السبت، 16 أبريل 2011

القذافي يجرح وأردوغان يداوي

بنغازي: 4/4/2011
في هذا اليوم، يكون عمرُ مولدتِنا الثورة، قد بلغ سبعة وأربعين يوماً، أي هو اليوم، الذي تجاوز رقمه، مجموع أيام ثورتي تونس (28 يوماً) ومصر (18 يوماً) برقم واحد، ويسبق ذكرى السابع من أبريل- بثلاثة أيام- التي احتفل بها رأس النظام طويلا،ً ويلتصق بها شعار الهاتفين التافهين من أنصاره: "اليوم السابع من أبريل.. اطلع يا خفاش الليل"تـُرى هل سنستمع إليهم وهم يهتفون به في (باب العزيزية)؟، لا أظنهم سوف يجرؤون على ذلك، لئِلا يعتبرهم يقصدونه، فهو المختبئ، وهو من يمتصُّ الدماء، دماء الشعب الليبي الأبيّ، بعد هذا التذكير، ما رأيكم أنْ نمضي حثيثاً نحو موضوعنا الأصلي؟.
إنّ ما يقوم به (رجب طيب أردوغان) رئيس الوزراء التركيّ، لهو دعارة سياسية مفضوحة، حينما يبدي قلقه على حال ليبيا بعين الواقع، وبعين التآمر، يُسهم في إطالة عمر شقاء أشقائه الليبيين، بمغازلته لنظام "القذافي" حدّ العشق والهوى والارتماء في أحضانه الباردة، هذه المغازلة التي تزيد من أنفاسه، وحكمُه قد بات في حُكم المُختنِق، (أردوغان) الذي طلب من "القذافي" عبر غير مكالمة هاتفية بينهما- كما صرّح بلسانه- بضرورة تنحيه، حينما أخبره حرفياً: "طالما أنك لا تشغل أيَّ منصب سياسي في البلاد، فما عليك إلا بالتنحي" فإذا كانت وجهة نظر (أردوغان) ترى في تنحي "القذافي" العلاج الوحيد لحلحلة الأزمة الليبية- لا بقيامه بإسعاف وعلاج جرحانا في "مصراتة" و"بنغازي" بواسطة سفنه وما تحتويه من مستشفيات عائمة- لماذا لا يعمل جاداً على تحقيقها، بمساعيه السياسية والودّية، التي من أساليبها مقاطعته للقذافي، العاق لشعبه وأمته، الذي أُقيمت عليه الحُجّج، حينما نفض يده من العهود التي قطعها على نفسه، ونقض التزامه بوقف إطلاق النار لأكثر من مرة، بل راوغ وخادع العالم بأسره، بإعلانه الكاذب في غير بيان بهذا الصدد، وفيالقه كانت تقرع الباب الغربي لمدينة "بنغازي" بطرقعات وفرقعات قنابله ومُتفجراته؛ لقد أعلن الشعب الليبي عن مواقفه من هذه الطُّغمة الحاكمة ومطالبه، بصورة واضحة وصريحة، في البيان التأسيسي للمجلس الوطني الانتقالي، منذ اليوم الأول لاندلاع الثورة، وحتى يومنا هذا- اليوم السابع والأربعين منها- وقد نصّت على ضرورة تنحي "معمر" عن الحكم، وسيستمر بالسنتيمتر في دربه إلى ذلك، حتى تتجسد مساعيه العادلة، كأيِّ شعب يطمح إلى الحرية، ويطمع في إقامة دولة القانون والعدل والديموقراطية والشفافية، ولن يقبل بغير ذي المطالب، كي يتوقف عن ثورته ضد هذه الحجرة العثرة والعقبة، التي تقف أمام تطلعاته، وللحيلولة دون تحقيق أهدافه المشروعة، ولن تهدأ أفئدة الأرامل والثكالى من بناته وأمهاته، إلا بزوال إجرام نظام "القذافي".
ما بال (أردوغان) السياسي المُحنـَّـك، والمُصطفّ إلى جانب المسلمين في مساعيهم الرامية إلى نيل حريتهم، لا يتفهم ويستوعب ويحتوي هذه المطالب؟ ولا يرعوي عن مساندة من ينتوي ويعمل على إجهاضها؟ إنْ كان حامله على ذلك، هو خشيته على مصالح بلاده في بلادنا، فنطمئنه بأنّ ثورتنا يمضي بها رجالاتها إلى عهد الشفافية، وبأنه في البيان التأسيسي الأول للمجلس الوطني الانتقالي، الذي أعلن عن لزوم تحقيق أماني الشعب، قد التزم باحترام الاتفاقيات الدولية، التي أبرمها نظام "القذافي" مع الأطراف الأجنبية- حتى إنْ لم تقـُم على دراسة جدوى، وأرادها لأغراض تخدمه وحاشيته وحوافه- التي تحفظها وتكفلها المؤسسات الدولية، بموجب قوانين التبادل التجاري وإقامة المشروعات المختلفة، ومن ضمنها ما يخص دولة (تركيا) وحقوق شركاتها وأفرادها العاملين على أرضنا، لكنّ الظاهر للرائي والسياسي المهتم- من خلال تصرفات (أردوغان) المشبوهة، التي اتخذت عدة مظاهر مُبرقعة، وأخرى سافرة بقبح، مهما حاول تزيينها وبهرجتها بمساحيق تبرُّج حسن النيات، حتى أمعن في ذلك، إلى درجة إخراجها في صورة دُمية، أو على شاكلة مُهرِّج ثقيل الحركة ومُضطرب المشاعر في سيرك سياسي، يقامر ويغامر بالسير على خيط رقيق لا شباك تحميه تحته، إذا ما وقع إثر أية زلّة سياسية، تنكسر رأسه- يلحظ تواطؤاً من طرف (أردوغان) يشي بشيءٍ من انتفاء الكياسة السياسية، وحسن تقديره للأوضاع والأمور، التي تتطور بها ثورة الشعب الليبي، فحركة عقارب الساعة تمضي في اتجاه الثوّار، وهي من سوف تضع نهاية لحكم "معمر" مهما حاول (أردوغان) أنْ يعمّر من كرسي الأول، الذي أصبح هو وأولاده، يمارسون عليه تلك اللعبة المدرسية، لعبة (الكرسي الوحيد) الذي يلتفّ حوله المتسابقون، وعند سماعهم للتصفيقة- التي هي مباركة دولية، ما فتئوا ينتظرونها، كنتيجة لخرائط الطريق، التي يرسمونها ويروجونها، لحلِّ هذه الأزمة، التي أوقعوا البلاد في رحاها بتصلبهم الرخو، بالاستعانة بأصدقائهم في العالم، لا الشعب- يحاول كل واحد منهم الجلوس عليه قبل الآخرين، لكنّ التصفيقة الرنانة التي يترقبونها، لن تأتي وتتأتى لهم بعد وأبداً، وهي في وبيدي وكفـّي الشعب الليبي الحرِّ، الذي سيجعل هؤلاء يلفون ويلفون، ثم يلفون حتى يسقطوا على الأرض من شدة تعبهم، وفي نهاية المطاف واللفّ والدوران، سيصفق بكفيه المُخضبتين بحنـّاء الفرحة، لمن ينجح ويترشـّح في صندوق الاقتراع، ليجلس على الكرسي من دون منازع ولا مزحزحه عنه، حتى نهاية مدة ولايته الشرعية.
لذا، على (رجب طيب أردوغان) لو كان طيباً بحقٍّ وصدق، ألا يستغل محنة الشعب الليبي، بمساومته للدول الكبرى، التي تمتنع عن انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوربي، وتنتقد وحشيته في التعامل مع الأقلية الكردية، وتطالبه بإعطائها هامشاً من الحرية والحكم الذاتي، وتريد محاسبة بلاده على المذابح التي اقترفتها بحقِّ الأرمن في الحرب العالمية، وذلك بممانعته لتسليح الثوّار، لتخوفه من نشوب حرب أهلية على أرضنا، وهو ما ينسجم ويتوافق مع قرار مجلس الأمن 1973 الذي يأتي في بنوده نصّ صريح، يقول بحماية المدنيين بالوسائل المتاحة كلها، كما يتوجب عليه، ألا يُفاوض ويقامر بتضحيات شعبنا، لأجل تحقيق بعض المكاسب والمصالح العالقة لدى بلاده، عند الدول الأخرى الساعية إلى تطبيق هذا القرار بحذافيره، ما يُمكـّن من قرب إنهاء أزمتنا، ونحن نشكره على أعماله الإنسانية، لكنْ ينبغي عليه أنْ يفكر قبل مداواتنا، بإلجام من يجرحنا، فما دُمنا قد ضمنا له حقوق بلاده وشعبه لدينا، نرجو منه ألا يساعد في تسميم العلاقة المستقبلية بين شعبينا، ويكفّ عن إدّعائه، بمعرفته بخصوصية الشعب الليبي، والاختلاف بين مشرقه ومغربه، وإزاء تخرصاته هذه، نعلمه بأنّ بين الغرب والشرق ليس ثمة فرق، فنحن أدرى بأنفسنا من غيرنا، وصرنا على يقين من خلال تصرفاته الشاذة، بأنّ "القذافي" يجرح وهو يداوي، بل إنّ الأول يقتل والثاني يُعزي.









0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية