السبت، 9 أكتوبر 2010

طلب مواطنة واحترام

إلى من يهمه الأمر:
لدى اقتلاع (لا) النافية من صيغة هذا العنوان، سيصبح كما عنوان الجهة المُخاطـَبة في نصِّ أي طلب، اعتاد الليبيون كتابته في نصوص طلباتهم ومطالبهم الكتابية، على أوراق الطلب، التي لا تـُحقق مراميها في الغالب الأعم، كما التسديدة التي يقوم بها اللاعب، ولا تعانق شِباك المرمى، إذ ترتطم بالقائم الثابت، أو تعلو (العارضة) فتسكن بين أيدي الجمهور على المدرجات، وقد تصل إلى أحد الصبية، الذي من فوره، يضعها تحت قميصه، فيمسي كما المرأة الحُبلى في شهرها التاسع، وبمجرد أنْ يدرك ساحة الحي الشعبي الميت، الذي يقطنه، يلدها من بطنه، ليلعب بها هو وأقرانه الصغار، فهذا ما كنا نقترفه في ملعب 28 مارس، لافتقارنا لكرة الـ (فطّمن*) في فترة ما بعد إغلاق متجري الألعاب- في البركة وسيدي حسين- في مدينة بنغازي. 
نعم فهذا ما كان يحدث سنواتئذٍ، وفي حالة أخرى، يحدث أنْ تقع المستديرة في مضمار المجاري، الذي يحوط بالملعب-عمركم يا من اتحبو اتسافرو برّه، شفتو ملعب فيه مجاري؟- فيمسي اللاعبون والمتفرجون وسيد الملعب (الحكم) تحت رحمة حارس الملعب لا المرمى 'ابلال الأسمراني' مُشجع الهلال، الذي يأتي مرتدياً (كبوطاً) من بقايا الحرب الكونية الثانية، وهو مختالاً بنفسه، وفي يده مصيّدة معدنية على هيأة (مقشّة) ليخرج الكرة الملوثة من مستنقعها، في وسط تصفير أفواه المتفرجين وصفير صافرة الحكم، لكنه إذا أحسّ بسُخرية الجمهور منه، يمتنع عن إخراجها، حتى يستعطفه المشجعون: (رانا دخيلتك يا ابلولة) ويشجّعونه: (وحبيبكم مين؟.. ابلااااااااااال) بتوافق وتناغم من جمهوري النصر والأهلي معاً، حينذاك يمنُّ عليهم بذلك، فقد كان قانون اللعب المعمول به، ينصُّ على ضرورة إعادة الكرة نفسها إلى الملعب، وانتفاء استبدالها بغيرها، حتى لو اضطر واستدعى الأمر، إلى أنْ يقفز أحد المتفرجين وينزل إلى الوحل، كي يخرج الكرة، في غياب 'ابلال**' الذي قد يكون مُنهمِكاً في تفتيت وتمزيق تذاكر الداخلين بنظام (الاثنين ببوليت واحد) إذ أنه لا يترك الأبواب إلا في حالة واحدة، وهي سيادة الظلام على الملعب، إذ ذاك، يمضي لينير أعمد الكهرباء الشاهقة، فهو الشخص الوحيد الموكل إليه بذلك، ليصبح المسؤول الأول على مصدر الطاقة، وكذلك الجانب الزراعي، المُتمثل في تعشيب الملعب وسقايته، وأيضاً الشؤون الداخلية، لأنه يمتلك مفاتيح المداخل الرئيسية والفرعية-فأحياناً يقوم بتشغيل باب واحد فقط،، وفي أحايين أخرى، يُفرّج على الجمهور، بفتح مغاليق الأبواب كلها، إذا كان رائقاً ومبسوطاً- كما أنه المُتحكِّم في الجانب الثقافي والترفيهي، بتشغيل مكبرات الإذاعة المسموعة الخاصة بالملعب، في الاستراحة ما بين الشوطين على أغنية واحدة، عادة ما كانت تصدح بها تلكم المكبرات، وهي: (دوم وطني اربوعه نايرة / محمد حسن)- في الوقت الذي لا ينير فيه من مجموع اثنين وثلاثين كشّاف كهربائي، يحمله كل عمود من مجموع ثمانية أعمدة، سوى مصباحين وكفى لكل عمود- والجمهور مستمتع بقزقزة بذور عبّاد الشمس، وشرب شاي مخلوط بالقرفة- يقرف كل من يشربه- لأنه يُطبخ في حلة (امشيطة) تحت سلالم المدرجات، التي تفوح من تحتها، رائحة النشادر البشرية. 
إلى من يهمه الأمر، عبارة لطالما دبّجنا وندبّج بها مطالبنا في طلبات كثيرة منها:

1 – الحصول على عمل.
2 – الحصول على أمل.
3 – الحصول على علاج بالخارج.
4 – التسجيل بالجامعات.
5 – الحصول على قروض مصرفية.
6 – الحصول على سكن.
.
.
.
.
.
.
.
.
100 – الحصول على أي شيء ضائع.
وفي أسفلها، اعتدنا أن نكتب مُرغمين ومستجدين:'راجيين فيها منكم، أن تأخذوا مطالبنا هذه، بعين الأهمية العوراء والاحتقار'.
***
طلبي الخاص العام = طلب جامع مانع
إلى من لا يهمه الأمر، إلى من لا يعنيه العُمر:
أعلم بأنّ الكرة لم تعلُ العارضة، ولم ترتطم بالقائم، لأننا نعرف بأنّ القائم ثابت ولا يتزحزح، فهو جزء من المرمى، فسدّدنا قذائفنا (بونته ومع الصبع الكبير) بعيداً عنه، بتسديداتٍ ماردونية وسقراطية وفلكاوية، بحيث تتفادى القائم، ولا تـُخطئ هدفها، بل اصطدمت الكرة بقائم المقام (قائمقام).. الكرة عانقت الشباك ونفذت منها، لأنّ مراقب الخط لم يتفحص الشباك المثقوبة قبل الشروع في المباراة، الكرة ركلتها الأقدام، الكرة ضاعت في الزحام، زحام طلبات الطالبين وطلبات الطالبات والمطلوبين للإقالة، الكرة لم تصل إلى أيدي أمينة، الكرات منفوخة بزفير صدورنا، الكرات كلها تحمل المطالب نفسها، فهل حملوها على محمل الجدّ والجدّات، أم حملوها تحت قمصانهم، وهربوا بها قصياً عن أعيننا؟ كالمرأة التي حملت سِفاحاً، ليجهضوا أحلامنا، وليواروا سؤاتهم هناك عند مزابل وعمق سلات المهملات.
فبرجاء المُحِبّ، حققوا لنا هذه المطالب، من دون طلب ولا استثناء ولا استجداء، حتى لا تزداد وتتراكم عليكم الكرات في الشباك، ولا نستهلك (كويشات) أكثر مما يلزم، و أوراق طلب أكثر من ذلك، وذلك بقرار صائب.
وإلى الأمام والكفاح الأدبي مستمر ومستقر
مُقدِّمُه إليكم/
مقام أخيكم: زياد العيساوي
حُررت في بنغازي
بتاريخ يوم الأحد
الموافق: 26 / 9 / 2010 ميلادياً
ــــــــــــــــــــــ
(*): في تلك الفترة، كان منا، من يحضر تدريبات الفريق الأول لنادي النصر، وحينما يقوم البعض من اللاعبين من جيل الثمانينيات، بتسديد الكرة في قلب السماء، تعلو أسوار النادي إلى الخارج، فنسرقها.
(**): رأيته في شهر رمضان الفائت في مقهى سوق الحوت يحتسي قهوته، وهو يصطاد الكرات من أنفه.

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية