الجمعة، 6 مايو 2011

الغباء الدكتاتوري العربي

بنغازي: 6/5/2011
الدكتاتورية، داءٌ عُضال، تـُصيب من هو عليها- مهما علا شأنه، ووصل إلى مراحل مٌتقدِّمة من التعليم- بخدرٍ في الحركة وقصورٍ في التفكير، وسوء القراءة لمعرفة ما يدور حوله، لا يقع فيه حتى الأطفال والمتخلفون، وقد اتضح هذا الداء في غباء الدكتاتوريين من الحكّام العرب، في هذه المرحلة من الثورة العربية الكبرى، حيث إننا، ومع اندلاع ثورة كل شعب في قطر عربي على دكتاتوره، ومن يسومه القمع، نقف على طبوع مختلفة من الممارسات الغبية لكبح غضبة الشعوب، بفرامل و(فرامانات) السلطان، فالغباء يكمن في انتفاء حسن التصرف مع مُسبِّبات هذه الثورات، ففي "مصر" مثلاً، كان بإمكان الرئيس المخلوع "مبارك" أنْ يقطع الطريق أمام خصومه، بطمأنتهم والشعب المصري بأكمله، باستبعاد احتمالية صعود فكرة التوريث على المشهد السياسي المصري، وكذلك مماطلته وتسويفه لإلغاء قانون الطوارئ، الذي تمّ بموجبه القبض على كل من حاول ممارسة العمل السياسي بعيداً عن عين الرقيب الأمني، ولا ننسى تورط هذا النظام في اتفاقيات السلام مع "إسرائيل" وإقحامه لمصر في الحصار، الذي ضُرِب على قطاع "غزة" حتى تصاعدت مطالب الشعب وعلا سقفها، لتطال رأس النظام مُنادية بسقوطه الفوري، وقد تمثّل هذا الغباء الدكتاتوري في "تونس" قبل ذلك، مع أول ثورة عربية، حينما تزاوج المال بالسلطة هناك، واحتكار عائلة وأصهار الرئيس التونسي لمفاصل السلطة والاقتصاد، وقمعه للحريات الشخصية، حتى طالت الملبس، وعمله على إخفاء الهوية الإسلامية للمجتمع العربي التونسي، أما في "سوريا"، فقد تجسّد غباء الدكتاتور في شخص الرئيس الدكتور "الأسد" الذي ظنّ بأنه سيحكم البلاد إلى الأبد، على الرغم من خيانته لوطنه وأمته، واستشراء الفساد في هيكل الدولة، وما شهده العالم في مسرحية توريثه للسلطة بعد رحيل أبيه الهالك، حينما تمّ التعديل العبثي، الذي أجراه حزب البعث على الدستور السوري، كي يكون على مقاس الابن، في سابقة عربية من هذا النوع، لم يعرف لها العالم نظيراً إلا ما جرى في كوريا الشمالية، فاستحدثا بذلك، نظاماً سياسياً مشوهاً، لا يوجد له تعريف في الفقه السياسي، فأُصطلِح له تسمية النظام الجملوكي، وهو نظام ملكي- غير دستوري- في حقيقته، ويتخفى بالساتر الجمهوري، فغباء الرئيس الأسد، بات جلياً بعد إعلانه الحرب على الشعب السوري، لسببين، أولهما علمه المسبق- ولا ريب- باستحالة تطويع الشعب الثائر والقضاء على حركته الثورية، وثانيهما، أنه صار على درب أبيه "حافظ" بالحفاظ على الهدنة مع "إسرائيل" على الحدود، مخافة العقاب، الذي سيتعرض له حكمه حال تحريك جيشه، ولو بإطلاق رصاصة واحدة في اتجاه مرتفعات الجولان، والغباء لا يقف عند هذا الحد وكفى، فهو يسفر عن نفسه- لهبال ما يدسش روحه- ويبدو واضحاً في الاستعداد لاستعداء الشعب السوري ضدِّه، وهو يعرف بأنّ مقتله ونهاية حكمه سيكونان على يد هذا الشعب البطل، إذا استمرأ استحقاره والاستخفاف بمطالبه المشروعة، ألم يخطر بعقلية هذا النظام الغبي، أنه إذا ما هتف بشعار تحرير أراضيه المغتصبة، سيجعل من السوريين يلتفون حول قيادته الحكيمة- كما تصفها قنوات النظام- ويتناسون حقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويرجئونها إلى إشعار آخر، فهذا القرار الذي جبن الأسدين (الأب والابن) على اتخاذه، وصارا كنعامتين أمام شعبهما على الرغم من إدعائهما، بأنهما حملة لواء المقاومة والمواجهة، بحجة انتفاء أهلية القوات المسلحة السورية، لأنْ تتصدى له وتتولاه، فلو اعتمده الابن الآن وفي هذه المرحلة، لما خسر ثقة الشعب به، الذي سيعمل جاهداً ومجاهداً لإسقاط هذا النظام، بيد أنّ هتافات الشعب في "سوريا" بكل مدنها من "درعا"- لاحظوا إنها على وزن مدينتنا "درنة"- إلى الجريحة "حماه" إلى ريف "دمشق" و"حمص" صارت تعييره بخيانته وجبنه، وتذكره بالجولان، التي يجب على "الأسد" دفع مدرعاته، التي تحاصر هذه المدن الوديعة، إلى هذه المرتفعات التي لم يطلق النظام صوبها طلقة واحدة منذ عام 1973 ميلادية، بل يقوم بتأمينها حتى من الذباب، الذي لا يستطيع خرق الحدود السورية باتجاهها إلا بإذن من حرس الحدود السوري، فما الأفضل والأشرف للنظام السوري يا ترى؟ هل سقوطه على يد الشعب السوري، ووصفه- بعد ذلك- بالخيانة والدكتاتورية، أو أنْ يعلن الحرب المشروعة على "إسرائيل" لأجل استرداد أرضه؟ المنطق يقول بأنّ الاختيار الثاني هو الأفضل له، لكنّ الغباء الدكتاتوري، يرى في الاحتمال الأول الأفضلية، كما هو واضحً حتى الآن، فيا لهذه الدكتاتورية الحمقاء.
أما الغباء الدكتاتوري في "ليبيا" فتتعدد أعراضه، طيلة حكم "القذافي"، وهو الذي أضفى على نفسه الألقاب، وعلّق على صدره نياشين النصر وقلائد الفكر، وحسبك من القلادة ما ظهر منها، فأيّ فكر هذا، الذي أوصل هذا المعمر على كرسي الدكتاتورية، إلى كبح ثورة الشعب الليبي باستجلاب المرتزقة؟ وأي غباء الذي عليه أتباعه، وهم يرددون بغباء الببغاء: "الله و...و.. وبس" لن أعدد مساوئ هذا النظام النذل، فهي باتت معروفة، لكني سأطالب بمحاكمته على ثلاث تهم فقط هي (الكذب والاحتيال والتجويع) وسأتغاضى عن كل تهمة أخرى، قد يوجهها إليه الشعب الليبي، وتحاكمه محاكمة الجنايات الدولية عليها، قد تبدو هذه التهم الثلاث بسيطة، لكنها هي سبب علتنا ومناهضة الشعب الليبي له، وهي ما أدت بالغبي إلى الغرق في وحل العنف المفرط، كلما اصطدم بعقاباتها، فيخرج في كل مرة، وقد تلطخت يداه بدم أكثر، فحتى جريمة (بوسليم) كانت ضد سجناء، هم بالأصل رافضون لسياسات الكذب والتجويع والاحتيال.
بإيجاز أقول: إنّ غباء الدكتاتورية العربية كلها، تتجسد في شخص "القذافي" لكوني أراه أعتى وأغبى دكتاتور عربي.


1 تعليقات:

في 23 نوفمبر 2011 في 3:41 ص , Anonymous غير معرف يقول...

انت للاسف انسان جاهل وخصارت العلم فى عقلك وانا اتبرا منك وامتالك .....اللة تم معمر وليبيا وبس

 

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية