الخميس، 28 أبريل 2011

شعلة الثورة العربية الكُبرى

بنغازي في : 26/4/2011

أوقِدت شُعلة الثورة العربية في "تونس" باحتكاك كفّ شرطية مُتغطرِسة، بخدِّ الشهيد الشاب "محمد البوعزيزي" إثر صفعتها له، وبعد نجاح الثورة هناك، مدّ الشعب المصري يده فوق الأرض الليبية، ليستلم الشعلة من أخوه التونسي، واضعاً إياها في ميدان التحرير- الذي اقترحت على شباب الثورة في "مصر"، إبان ثورتهم في إحدى مقالاتي المنشورة على المواقع الإلكترونية، أنْ يسموه ميدان التغيّير، وهذا ما قام به اليمنيون، الذين ألقوا هذه التسمية على ميدان التحرير في العاصمة "صنعاء"- ليستقر بها المقام في ذلك الميدان لمدة ثمانية عشر يوماً، وبمجرد أنْ أسقطت رأس النظام فيها، تلقتها ثلاثة شعوب عربية، وتوزعت جذوتها بين ثلاث دول، هي "اليمن" و"ليبيا" و"سوريا"، أي في ثلاث دول تخضع وترزح تحت ظلم أنظمة، تتشابه كثيراً في طبيعتها، ولها إرث دكتاتوري عتيد، حيث إنّ واحدة منها "سوريا" حدثت فيها ظاهرة التوريث منذ عام 2000 ميلادية، أما الأخريان، فقد كانتا تعدان للتوريث، كما أنّ هذه الأقطار الثلاثة، يجتمع فيها قاسم مشترك واحد، يتمثــّـل في اسم لمدينة واحدة، هي "البيضاء"، ومن المعروف أنّ منظومات الحكم في هذه الأقطار، تربطها تحالفات عميقة منذ مطلع ثمانينيات القرن المنصرم، وقد أدّعت بأنها من دول المواجهة والمناهضة للهيمنة الأمريكية، وقد عاشت واقتاتت على هذا الشِعار الفضفاض طويلاً.
وقد كان من الأصوب، أنْ تؤجّل اثنتان من هذه الأقطار انتفاضتهما، حتى تتكلل بنجاح الثورة في الثالثة- ومن ثم- تستلم الشعلة الواحدة تلو الأخرى بالتناوب، ذلك كي تــُوجّه الأنظار إلى كل واحدة منها بتركيز، وتحظى باهتمام المنظمات الدولية جميعاً، ولتستفيد كل ثورة شعب فيها من تجربة الشعبين الآخرين، وتفوّت على كل نظام منها فرصة القمع، ولا تنجيه من أن يخرج على الدنيا في شكل شاذ عن الأنظمة السياسية في العالم، فمادام أنّ هناك اثنين آخرين يقومان بما يقوم به، فهذا من شأنه أنْ يعتم صورة ما يفعله، فها نحن في هذه الأيام، نرى ما يقوم به "بشار الأسد" من كبح لجماح هذه الثورة المندلعة في بلاده، مُتبـِعاً في ذلك منهاج "القذافي" في القمع، وكذلك ما يقوم به الرئيس اليمني في حق ثورة الشعب اليمني السعيد بثورته، بعد أنْ شاهدنا موفد الأخير، يزور خيمة "القذافي" عشية انعقاد مجلس الجامعة العربية للبحث في الأزمة الليبية، أي قبيل تحويلها لقرارها ناحية المجلس الأمن، وبكل توكيد قد نصح "القذافي" الرئيس اليمني عبر موفده، بممارسة ما في استطاعته لإخماد شعلة الثورة هناك، فبهذه الكيفية الكبحية، استطاع ثلاثتهم تشتيت أبصار العالم، لتوزع كرة اللهب المشتعلة واستحالتها إلى كـُريات أصغر، منذ أنْ أذكاها "البوعزيزي" في "تونس"، وزاد إيقادها بوقود دماء الثائرين القانية في "مصر"، حتى كبر حجم هذه الشعلة، فلو قـُيض لأحد الشعوب في هذا الثالثوث الإجرامي، أنْ يلتقف جذوتها كاملة، لكان لمسرح التطور الثوري، مسارٌ آخرٌ، ولزاد من حماسته، خصوصاً وأنّ أيدي الشعوب الأخرى، تدعو له بالنصر والوصول سالماً إلى خط النهاية وهي تنتظره بالورود، كي تستلم منه هذه الجائزة المُشتعلة على أحر من جمرها.
غير أنّ ما جرى نتيجة عفوية هذه الثورات الشعبية، والتنافس على التسجيل في قائمة الشرف العربي، أعطى الدافع، لأنْ يُجدِّد هؤلاء الحُكّام الثلاثة تحالفهم وربط زوايا مثلثهم بمد أضلاعه، ولكنْ في هذه المرة ضد شعوبهم، أي بعكس ما كانت تدّعي، وأنْ يكتسب كل واحد منهم الخبرة الإجرامية في كيفية التعامل مع الشعب، بفضل وفعل، ما اكتسبه من أخطاء وقع فيها الآخران.
عموماً، ستعود هذه الشعلة إلى منطلقها الأول، بعد أنْ تمرّ بأكثر من بلد عربي، ترتفع السواعد فيه لتقبض على هذه الوقدة، ليحتفل العرب جميعاً عند ضريح "البوعزيزي" بتكامل ونجاح ثورتهم.

 






0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية