السبت، 9 أكتوبر 2010

العطس في أغسطس


جاء في الأثر، أن أول فعل لسيدنا آدم عليه السلام، بعدما بثّ الله الروح في جسده الطيني، أن عطس وشمتته الملائكة.
يقول أخوتنا التوانسة: (اتحب تفهم اتدوخ!) وفي بلاد الحيرة- بلادنا، وليست بلاد النعمان بن المنذر ما اعنيها- اقول: (اتحب تفهم اتحير واتريح في غياهيب ومجاهيل التعتيم ودهاليز العتمة، التى لا بصيص أمل في نهاية أنفاقها وأفاقها).
1– قفشة:
صديقي: اكتب يا زياد، وعبّر عن آرائك بصريح العبارات، فحرية التعبير، باتت حقَّاً يكفله القانون الليبي.
أنا: هلَّا ذكرت ليّ رقم هذه المادة؟ التي تكفل حرية التعبير- بمعناها الحقيقي غير المزيّف- في هذا القانون، أو على أقل تقدير، أوردت ليّ جانباً من نصِّها.
صديقي: لا أعرف.
أنا : إذاً فأنت ممّن يردّدون ما يسمعون، بغباء ببغاء.
2– جرد بعيداً عن السّرد:
في إحدى جلسات مؤتمر الشعب العام، المنعقدة في عقد التسعينيات المنفرطة سنونه- أو الفارط كما يقول الأخوة التونسيون أيضاً- بلغني من وراء شاشة التلفاز، أنّ دخل الدولة الليبية من العملات الصعبة- علينا- قد بلغ تسعة مليارات دولار أمريكي، ثمانية مليارات ونصف منها، هي عائدات النفط الخام، لما كان سعر (البرميل*) الواحد منه، عشرين دولاراً، و نصف مليار (خمسمئة مليون) دولار فقط الباقية، هي عائدات الاستثمارات الليبية في الخارج، غير أنني لم اسمع سنواتئذٍ، عن أصول ورأسمال هذه الاستثمارات، حتى أتبيّن جدواها.
وفي الأونة الأخيرة، وصل حجم الاستثمارات الليبية- بحسب ما علمت، ممّا علق في شِباك شبكة المعلومات العنكبوتية- (واحد تريليون= ألف مليار= مليون مليون، وبلغة الأرقام= واحد صحيح، وإلى يساره لا يساركم، أثنتى عشرة دائرة صفرية) دولار، ولم يتضح ليّ هذان الأمران المهمان:
-في أي مجال أُستثمِر هذا المبلغ الهائل؟ وماهية الأنشطة؟.
-البلدان والقارات، التي وُظِفت فيها هذه المشروعات الاستثمارية، المقامة على أساس هذا المبلغ.
وإذا ما أجرينا عملية حسابية يدوية، شغّلنا فيها أصابعنا العشرين- سامح الله الإخوة في وزارة المالية، الذين اضطرونا لهذه الطريقة البدائية- بقسمة هذا المبلغ المروّع على رقم (8.5) مليار دولار (الدخل السنوي) سنجد أنّ قيمة هذا الاستثمار، مُساويَة للناتج القومي الليبي، لمئة مرة ويزيد عن ذلك بقليل، أي أنها مُكافِئة لدخل مئة عام ويزيد، من إيرادات النفط، حال أخذنا في الاعتبار، أنّ متوسط سعر البرميل من النفط الخام، للقيمتين العُليا والدُّنيا له- (40)، (5) دولاراً- يساوي عشرين (20) دولاراً فحسب، وهذا غير منطقي، لأنّ عمر استخراج النفط الخام من جوف الأرض وعمق البحر الليبيين، لم يتجاوز خمسين عاماً فقط، أي منذ ستينيات القرن المنصرم، وحتى يومنا الأغسطسي هذا، لكنه سيكون منطقياً في حالة واحدة- وهي- إذا ما اعتبرنا أنّ أصول هذا المبلغ الضخم، مكوّنة من الرأسمال الأصلي- الذي هو أقل بكثير من الرقم المزعوم عنكبوتياً- مضافاً إليه في كل عام، العائدات المُجمَّدة منه، والمُتجمِدة في ثلاجات بنوك أوروبا الباردة، والمُجنَّبة من دون أنْ تمسها الجنابة، التي سوف لن تتطهر، إلا بزكاتها على الشعب الليبي، من دون تميّيز.
