السبت، 23 أكتوبر 2010

تأملات .. وتأويلات لمآلات

' أنْ تضرب رأسك بالحائط ، أشرف لك ، من أنْ تجادل شيعياً مُعمَّماً بالتعنُت '
أمام مُكبِّر الصوت :
لساني حِصاني .. سرّجته ولجمته بأبهى ما حاك الحائِك ، وبأنفس ما دقّ أزميل صنائعي تقليدي في المدينة القديمة .. لساني جبان ، يختبئ وراء حُجب الصمت .. لساني طويل ، يصهل بأقذع الشتائم .. لساني جبان وطويل ، يرجع إلى الخلف بالتخلُّف .. لساني طويل وجبان ، يتحرك إلى الأمام بالتزلُّف .. لساني عضلة ذاتية ، لم أصقلها في صالات بناء الأجسام .. لساني عضلة لا إرادية ، يُديّرُني و لا أديّرُه .. لساني أوقعني من على سرّجه ، لساني الجموح ، لامس سقف فمي .. لساني السافل ، سفل إلى أرض فيهي .. لساني يتمنطق ، لساني ينطق ، لساني يتذوق ، لساني ينطبق ، لساني (ايتمطق) .. لساني جبان ، لأنه اعتاد طعم الأجبان (كما يزعم المتشيعون للشياطين) .. لساني جبان ، تقهقر وتردّد .. ما هذا ؟ .. لساني ، يبتغي أنْ يبتلع نفسه ، فلاعت كبدي كما (المتوحمات) وأرجعته (لهاتي) .. كلماتي الواقفة على سنه تمردت ، فشدّ حرف (سينها) بحواده الثلاثة طرف لساني ، وجرّته مُنصاعاً ومُنطاعاً إلى الأمام .. لساني تشجّع ، واندفع بـِطاقة الأحرُف .. لساني ، يُريد أنْ يؤلم ، حينما يتكلم بتألم ، فهاكم كلماتي من غير حرف السين ، الشاد على مُقدمته .. أهٍ وأهٍ وأهٍ .. (لشاني عضّته أشناني وأخرشته) .
لساني تبرّم وتورّم .. لساني ألمني ولم يوجع صم وصميم آذانهم .. حصاني غاص في لُجَّة دمي ، حصاني عصاني ، صنته وما صانني ، و(صنّته) هي ما نالني منه .. لساني تقطّع .. لساني تبتر .. لساني تستر .. هكذا صارت ألسننا قصيرة ، فاحفظوها في أفواهكم الجائعة ، لأنّ ألسنة اللهب أصدق إنباءً منها .
لساني خجول .. قلمي عجول .. لساني خبيث .. لساني فتّان .. يوعز إلى قلمي بأنْ يكتب .. (اقرأ) أول ما تنزّل على الرسول الأعظم من قول ، أمره به الله على لسان الروح القدس ، رسولنا من سمعه بآذانه الشريفة ، ونحن من قرأ .. فاقرأوا كلمات لساني ، ولله المثل الأعلى .
***
- لأنّ أحجامنا صغيرة ، مُقارنةً بحجم كوكبنا ، لسنا نشعر بدورانه حول الشّمس ، ولا حتى حول ذاته .. ولأنّ عقولنا سُخِفت طويلاً ، تخلدت أخلادنا ، وتناهت في الصغر وتماهت مع الصغائر ، حتى أمست لا تحسّ بالدوائر ، التي تدور حول ذوات أفلاكنا ، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، فنحن محاور لدوائر لا نعرف مراكزها الطاردة.
- لأنّ مخاييلنا أُُزهِقت في مهد الحضارة ، باتت أحلامنا صغيرة وغير مُلوّنة ، مع أنّ سواد وسُهاد ليلنا واحد ، وغطاءنا واحد ، ودثارنا واحد ، وشعارنا – ما يلتصق بجلودنا من مخيط - هو واحد ، ومع أننا نغفو ونصحو في آوان واحد ، بكبسة من كابوس واحد ، فنصرخ : 'يمّي' حتى من كانت أمه متوفاة ، ونبصق على شمالنا ، ونلعن شمائِلنا ثلاث مرات ، لما نتحسّس جيوبنا ، فلا نلفي فيها سوى درهم واحد لا يرن ، فالدرهم الواحد لا يرن ، مثلما اليد الواحدة لا تصفق ولا تُصفـّر .. ومع هذا كله ، غدت بحور ومحيطات أحلامنا الحلوة لا الأوجاج ، تتسلح بطوربيدات الأنانية والوحدانية الغبية ، فلا تسمح بأنْ يسبح كائن برمائي و لا سمامائي و لا برسمائي ، على شواطِئنا الملوثة بمجاري مُجريات أيامنا وأحلامنا ، التي لا سيطرة ولا حُكم لنا على علو أمواجها .. فمساحة حلمي ، أصبحت تضيق بضيق حلمك ، فلا أبوح لك مجرد البوح بلساني الجبان القصير بها ، حذر الحسد ، فلـِم ذلك ؟ والحلم واحد ومنبعه واحد ، وأنتَ وأنا وأنتِ ، لسنا بثلاثة ، وإنما واحد ، فمتى تتـّحد جمهوريات أحلامنا في كيان واحد ، تحت مظلة علم وحلم واحد ، ونُزيل حدود الفصل الرجعية والوهميّة .
- لأنّ جيوبنا صغيرة (ضيقة) صارت (شقّاقات) بل (شكشاكات) متحركة ، تنوء بحمل الدراهم المعدنية ، المُلصقة بشرائط القرطاسية.
- لأنّ بطوننا الخاوية على كروشها صغيرة ، كلما تناهى إلى مسامعنا ، خبرُ تعملُق سعر واشتعال سعير الخبز ، تقزّمنا وامتعضنا ، ومضغنا لعُابنا ونسينا ألعابنا ، ونغّصتنا أجنابنا ، فنام كلُّ منا على الجنب الذي يؤلمه .
- لأننا نعيش في مجاميع صغيرة (قليلة) في بلاد رقعتها كبيررررررررة ، بتنا لا نبيت على رأيٍ نتفق عليه ، لكأننا نعيش في دويلات أو هي إمارات وطوائف مفترقة ومتفرقة ، تفصلها الطرق المُعبدة بأشواك الأشواق والافتراق .
- لأنّ أهدافنا صغيرة ، اعتمدنا على المهارات الفردية ، بالمراوغة والتحايل ، وسدّدنا كُراتنا ، بعدما خلعنا أنعالنا ، فلم يمس أسطح الكرات ، إلا ما برز من أظافرنا ، التي قلمناها في سنن الفطرة كل أربعين (24 ساعة) فما أصابت الشٍّباك.
- لأنّ أنوفنا صغيرة ، قابلنا المتأففون والمتأنفون بأنفة كبيرة ، ولأنّ أنوفنا صغيرة ، لم تنجب بلادنا فنانين كباراً ، مثل : 'فيروز*' و'محمد عبد الوهاب' و'عبد الحليم حافظ' و'صباح فخري' فبالرغم من كون أنوفهم كبيرة ، إلا أنَّهم تواضعوا لنا بألسنة فنونهم ، ومرّغوا أنوف الكِبر في تراب حُبِّ الناس.
- لأنّ أعيينا صغيرة ، توقفت وظائفها ، وصارت لا ترى أبعد من أرنبة أنوفنا الصغيرة ، بعد أنْ قـُلـِصت من دوائرها ، وكُتب على محاجرها ومناجمها ، التي لم نستخرج منها إلا الأدمع : 'هذه العيون للبكاء وكفى' لتصبح - من ثم – مُستمدات لانتفاضة عارمة وعامرة ، عنوانها وشِعارها : 'هيّا بنا نحزن .. هلموا نبكي ألسنتنا' .. فترِب قلمي وتبّـاً للساني .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(*): كان ذلك قبل إجرائها لعملية التجميل .














0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية