الخميس، 3 فبراير 2011

النصر علامة الثورة المُسجلة

بدايةً يتعذر عليّ، أن أقلل من شأن ما يقوم به الشباب المصري في ميدان التحرير، إلا أنني مع ذلك، سوف لن يتعذر عليّ، أنْ أخلع عمّا يقومون به، صفة الثورة، في حين، أنني لا أستطيع أنْ أنزع عنهم نعت الثوار، فما يقوم به الشباب هناك، هو نوع من التعبير الشعبي تحت رعاية النظام، ولو كان رغماً عن أنفه، لأنه في الأصل ـ وكما يدّعي ـ لا يمانع من ممارسة هذا النشاط، وأنّ سبب قلقه منها، هو أنْ تكون شرارة للثورة الكبرى، فالثورة في مفهومها التاريخي والسياسي، هي الهبّة الشعبية، التي يتنادى إليها أطياف الشعب جميعاً، وتكون مثل كرة الثلج، كلما تدحرجت، كلما كبر حجمها، لتلتصق بها ـ تحت تأثير شعاراتها ـ كل الجماهير المسحوقة والمسحولة من الأرياف والمدن المُهمشة والمُهشمة، سيراً صوب مركز السلطة والسيطرة، من ثم، على مفاصل الدولة، فبإسقاطها والاستيلاء عليها، يسقط النظام الحاكم، رغم حتفه، حتماً.

وآية ذلك، أنّ النظام، صار يدندن على مسألة الأغلبية، وما يشكله المتظاهرون في ميدان التحرير، من عدد نسبته ضئيلة من كل الشعب، فحتى إذا تعدى عددهم المليون نسمة، فإنه يظلّ قليلاً وقاصراً على تمثيل فئاته، وصار بعض القنوات المأجورة له، يتفنن بعدساته، كي يظهر هذا الميدان خالياً في وقت متأخر من الليل، أو أثناء قيام بعض من الشباب المتظاهر بالانشغال بتفريق البلطجية، عند المفارز والمستديرات الكبيرة "جزر الدوران"، فالميدان مهما تكدّس فيه الشباب، فمساحته تبقى محصورة، ولن تتسع لأكثر من قدرتها الاستيعابية، ورأينا كيف لجأت الحكومة المصرية، إلى تسليط الضور على كورنيش النيل، للنيل من الشباب المتظاهر في ميدان التحرير، وذلك بإظهار تجمع أكبر لموالي النظام، إذاً، إذا انساق الشباب إلى هذه الخدعة، وهي تحديد الأغلبية، عبر التعبير الشعبي، بالعصيان أو التظاهر أو الاعتصام، فإنّ كفة الميزان، ستؤل للحكومة، لا ريب في ذلك، لأنها أكثر تنظيماً وإمكانيات، وقدرة على التحشيد.

سيظلُّ هذا الميدان، ميدان التحرير، كما سمّاه "عبد الناصر" ولن يتحول إلى ميدان التغيير، إلا بهبّة شعبية كبيرة ، تتألف من مجاميع شرائح الشعب بأسره، عندما تتدحرج الكرة، وتصبح في حجم، هو من الكبر، حتى يصعب ركلها، وتسيطر بذلك، على الميادين كلها، خصوصاً بعد ما جاء في نص بيان الرئيس المصري الثاني، الذي ورد فيه وعده، بانتفاء تمديد سلطته ولا ترشيح نفسه، وهذا أمر مفروغ منه، لاسيما بعد أن تجاوز الثانية والثمانين من عمره، وانخفاض أسهمه نتيجة هذه الانتفاضة المحدودة، لكنه على الرغم من وعده بتعديل مادتين من الدستور المصري، الذي وضعه ضباط الثورة، وإشغاله للرأي العام المصري، بالمادة "88" المتعلقة بالإشراف القضائي على الانتخابات، لتشتيت وصرف الناس على مطلب أهم، فقد راوغ ولم يصدر منه وعد رسمي، بانتفاء التوريث، غير ما وعد به الرئيس اليمني شعبه: "لا للتمديد.. لا للتوريث".

أخوف ما أخافه، هو أن توأد هذه الثورة، ويستمر صبّ قنابل "المولتوف" الحارقة، على بذرتها في ميدان التحرير، فيا شعب مصر، نحن في انتظارالثورة، فإذا هزمتم، فمعنى ذلك إنكم لم تصلوا بعد إلى مرحلة الثورة، فالثورة لا ينتصر عليها، والنصر علامة مسجلة باسمها.