عموماً، فإنّ هذا الرقم الخيالي غير المتخيّل أصلاً، حقيقٌ بأنْ يُنشِئ لنا طريق من ليبيا إلى القمر- أي ما مسافته 300 ألف كيلومتر- في الفضاء، لنستثمر في مجال استخراج المعادن الثقيلة تحت سطحه، لاسيما أنّه، ليس هناك ثمة منافسٌ ولا قِوى استعمارية ولا حروبٌ أهلية، فالأوضاع على سطحه جد مستقرة، كما أجواؤه المُقمِرة.
3– توضيح:
أكتب لكم هذه المقالة، وأنا مصابٌ جداً، بإنفلونزا حادة ذات سلالة عريقة- عافاكم الله- لدرجة أنّ عطساتي بعدد حروفها، على أية حال، فربما يكون هذا الزكام، كفارة ليّ على ما اقترفته في قصتي، التي كتبتها في أربعة أجزاء عن طرابلس، حيث رأى البعض، بأنني تحاملت على هذه المدينة- لكوني لم أبرز جماليات معالمها، التي هي بكل يقين، ليست في حاجة إليّ، لكي تـُعرَف، حتى أسهّم بدوري كمواطن شريف في إنعاش السياحة فيها، و في الحقيقة أنا مُضاد لمشروع السياحة، أي أنْ تفتح البلاد على مصارعها (البرية والجوية والبحرية) للأجانب من دون دراسة لواقع المجتمع الليبي وخصوصياته، لكني مع فتح باب السياحة الداخلية- وهو لا يعلم بأنّ ليّ أسلوبي الخاص في الكتابة، فالأمور الجمالية، لا أتناولها في نصوصي، إلا إذا كانت تدور حول الفنون، من مثل ما ورد في مقالاتي الفنية، التي عاب عليّ قسمٌ من المهتمين، كوني حينما أتناول فناناً بعينه، انبري إلى ذكر مواطن الجمال في أعماله، وأغضّ الطرف عن مثالبه، وملاحظته تكون معيبة عليّ بحقٍّ، في حالة خاصة، هي لو أنني تناولت الأسماء غير المكتملة الموهبة، فما جرَّني إلى ذكر مواطن الجمال فقط، هو أنني ما تناولت في مقالاتي المتعلقة بالأغنية الليبية في أكثر من ثلاثين حلقة، إلا الأصوات والملحنين والشعراء، الذين قد انتقيتهم بذكاء وعناية، يبعداني كل البعد، عن أي منزلق قد أقع فيه، ولكم أنْ تراجعوا وترجعوا إلى الأسماء التي كتبت عنها، لتتأكدوا من هذه الحقيقة، وسوف لن تجدوا من بين تلك الأسماء اسم 'رمضان كازوز' ولا 'عبد الله منصور' ولا 'ناصف محمود' ولا "محمد حسن".
أما في المقالات التي أتطرق فيها إلى الشأن الاجتماعي أو الفكري أو الأدبي، فإني أركّز أكثر ما أركّز، على المساوئ المُشوّهة للجمال، التي يجب دحضها والقضاء عليها، حتى ننعم بنعمة الجمال.
لقد نشأت تنشئة تربوية، تجعلني دوماً، أردُّ الأمور إلى الله تعالى، فأية مصيبة أعتبرها لذنب قد أكون اقترفته، وبخصوص هذه الإنفلونزا وعطساتها المتتالية، ربما يكون مرجعها ليس السبب الأول، بل ربما لأنني تغاضيت عن ذكر مساوئ، كان عليّ أنْ أوردها في قصتي السابقة، لكني ما فعلت، ربما رياءً ومجاملة وخشية مني، أنْ يسخط عليّ بعض القراء والمتابعين المتنفذين، فرِضا المعبود هو ما يعنيني، ويُغنيني عن رِضا العبد العربيد، فصحيح أنني لم أبرز ملامح هذه المدينة، و هذا تحامل مني رأه البعض في سلوكي الكتابيّ، ولكن بالمثل، إذا ذكرت أحد هذه المعالم، فسوف لن أراه بعين واحدة، بل بالاثنتين، فواحدة سترصد زخارفه، و الأخرى ترصد ما إنْ ذكرته، فسوف يكون أكبر حملة ترويج مني للسياحة في ليبيا، بل سيفوق حتى دعايات وزارة السياحة في هذا الشأن، التي لم تأتِ بفائدة حتى الآن، حيث إنني دخلت إلى أحد هذه الأبراج مضطراً، لأسلم أحدهم أمانة، بعدما أعلموني، بأنه يتواجد على الدوام في مقهاه، وهناك رأيت شابة ليبية، تقدِّم المشروبات للزبائن وأغلبهم من الأجانب، هي جميلة إلى درجة أنني استكثرتها على نفسي، هذا من حيث الحُسن، لكنها كانت ترتدي ما ترتديه المومسات تحت أعمدة الإنارة.
4– سرد تستوجبه الضرورة:
يا لهذا الزكام الأغسطسي، الذي لم أعرف له سراً حتى الآن، فأنا لا اشرب الماء البارد، ولا أتبرد بأجهزة التكييف، و مع ذلك، فجسدي يتصبّب عرقاً، و جبيني يتفصد بهذا السائل الأوجاج، أشعلت التلفاز، ليختار من تلقائه، أخر قناة، كان قد أُطفيء عليها، قناة الجماهيرية 2- الليبية زمانات- ثمة برنامج لم أشاهده من ذي قبل، اسمه (الملف) يُقدّمه إذاعي ليبي شاب، لبق وذو كاريزما ممتازة، ففتح ملف القرية السياحية الجديدة، التي أُنجـِزت مؤخراً، بعد أربع سنوات من الإنشاء على شاطئ (شهداء سيدي عبد الجليل) مستضيفاً صحفياً شاباً، وثلاثة مواطنين من سكان هذه المنطقة، فعبّر ثلاثتهم عن الضرّر، الذي أصابهم ومسّهم من هذا المرفق السياحي، الذي توقعوا أيام العمل فيه، بأنه سيعود عليهم بالرخاء والفائدة، فما جاءهم إلا بقفل محالهم التجارية- رزقهم ورزق أولادهم- وتهديدهم أيضاً- بحجة تطوير السياحة- بإزالة مساكنهم الشعبية، التي تأوي أربعمئة ألف عائلة، بعد أنْ أُحيل بينهم وبين هذا الشاطئ، الذي ولدوا وترعرعوا على رماله، حيث يوجد- كما ذكروا- بعض (اقلال الدين والحياء) من الليبيين التابعين إلى هذا المرفق، الذين يمشطون الشاطئ من أثر لأيِّ ليبي من أبناء سكان هذه المنطقة، ويمنعونهم بانهيال الهـِراوات على جماجمهم وأضلعهم، من الاقتراب من هذه القرية السياحية الجديدة.
وبعد أنْ بدأ الإذاعي في استقبال المكالمات، أُعطيت الكلمة لمواطنة شابة من سكان هذه المنطقة المتضررين، اسمها 'فاطمة' فذكّرتني بالحاجة 'فاطمة'- ذكرها الله بكل خير- التي أضعتها في طرابلس، وفقدت عنوانها في بنغازي، فبدا ليّ أنّ هذه البنت، قد تربّت على الطيبة والأدب والحشمة إلى درجة الدروشة، كما أغلب الليبيين، فقالت في معرض حديثها: (رانا قعدنا نكرو في السيارات ونمشو لعند شط القره بوللي.. يا ريتهم ايخلولنا ولو جزء بسيط من الشط اللي طول عمرنا نمشوله في الصيف.. ومش مشكلة لو يبو ايخصصو القرية للأجانب.. رانا بالعكس فرحانين بالسواح اللي بدو ايجو لبلادنا وايشوفو في مناظرها الحلوة.. بيش لما ايروحو لبلاداتهم يحكو علينا بكل خير.. وفي سبا سمعة ابلادنا.. مستعدين نستضيفوا السواح ونكرموهم حتى من رزق خوتنا وعيالنا).
'فاطمة' لا تـُلام، فهي ابنة بيئتها، كما الليبيات كلهن، اللائي في قلوبهن الحنان والسماح والطيبة والعطف، لكن 'فاطمة' لا تعرف، بأننا ما قبـِلنا بفتح باب السياحة في هذا الوقت خصوصاً- على الرغم من أننا لسنا في حاجة إليها- كي تهان كرامتنا، وترهن أرضنا للوافدين الأجانب من السوّاح، فإذا فعل فينا السوّاح وأزلامهم، هذا الفعل، فماذا سننتظر من المستثمرين إذاً؟.
ففي القانون الليبي، هناك مادة لا احفظ رقمها، لكني سأورد لكم سياقها التالي: 'المسافة الممتدة من شاطئ البحر، وحتى مئة متر إلى الداخل، على طول الساحل الليبي، هي ملك الدولة والشعب الليبي، ولا يجوز امتلاكها أو التصرف فيها".. فاعلمي يا افطومة، بأنّ على من يريد، أنْ يزيل مباني هذه المنطقة السكنية- بحجة تطوير السياحة= الخجل من الليبيين الفقراء- عليه أنْ يفهم بأنّ هذه القرية السياحية، ستزال فوراً، وطبقاً للقانون المذكور، هذا أولاً، أما ثانياً، فعلى 'فاطمة' أنْ تكون مواطنة واعية، كي تعرف بأنّ على كل أجنبي، يبتغي أنْ يدخل إلى بلادنا، أنْ يبذل النفيس و الرخيص، كي يدخلها، هذا إذا كان لبلادنا قــُدسيّة وشأن بين الدول، وألا نتساهل مع هؤلاء الأجانب عند الانتفاع بخدماتنا السياحية، فكل شيء بمقابل، من دخولهم إلى خروجهم، بل علينا أنْ نجعلهم يدفعون حتى ثمن الرمال التي تعلق في أحذيتهم عند عودتهم، أو أنْ ينفضوها من غبارنا، و هم على مدارج المطارات، وإلا فما فائدة السياحة يا فاطمة؟ إذا كنا سنعامل السواح كما اللاجئين المحتاجين؟.
و ألا نقع فيما وقع فيه الأخوة التوانسة، الذين سبقونا بأشواط عديدة في مجال السياحة، حيث قامت وزارة السياحة هناك، في أحداث تعطل الملاحة الجوية، جراء انفجار بركان ايسلندا، بإيواء السواح الأوربيين، الذين نفدت مُدّخَراتهم المالية، في الفنادق أمهات الخمس نجوم، التي نزلوا فيها أصلاً، معتقدة بأنّها سوف تسهم بذلك، في تعزيز سمعة بلادها السياحية، حال تذكر هؤلاء السواح- الذين صاروا ضيوفاً- لهذا الصنيع، و تغري وتغوي المزيد من الأوروبيين بالقدوم إليها، متناسية بأنّ هؤلاء الأقوام مصابون برذيلة نكران الجميل، وسوف يتطيَّرون من تونس، التي اختاروها ليتنزهوا فيها، فاندلع بركان أيسلندا حينئذٍ.
5– الرأي والعمل:
أ– بخصوص الاستثمار:
طالما غابت الشفافية بخصوص الاستثمارات الليبية في الخارج، التي نعرف بها مردود المبلغ الهائل والمروع والخيالي والخطير، الذي يمثل رأسمالها المُحرِّك، الذي جِئنا على ذكره بعاليه، من دون أنْ نضيف إليه الـ (90) مليار دولار، التي خيض بشأنها جدلٌ واسعٌ في الفترة الأخيرة، فالأحرى بنا، أنْ نعيده لنوظـّفه في الداخل، وعلى الأرض الليبية، بدلاً من أنْ نرهن بلادنا للقادم الأجنبي، فالاستثمار الأجنبي في الأصل، لا يُقام إلا على أراضي البلدان الغنية بالموارد الطبيعية، من أراضٍ خصبة و معادن، لكنها تفتقر للعملات الصعبة، التي تستطيع بها أنْ تستغل مواردها، فيحلُّ الأجنبي بماله، ليقوم بهذه المهمة، وفقاً لاتفاق تبرمه حكومات هذه الدول مع المستثمر، بما يضمن لها سيادتها، و يؤمن له الجدوى، بحسب تحديد نسبة المكاسب بينهما، وطالما أنّ بلادنا، صارت تغري المستثمر الأجنبي في هذا المجال، فهذا يُدلّل على أنّ هناك فرصاً كثيرة في مجال الاستثمار، فعلينا أنْ نستثمر أموالنا في وعلى أرضنا الليبية- فجحا أولى بلحم ثوره- وأنْ ننفرد بمكاسبها لوحدنا، من دون أنْ يشاركنا الأجانب، فتكون ثمار هذه المشروعات خالصة بنسبة 100% لليبيين فقط، ما دُمنا لا نفتقر إلى المال ولا الرجال، وإلا أصبحنا مضحكة لشعوب العالم.
ب– بخصوص السياحة:
قبل أنْ نفكر في استقطاب المستثمر والسائح الأجنبيين، وأنْ نسهر على راحتهما ورفاهيتهما، إلى درجة أنْ نفكر في إزالة بيوت الليبيين، ومنعهم من التواجد إلى جانب السائح الأجنبي إلى حدّ ضربهم وإهانتهم، وإلى درجة القفز على شريعة المجتمع، بإباحة بيع الخمور لهما، وهنا لست في وارد البحث في هذا الشأن، الذي أسلفت رأيي بخصوصه في مقالة سابقة، بعنوان (النبأ فظيع) لكن لننظر إلى الأمر من زاوية أخرى، كيف نبيح للأجنبي تعاطي الخمور، في حين أننا نمنع أبن الوطن من ذلك، ونطبق عليه القوانين المانعة لذلك؟ إذا قبض عليه متلبساً بالخمور المحلية (هههههههه) هنا أضحك ممن سوف يفهمني خطأً، ويظنّ بأنني ابحث عن المسوّغ لإباحة تعاطي الخمور محلياً، في حين أنني، ما سقت هذه الملاحظة إلا لإقامة الحُجة، ليس إلا، أعيد واقول، علينا قبل أنْ نفكر في استقطاب السائح الأجنبي، أنْ نحقق الرفاهية للشعب الليبي، المحروم من حق السياحة وعلاوة السفر، وإذا كنا نخاف على العملات الصعبة- اللي انزازو بيهن ومانا عارفين ما انديرو بيهن- من أنْ تهدر في الخارج، يتعيّن علينا أنْ نشجع على الترويج للسياحة الداخلية أو البينية، أي بين المدن الليبية، التي تفصلها المسافات الطويلة، كي نضرب بحجر واحد عصفوري الشؤم الأسودين (الغبن والعنصرية) فكما يقال: 'البعيد عن العين بعيد عن القلب' فطالما لم نقضِ على هذه المسافات والصحارى، التي تفصل بين مدننا وأريافنا، فإنّ شرَّ العنصرية، سيظلّ مستطيراً ومُحدقاً بنا.
حكى لي صديق من بنغازي، أراد الزواج بشابة من طرابلس، أنه لم خطبها، لم يبدِ أهلها أية ملاحظات عليه، بل قالوا له، وهم غير ملامين: (سنزداد شرفاً بمصاهرتك، لكن المسافة بعيدة، وما عندنش حتى سيارة، والله يا ليتك أقل شيء، من سكان مصراتة، فهي قريبة نوعاً ما منا).
إذاً، فليُستثمر ذلك المبلغ الهائل والمروّع والخيالي والخطير، في تعبيد سكك الحديد بين كل مدينة وأخرى، وفي بناء الموانئ على شواطئ المدن الكبيرة، و لتقام المرافئ على سواحل القرى الصغيرة، حتى نتواصل ونتواصل و (يقعد زيتنا في دقيقنا).. ولسنا بطلبنا هذا، نبتغي المستحيل، فدول العالم كلها، تقيم ما ذكرت، من دون أنّ يطلب إليها، ولا منّة لأحد علينا، أنْ تحقق كل شيء، وإلى أنْ يتحقق، علينا أنْ نغالب ونطالب بذلك، وما ضاع طلب وراءه مُطالب، وما ضعف الطالب ولا المطلوب، وما استمر العطس في أغسطس.
ــــــــــــــــــــــ
(*): ما هي وحدة قياس برميل النفط الخام؟ فإذا عاملناه كسائل، وهو كذلك، فكم يساوي باللترات يا ترى؟.

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية