الاثنين، 18 أبريل 2011

الجمعة الأخيرة .. كسكسو بلا كوسا

بنغازي: 5/4/2011
موسى كوسا
"ما أطيب شعبي، وما أطيب أكلاته الشعبية وخصوصاً الكسكسو"، كأني بـ"القذافي" هكذا كان يقول في قرارته، بعيداً عن الافتخار بنا، بل وهو يتندر مع زبانيته وأولاده، لأننا قد صبرنا على أذيته، وتجلدنا في ذلك بالله عليه، كي يرتدع من تلقائه، وقاسينا من وراءه، سنوات من الحصار، من دون أن يكون لنا أيُّ دخل ولا ضلع في المسؤولية على جرائمه وحماقاته وانتهاكاته للقوانين الدولية، وتحملنا حتى الغارة الجوية، التي قام بها الأسطول السادس الأمريكي، زمن إدارة الرئيس الأسبق (ريغان) في سنة 1986 ميلادية، وأُستشهِد منا من أستشهد، وفي نهاية المطاف، جعل من نفسه الضحية الوحيدة لتلك الغارة، التي تسبب فيها بعد اعتدائه على الملهى الليلي في (برلين/ألمانيا) وتدخلاته في شؤون الدول الأخرى، وتمويله لعصابات العالم والإرهابيين، ودعمه للحروب الأهلية والبينية (بين دولة وأخرى) في أوج جنونه وشبابه في السبعينيات والثمانينيات، مُصوِّراً لليبيين، بأنه سيرقى ببلدهم إلى مصاف الدول العظمى بهذه الأساليب الإجرامية، عوضاً عن خلق القاعدة العلمية والاقتصادية، والنهوض بالمجتمع الليبي إلى سلم المجتمعات الإنسانية، بالحرص على توفير أسباب الحياة الكريمة للشعب الليبي، الأمر الذي لم يتحرك في اتجاهه خطوة واحدة، بل أنه، سبق الحصار، الذي نتج عن قضية (لوكربي)- الذي قضى بالحظر الجويّ، وبمنع قطع الغيار عن الطائرات المدنية الليبية- بحصار داخلي، بخلق معركة وهمية مع أعداء الخارج، امتدّ إلى أكثر من عشرين عاماً، تحت شعار: "نعيش بالخبز والماء" بربط الأحزمة حتى أخر ثقب، وبشعار قمعي آخر، أراد من خلاله إسكات أيِّ صوتٍ مناوئ له، وهو: "لا صوت يعلو على صوت المعركة" وتنوع حصاره لنا هذا، في شتى المجالات، لكي يُعطِّل عجلة الدوران والتقدُّم في ليبيا، إذ أنه شمل الجانب الاقتصادي والثقافي والرياضي والفني وجوانب أخريات، وضرب به شرائح عديدة من المجتمع، فكان له مردودٌ خطير على البلاد، فهمّش وهشّم أساسات وأساسيات بنيتنا التحتية، وهذا ما جعل نظامه، يخرج قوياً ولا يتأثر كثيراً بالحصار الأممي المذكور، لأنه استمرأ سياسة الحصار الداخلي، وتأقلم معها أصلاً، وعرف كيفية درأ الأزمات الداخلية التي قد تنجم عن أيِّ حظر، فأدار ماكينته الإعلامية لخداع الشعب الليبي، وفبرك حكاية استهداف الاستعمار لنظامه، لكونه ممانعاً للغطرسة والعنجهية الإمبريالية- فأطلق على جماهيريته اسم العظمى- وبمراجعة سريعة لما قام به، نجده ما فعل ذلك إلا لتطويع القِوى الداخلية لسلطته وإخضاعها إليه، وآية ذلك، أنه بمجرد أن رُفِع الحصار عن ليبيا، بعد تسليمه لمواطنيه المدانين في قضية الطائرة الأمريكية (بانام) وبدأ الليبيون يتنفسون الصعداء، حلّ عليهم من وراء الشاشة، ليعلن بأنّ سعر صرف الدولار في المصرف، سيكون مثل سعره في السوق السوداء- 3.5 دينار ليبي- بدلاً من أنْ يشكرهم على صبرهم، ويجعلهم يتعاملون بسعر الدولار الأصلي (0.33 دينار ليبي).لقد تسبّب حصار "القذافي" المتنوع لشعبه المسلح غير القابل للحصار والهزيمة والتجويع- كما زعم ويزعم حتى الآن- في تجويعه وتجهيله، وتردي أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية، ما حمل الشعب الليبي على أن يثور في وجهه، وها قد بدأت الثورة تؤتي أكلها، بانفراط عقد رجال "القذافي" وانصرافهم من حوله، بعد الضربات الموجعة للثوار، وصدمات الرعب، التي تلقتها جرذانه في باب عزيزيته المخلوع، وأسهم نضال الليبيين في انشقاق وزير خارجيته "كوسا" عنه، وبقية الخضّراوات المخضرَّة بلون كتابه الأخضر، ستندلق من صحن (سلاطته) وسُلطته الشعبية، وستليه إن شاء الله، مع أنني لا أعوّل كثيراً على مثل هذه الانشقاقات، فالأنظمة الديكتاتورية الشمولية- ومعمر أنموذجاً- باقية ومستمرة، حتى ترى رؤوسها قد أينعت، وحان اقتطافها، أو برحيلها.

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية