تناول المحكمة لمثل هذه القضايا الهامشية توقّع بعض الليبين أن تشرع في إماطة اللثام عن القضية – اللغز التي شغلت الرأي العام لأيا من الزمن والتي قيدت في حينها ضد مجهول وهي قضية اغتيال العقيد ادريس العيساوي في عام 1962، لا سيما أن الأشخاص المشتبه في تورطهم في القضية موجودون رهن الاعتقال ومصنفون من قبل القذافي وجماعته على أنهم خونة وضالعون في إفساد الجيش.
غير أنه ولمفاجأة الجميع فإن هذا لم يحدث. فقد تجاهلت "محكمة الشعب"، وتجاهل القذافي وأجهزة إعلامه قضية اغتيال العيساوي تجاهلاً كاملاً ومتواصلاً ومتعمداً.. وقد زاد من درجة الاستغراب لموقف القذافي ورفاقه من هذه القضية الخطيرة ما عرف عنهم في تلك الفترة من بحثهم عن أوهي الأسباب والحجج للتشهير والتنكيل بالعهد الملكي ورجاله لاسيما آل الشلحي وأقاربهم وأعوانهم.
وقد أثارت هذه الحالة مجموعة من التساؤلات الهامة لدي الكثيرين..
· لماذا لم يُقدم القذافي على اعادة فتح ملف اغتيال العقيد العيساوي؟·
وهل هناك جهة غير ليبية منعت القذافي من إثارة قضية العيساوي وفتح ملفها؟·
وما هي الأسرار والخفايا التى كان يمكن لملف هذه القضية أن يعرّيها؟
وظلت هذه التساؤلات حائرة بدون جواب إلى أن أصدر صحافيان بريطانيان في عام 1987 كتابهما عن" القذافي والثورة الليبية"وأوردا تصريحاً نسباه إلى العقيد ثيودور لاو Theodor Lough (الذى شغل منصب رئيس البعثة العسكرية البريطانية في الجيش الليبي خلال السنوات 1960 – 1967) مفاده أن معمر القذافي هو قاتل العقيد ادريس العيساوي وأنه سمع ذلك شخصياً من العقيد العيساوي بعد اصابته وقبل لحظات من لفظه لآخر انفاسه.
وبالطبع فإن ما ورد في الكتاب المذكور يحمل اتهاماً خطيراً للقذافي شخصياً.. وعلى الرغم من ذلك فلم يقم القذافي بإصدار أى تكذيب للاتهام كما لم يقم بمقاضاة المؤلفين. وإذا كان البعض يشكك في إمكانية صحة الاتهام بحجة أن جريمة اغتيال العقيد العيساوى وقعت ببنغازي في التاسع من ديسمبر 1962 في حين أن القذافي لم يلتحق بالكلية العسكرية في بنغازي إلا خلال شهر أكتوبر 1963، إلا أن ذلك يمكن الرد عليه بأن القذافي كان ،قبل أن يلتحق بالكلية العسكرية، ضابطاً بمباحث أمن الدولة ولعله بهذه الصفة كان يتردد على الكلية العسكرية قبل إلتحاقه بها، كما أنه تعرف من خلال هذه الزيارات على العقيد العيساوي الذي شغل منصب أمر الكلية العسكرية جزءاً من عام 1962م. وهو ما مكّن القذافي من تنفيذ جريمة الاغتيال عندما صدرت إليه الأوامر بذلك سواء من جهة محلية أو من جهة أخرى كانت تراقب المشهد السياسي في تلك الفترة وكانت ترغب في تغييب العقيد العيساوي رجل الجيش القوي والمعروف بولائه المطلق للملك وللنظام الملكي.
2- اغتيال العقيد إدريس العيساوي (قيدت ضد مجهول)
بقلم: سليم الرقعي
في أواخر عام 1962 وفي احدي ضواحي مدينة بنغازي بالقرب من مبني الكلية العسكرية الملكية في (بوعطني) أطلق مجهول النار على العقيد ادريس العيساوي فمات متأثراً بجراحه بعد ساعات بالمستشفي العسكري القريب من مكان الحادث.. وكان ادريس العيساوي قد قاتل في فلسطين أثناء حرب 1948 ضمن قوات القائد الفلسطيني (عبد القادر الحسيني) حيث أصيب بعدة جراح كما تحصل على رتبة ملازم أول في تلك القوات ثم انضم إلى الجيش الليبي الذي تأسس في 1952 بعد قيام دولة الاستقلال الأولي. عُرف العيساوي منذ انضمامه إلى الجيش الليبي بقوة وصلابة الشخصية وبالكفاءة العسكرية العالية كما عُرف بولائه المطلق للملك ادريس وللنظام الملكي .. وفي عام 1962 كان ادريس العيساوي يحمل رتبة عقيد وكان يشغل منصب نائب رئيس أركان الجيش الليبي (أى نائباً للزعيم نوري الصديق اسماعيل) وفي أكتوبر من ذلك العام كان العيساوي ضمن الوفد الكبير الذي صاحب ولي العهد (الأمير الحسن الرضا) في زيارته الرسمية للولايات المتحدة الأمريكية .. ثم وبعد ثلاثة أشهر من عودة العقيد العيساوي من تلك الزيارة وقع حادث اغتياله ليشكل ثاني وآخر حادث اغتيال سياسي شهده تاريخ العهد الملكي في ليبيا.
لقد هزت حادثة اغتيال العقيد ادريس العيساوى الرأى العام الليبي يومها وكثرت الاشاعات حول حقيقة الجاني ودوافعه وكان أبرز الذين تردد اسمهم بشأن ارتكاب تلك الجريمة هو العقيد عون أرحومه إشقيفة صهر آل الشلحي وقد تردد أيضاً يومها أن جريمة القتل ما ارتكبت إلا بغرض التخلص من العقيد العيساوي الذي شكل أكبر عقبة في طريق نجاح الانقلاب العسكري الذي كان يخطط له آل الشلحي يومذاك كما قيل.. أما اليوم فإن هناك بعض التحليلات الأخرى التي تشير بأن عملية تصفية العقيد العيساوي إنما كانت وراءها (الجهة الأجنبية؟) التي كانت تعد العدة وتهيأ الظروف الداخلية لنجاح التغيير الإنقلابي المطلوب في ليبيا كبديل للنظام الملكي المرتبط بشخص إدريس السنوسي والذي كان يومها قد بلغ الثمانينيات من عمره ولم يكن له ولد.. بل إن هناك اليوم من يقول بأنه لا يـُستبعد أن يكون (معمر القذافي) نفسه – الشهير يومها بمعمر مسعود - هو من كان وراء تنفيذ هذه العملية الإرهابية السرية بتوجيه من الجهة الراعية للإنقلاب.. ويزعم البعض أن تصفية العيساوي ربما جاءت ليست من باب إزالة أحد المقاومين المحتملين للإنقلاب القادم فقط بل كنوع من أنواع الإنتقام اليهودي من كل أعداء اليهود وأعداء إسرائيل بسبب مشاركته في حرب فلسطين 1948 ضمن قوات القائد الفلسطيني (عبد القادر الحسيني) !! .. ويزعم البعض الآخر أنه ربما كانت تلك العملية الإرهابية الدموية السرية هي أول إختبار عملي كبير وخطير يتم تكليف معمر مسعود (القذافي) بتنفيذه داخل ليبيا لإختبار مدى قدرته على القتل ومدى إحتماله للمهام الكبار المراد منه تنفيذها مستقبلا في ليبيا بعد إيصاله للسلطة؟ .. لقد أجري النظام الملكي عدداً من التحقيقات في جريمة اغتيال العقيد العيساوي غير أنها فشلت جميعاً في فك لغزها أو تحديد هوية الجاني .. ومن ثم فقد قـُفل ملف تلك القضية نهائيا و قيدت ضد مجهول.. ثم بعد استيلاء معمر القذافي على السلطة وأقام محاكم لرجال العهد الملكي من مدنيين وعسكريين بدعوى إفساد الحياة السياسية وإفساد الجيش مثل أمام تلك المحاكم معظم كبار ضباط الجيش وكان في مقدمتهم الضباط الذين ترددت أسمائهم ضمن الشائعات التي سرت عقب وقوع عملية إغتيال العيساوي على إعتبارهم من كان وراء العملية مثل العقيد عبد العزيز الشلحي والعقيد عون أرحومة إشقيفة (الذي قيل أن العيساوي نطق إسمه وهو يحتضر!) فضلاً عن اللواء السنوسي شمس الدين (صهر آل الشلحي) وغيرهم.. ومع ذلك – أي مع خطورة وأهمية هذه (القضية/اللغز) التي هزت الرأي العام الليبي ومع وجود الأشخاص المشتبه في تورطهم في تلك القضية رهن الإعتقال في يد معمر القذافي – فإن تلك المحاكم التي تطرقت لقضايا تافهة كتناول أحد الضباط الكبار للدجاج المحمر من دون الجنود لم تتطرق لا من قريب ولا من بعيد لقضية إغتيال العقيد إدريس العيساوي.. منذ يوم الإنقلاب حتى يوم الناس هذا.

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية