السبت، 30 أغسطس 2014

من مذكرات رئيس أمريكي سيغادر البيت الأبيض



بقلم زياد العيساوي
14 أغسطس 2008
***
قـُبيل نهاية ولايتي الثانية من الرئاسة ، أعلنت مخاطباً الأمة ، أمام مرأى ومسمع من العالم ككل ، بأنّ على الولايات المتحدة الأمريكية ، أنْ تحاول ما وسعها الجهد والعمل من أجل تحسين وجهها الدميم ، الذي يراها عليه كل العرب ، من حيث كونها تقف حجرعثرة 
وصخرة تسدُّ السبيل أمام سيل طموحات الشعب العربي ، و تطلعاته في التحرير والتقدُّم العلمي والتقني ، فقد فاحت رائحة مؤامرات جهاز استخباراتها المركزية النتنة على الشعب العربي منذ أكثر من خمسين عاماً ، بعد أنْ رُفـِع غطاء السّرية عنها ، وما قامت به من دسائس وحيكٍ للمؤامرات في داخل العالم العربي ، ولا ننسى كذلك أننا كنا كلما ناصر مجلس الأمن الدولي القضايا العربية ، نستعمل حق النقض ( الفيتو ) لأجل تعطيل أيِّ قرار، وإنْ كان يدين ( إسرائيل ) وكفى ، فقد كنـّا على الدَّوام ، نكيل بميزانين ، كي نفتَّ في عضد المقاومين من العرب والرافضين لسياسة التبعية ، وكم من مرةٍ ، دعونا فيها إلى إقامة الدولة الفلسطينية ،جنباً إلى جنب مع الدولة العبريةالتي أوجدناها وأقمناها على الباطل في منطقة العرب ولكنْ دونما جديّةولمجرد ذرِّالرماد في العيون فقط.
* وفي بداية صعودي كرسي الرئاسة الأمريكية ، وعند أول خطاب ليّ ، صرّحت بأنّ السياسة التي سأتـَّبعها ، والخاصة بمنطقة الشرق الأوسط ، ستراعي في المقام الأول مصالح ( إسرائيل ) وأمنها ، مع أنني كنت على يقين تام ، بأنها هي من كانت المعتدية و المهددة للأمن والسلم في المنطقة ، في كل حرب شنتها على العرب ، سبقت حكمي ومع ذلك زوّدت بمرسوم رئاسي ( إسرائيل ) التي نعدُّها الحليف الإستراتيجي لنا ، بأفتك أنواع الأسلحة المتطورة ، كل ذلك كي تبسط سيطرتها على الأراضي المحتلة ولتكون هذه الأسلحة بمثابة اليد الطولى لها ، التي تمكـّنها من الوصول إلى أيِّ قطرعربي تهديداً لأمن العرب ولأمن المنطقة والعالم بأسره ، كما أنني اعترفت بـ( القدس ) عاصمة لإسرائيل من دون أنْ يغمض ليّ جفن واحد ، متحدياً بذلك مشاعرالعرب ، وضارباً بالقانون الدولي عرض الجدار، الذي يعتبرهذه المدينة أرضاً احتلتها ( إسرائيل ) من العرب في حرب 1967 م بل ويُطالبُ الاحتلال بالجلاء الفوري عنها .. وما جعلني أفعل ُذلك ، حتى وأنا في طريقي إلى الدخول إلى العمل السياسي ، إبان الانتخابات الرئاسية التي خضتها مع خصمي في الحزب الديموقراطي ، هو طمعي في كسب تأييد اللوبي الصهيوني ، ذلك الأخطبوط الذي تمتد زعانفه إلى مراكز القوة المؤثرة في السياسة والاقتصاد الأمريكيين ، وقد كان ليّ ما أردت ، وأذكرُ فيما أذكرُ أثناء ولاية رئاستي الأولى ، أنني كنت أقلد من سبقوني من الرؤساء الأمريكيين البالغ عددهم اثنين وأربعين رئيساً تقليداً أعمى بل أعور، لا يرى إلا بعين واحدة ، هي العين على مصلحة ونصرة ( إسرائيل ) الظالمة وغيرالمظلومة ، كما قد أخبرتكم منذ حين ، حتى أنني أمعنت في نصرتها ، إلى الدرجة التي كنت فيها ، لا آخذ بقول كل من يمثلون إرادة الشعب الفلسطيني من قادته ، وأصعّـر خديّ لهم ، استعلاءً على الحق و القانون الدوليين ، وألقي باللائمة عليهم دائماً ، كلما اقترفت ( إسرائيل ) المجازر الدامية ضد الشعب الفلسطيني ، هكذا من دون حتى أنْ أهمس مجرد الهمس لهم ، بأنهم على حقٍّ وأنها هي المُدانة ، وهم الذين جاؤوا إليّ ، باعتباري رئيس أكبر دولة عظمى في العالم ، يفترض بأنْ تكون شريكاً نزيهاً لا منحازاً باتجاه ( إسرائيل ) في عملية السلام المجراة بين الطرفين العربي والإسرائيلي ، التي طال أمدها ، ما جعل العرب يتململون ويتبرمون منها ، ومن سياسة بلادي في عهدي ، فلجأت بعد ذلك ، إلى سياسة التسويف و المُماطلة مع العرب ، وإمنائهم بما لا أستطيع حتى أنْ أفاتح فيه الإسرائيليين ، من مطالب واستحقاقاتٍ دولية ، قبل أنْ تكون عربية ، وقبل حتى أنْ تكون فلسطينية ، تقعُ على عاتقهم ، لأني كنت أعرف تمام المعرفة ، بأنّ القيامة ستقوم فوق رأسي ، و سيقوم من رفعني إلى سُدة الحكم بإسقاطي من عليائها ، لو فعلت هذا . 
* ولما دفع بيّ حزبي الجمهوري ، لخوض سباق الانتخابات للولاية الثانية ، ظنّ الواهمون من العرب ، بأنّ الحال ستختلف عمّا كانت عليه في الولاية الأولى ، إنْ فزت في هذه الدورة الانتخابية ، لاعتقادهم بأنني سأكون متحرراً من الضغوط الصهيونية ، وسيكون ليّ إثر ذلك ، الأفق السياسي الحكيم المتحرر من كل مؤثر خارجي ، على عكس ما حدث لدى ترشيحي للانتخابات في المرة الأولى ، فهلـّل بعضُ العرب بذلك ، وكسبت ثقة المسلمين والأمريكيين من الأصول العربية والشرق أوسطية ، ولكنْ منذ نجاحي وتقلدي لمنصب الرئاسة في الإدارة الأمريكية ، وحتى قبيل نهايتها بقليل ، قد مضيت على النهج الموازي لنهج ( إسرائيل ) في المنطقة ، الرافضة لأية تسوية مع العرب ، ولأيِّ تطبيق لقرارات الشرعية الدولية ، واستمررت في اتباع سياسة التسويف والمماطلة ، بتوزيعي للوعود الزائفة على العرب ، بشأن رغبة بلادي الشديدة والمُلـِّحة في حلِّ هذا النزاع القائم بينهم وبين ( إسرائيل ) منذ ما يربو على الستين سنة ، وكان المساكين يثقون بسياستي العبثية ، كما كانوا مع الرؤساء الذين سبقوني ، والذين سيتلوني ، ويأتون من بعدي إلى البيت الأبيض ، لدرجة أنني مارست الخطة ذاتها التي استعملها ( أبي ) أثناء رئاسته ، فقد وعد العرب قبيل أنْ يهاجم العراق في (عاصفة الصحراء) بدعوى تحرير الكويت في عام 1991م بأنه سوف ينهي مشكلة الشرق الأوسط ، بإرجاع الحقوق المغتصبة إلى أصحابها الشرعيين ، و بإنهاء كل مظاهرالاحتلال الإسرائيلي ، العسكري والاستيطاني الذي مضى عليه وقت طويل ، بمجرد أنْ يباركوا هذه الحرب ، بل ويشاركوا بجيوشهم تحت لواء العلم الأمريكي في تحرير ( الكويت ) زمن الرئيس العراقي ـ( صدام حسين )ـ لكنّ كل ما قام به بعد أنْ تحقـّق مسعاه ، المُتمثـّل في اجتماع بعضِ العرب من حوله في تلك الحرب المشؤومة ، هو أنه قد فجّر بالون ما يُسمى بعملية السلام ، الذي ما يزال يُسمعُ دويه بين الحين والآخر، من دون طائل ، فازداد قتل الصهاينة للعرب ، أكثر ممّا كان عليه من ذي قبل ، لكأنّ ما فعله ، كان فقط لمجرد إيهام العرب ، بأنه عند وعده ، الذي قطعه لهم ، وليظهرَ أمام العالم ، بأنّ بلاده ملتزمة بهذه القضية ، من غير أنْ يجبرَ (إسرائيل) على أنْ تنصاعَ وتمتثلَ لقرارات مجلس الأمن ، البالغ مجموع عددها ستة و ثلاثين قراراً ، كانت بلاده من قبل قد مانعت بموجب حق النقض ، تنفيذ (إسرائيل) لها ، وساندتها في غيّها وعدوانها ؛ وها أنا ذا بالمثل ، أفعل ما فعله ( أبي ) إذ أنني ، أطلقت خطة (خارطة الطريق) التي وعدت العرب بها بُعيد الحرب على العراق في 21 / 3 / 2003م . وبعد أنْ ثبت عـُقمها ، لكون ( إسرائيل ) هي من وقفت وراء رسمها ، بما يتوافق مع مصلحتها ، سوّفتـُهم بانعقاد مؤتمر (أنابوليس) الذي حضره العرب المخدوعون والواثقون بيّ ، وبعضُ ُ من المجاملين الواثقين من فشله ، فشلاً ذريعاً .
* آه .. كدت أنْ أنسى ، بأنني قبل غزوي للعراق ، قد أشعلتها حرباً ضروساً على ( أفغانستان ) تحت ذريعة محاربة الإرهاب ، لأنّ الإرهاب في عُرف بلادي ، ليس بمعناه الحقيقي ، فكلُّ من يرفض سياستنا ، هو إرهابي ، و من الطراز الأول ، و الأكثر إرهاباً منه ، هو من يرفع شعار المقاومة بقوة السلاح لطرد المحتل ، و من ينادي بضرورة تطبيق قرارات الشرعية الدولية ، التي نحن نمانع في أحيان كثيرة تنفيذها ، إذا كانت تتعارض مع مصلحتنا ، و إذا كانت تريد النيل من سياسة ( إسرائيل ) في المنطقة ، كما هو حاصل الآن ، لكأنّ هؤلاء العرب ، كانوا و ما يزالون ، لا يعون بأنّ طبيعة التحالف بين الولايات المتحدة الأمريكية و دولة إسرائيل ، هي استراتيجية ، و لا تتوقف على الأشخاص ، الذين يتناوبون على الدخول إلى البيت الأبيض ، كل أربع أو ثماني سنوات ، و هذا ما أعتقد بأنه قد جعلهم لا يبادرون إلى انتزاع حقوقهم بأيديهم ، بل ينتظرون منا كممثلين للسياسة الأمريكية ، أنْ نمنحهم إياها ، و نتصدق عليهم بها .. هكذا .
* وما المساعي السياسية والخيرية التي يقوم بها كل رئيس سابق للولايات المتحدة ، بعد أنْ يغادرَ البيت الأبيض ، إلى منطقة الشرق الوسط ، إلا مؤشرٌ واضح ٌ جلي ، على أنه أثناء تقلده للمنصب السياسي ، كان مُسيَّساً ومُنقاداً نحو أجندة مُحدَّدة ، تنتهجها الحكومات الأمريكية المتعاقبة ، سواء أ كان هذا الرئيس جمهورياً أوديموقراطياً ، وإنْ بدا أنّ ثمة تبايناً بائناً بين أيديولوجية كلا الحزبين ؛ فالجهود التي قام بها ، و لما يزل الرئيس الأمريكي ( جيمي كارتر) الذي رحل عن البيت الأبيض عام 1981م بخصوص السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ، هي من هذا القبيل ، حيث إنه زار منذ فترة قريبة العاصمة السورية (دمشق) وأعلن أمام وسائل الإعلام العالمية : ـ( إنّ الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة يشكـّل إحدى أكبر الجرائم بحقوق الإنسان)ـ ودعا إلى ضرورة ، أنْ تقوم (إسرائيل) برفع هذا الحصار الجائر، في حين أنه أيام رئاسته ، لم يكـُن ليجرؤ، على أنْ ينبسَ ببنت شفة ، حيال الجرائم و المذابح التي اقترفتها (إسرائيل) آنذاك ، وكذلك الحال مع الرئيس الأسبق (بيل كلينتون) الذي كان أثناء ولايته قد ارتدى القبعة اليهودية فوق رأسه ، في صلف وانحياز واضحين ، ليعلن في (إسرائيل) التي صارت محجاً للرؤساء الأمريكيين ككل ، يتمسحون عند عتباتها ، بأنّ بلاده ستعترف بمدينة (القدس) العاصمة السياسية للكيان الصهيوني ، ليس هذا فحسب ، بل وستقوم أيضاً ، بنقل سفارتها إليها ، وما ارتداؤه لتلك القبعة ، إلا دليل منه على الاعتراف ، بأنّ هذا الكيان هو دولة يهودية مطلقة ، وعلى عنصرية إسرائيل كذلك ، ضارباً عرض الحائط بمشاعرالعرب والمسلمين وهوّ الذي كان يصرُّ دائماً ومثلي ( الكلام للرئيس الذي سيغادرالبيت الأبيض) على أنه يتعين على العرب إنْ كانوا صادقين في رغبتهم بالسلام ، أنْ يُقدِّموا مزيداً من التنازلات للإسرائيليين ، من أجل إنجاح عملية السلام ، الذي سيأخذ إثر هذه التنازلات العربية ، ما يشبه بل يطابق طابع الاستسلام العلني ، و التسليم بسيادة وسياسة (إسرائيل) في المنطقة ، وهيمنتها عليها ، لذا لاتستغربوا بعد مغادرتي للبيت الأبيض ، لو رأيتموني أزور قطاع غزة ، وأصافح قادتها الذين لطالما وصفتهم جُزافاً بالإرهابيين ولا يأخذنكم العجب ، إنْ شاهدتموني أرتدي الكوفية الفلسطينية ، رمزالكفاح الفلسطيني فهذا ما دأب عليه أسلافي من الرؤساء الأمريكيين السابقين .
ثمة صورة التقطتها ليّ الذاكرة العربية ، في هذه المذكرات ، لن أقدر على محوها من أذهان العرب أبداً ، وهي صورتي عندما حطـّت بيّ إحدى مقنبلاتنا الجوية على إحدى حاملات الطائرات التابعة للأسطول العسكري الأمريكي ، الرابضة في الخليج العربي ، حينما نزلت منها مرتدياً البزة العسكرية لسلاح الجو، في أول مرةٍ ، يظهرُ فيها رئيس أمريكي ، عقب الحرب العالمية الثانية على هذه الهيأة ، متبجحاً بالنصرعلى العراق ، وانتهاء العمليات العسكرية ، التي ثبت بالدليل القاطع ، أنها كانت أفشل حرب ، قد أُقحمت فيها بلادي ، كما تشير استطلاعات الرأي ، تلك الحرب التي جاءت على ضوء ، بل تحت ظلام أكذوبة أسلحة الدمارالشامل ، التي زعمنا بأنّ العراق يمتلكها ، بعد خروج حكومتي عن المنظومة الدولية ، التي لم تجـِز لنا شنَّ هذه الحرب ، نتيجة استعمال ( فرنسا ) الدولة التي تمتلك العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي ، لحق النقض (الفيتو) ضد قرارالحرب على العراق ، كما لن يغفرَ ليّ العرب والمسلمون ، الذين يفوق عددهم البليون والنصف نسمة ، تلك العبارة ، التي ألقيتها في أعقاب أحداث تفجيرات 11 سبتمبر 2001 م التي جاء فيها قولي وأنا بكامل قواي العقلية : ـ( إننا سنعلنها حرباً صليبية على العرب والمسلمين)ـ من دون أن تكون لدي كياسة السياسي المسؤول عمّا يقول ؛ ومع ذلك فإنّ المتوهمين من العرب ما يزالون ينتظرون من حكومتي ، أنْ تضع (إسرائيل) في حجمها الطبيعي ، وأمام الاستحقاقات الدولية ، التي ينبغي عليها القيام بها و لومرغمة ، وأنْ تردع طموحاتها المبنية على الطمع والاستعلاء على العرب ، وهي التي كبرت وسمن عودها ، على حساب الأراضي العربية المحتلة ، التي كنا نساندها علناً ، و بكل ما أوتينا من جهد في عدوانها الدائم و الآثم .
عموماً فأنا لا أستطيع أنْ أوجز لكم مدى و حجم تآمري على العرب في هذه المذكرات ، حتى في الأمور ، التي صارت معلنة ، لأنّ ما خفيّ من تواطؤي مع (إسرائيل) كان أعظم وأبشع بكثير، لكنْ لاتفوتني الإشارة إلى حرب تموز التي شنتها آلة الحرب الإسرائيلية على ( لبنان ) بقصد إرجاعه إلى أكثرمن مئة سنة غابرة ، فقد كنت عرَّاب هذه الحرب والراعي الرسمي لها في مجلس الأمن ، لأنني كنت أطمح إلى تغيير وجه وخارطة الشرق الأوسط ، واستبداله بـ(الشرق الأوسط الجديد) الذي تنتشرعلى خارطته ، كياناتُ ُ وكيتوناتُ ُ قزميةُ ُ ، تكون فيه الزعامة للإسرائيليين . 
هذا ما تحتفظ به الذاكرة العربية عنّي ، وما ليس بمكنتي إخفاؤه ، حتى إنْ لم أدوّنه في مذكراتي هذه ، التي أتعجب من العرب ، الذين يعتقدون بأنهم وقتما يرجعون إلى المذكرات التي خطّها الرؤساء الأمريكيون السابقون ، سيقفون على سرٍّ أوسبق مهم ، يتعلق بسياسة ومخططات حكوماتهم واستخباراتهم تجاه المنطقة العربية ، قد يكون فيه مصلحة للشعب العربي ، فحتى في البرامج السياسية والإخبارية ، التي تقدمها وسائل الإعلام العربية الرسمية والخاصة ، يأتي من الضيوف من يستند عادة في أقاويله وتنظيراته ، إلى رؤى ومقولاتٍ لرؤساء وساسة ومفكرين أمريكيين ، لكأنّه يظنُّ بأننا من الشفافية بمكان ، حتى نرمي بها على الأرصفة ، فهذه المذكرات و إنْ بدت في ظاهرها ، تحمل أجنداتٍ وأفكاراً مسؤولة ، من شأنها أنْ تخدمَ صالح المنطقة والعالم ككل ، إلا أنها كـُتبت بأقلام رؤساء صاروا مجرد مواطنين عاديين ، ليس لهم في السياسة شيء ، سوى التظاهر والشجب ، بدليل أنّ القارئ لها ، يجد أنّ كاتبيها يحمّلون (إسرائيل) وزر الاحتقان والتشنج ، اللذين تمرُّ بهما المنطقة ويكيلون السُّباب والشتائم لساستها المجرمين ، وهم الذين كانوا يصفونهم برجالات السلام ، كل ذلك ، بعد مغادرتهم مكتب الرئاسة في البيت الأبيض ، الذي أضحى أسود في عيون شعوب العالم قاطبة .
على أية حال ، ها هي الأيام تمضي حثيثاً نحو شهر نوفمبرمن العام الجاري ، الذي ستنتهي بحلوله ، فترة رئاستي الثانية والأخيرة ، من دون أنْ أحقـّق فيها شيئاً واحداً يحسب ليّ ، ويسطـّره الشعب العربي في أخر مذكراتي ، التي خططتها في الحقيقة ، بدماء العرب والمسلمين ، قبل أنْ أرحلَ عن البيت الأبيض ، وأعود إلى بيت العائلة بمزرعة (تكساس) .

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية