الخميس، 11 نوفمبر 2010

عربيّ أنا .. ليبيّ أنا .. وطنيّ أنا



والعنوان معطوفُ على (مسلمٌ أنا وثوريٌّ أنا) لا أخاف أحداً أنا، إلا ربي أنا، ولا يعنيني أحدٌ أنا، إلا وطني أنا. (6 مرات)
مسلمٌ، وفي ديني الثورة أنا، أستاذي وقدوتي رسولي الثائر، على الجهل والكفر أنا، فأنا أنا، ولست سوى نفسي أنا، أحبُّ شعبي أنا، أخشى على وطني أنا، أتشرف بصُحبة أبناء وطني أنا، أغار على حرائر بلادي أنا، هكذا أنا، فلا تعيروني بقولتي: "أنا". (11 مرة)
فلن أسألـُني: من أكون أنا؟ ولا أستعلي عليكم أنا، فلست ملكاً، يتحدث إليكم من برج عاجي أنا، إلا أني، ملكُ نفسي أنا، أعشق وطني، بطريقتي أنا، لست تقليدياً في حبه أنا، ولا نمطياً أنا، فليّ مزاجٌ في عشق بناته أنا، لا أنتهك حرمات حرماته أنا، هكذا أنا. (10 مرات)
أكتب لقرائي بالمجان أنا، وإنْ كتبت عن وطني أنا، فلست أرتجي منكم شيئاً أنا، إلا أنْ تدعوا لوالديّ بالخير، فهكذا عرفت منهما الوطنية أنا، كيف يجب أن تكون، توارثنا الثورة على الباطل ومحبة الوطن، من زمن كان وكنا فيه أحراراً، فنحن إلى بيت النبؤة ننتسب، وإلى الحسن، شقيق الشهيد المُفدَّى، رضي الله عنهما نرتجع، وصلى الله على جدِّهما وصحبه أجمعين. (4 مرات)
بركاويّ المولد والسكن أنا، نصراويّ النادي أنا، من صميم بنغازي أنا، البركة من بركتنا نحن، أسيادي هم النجوم الدُّريّة: العيساوي وداوود وعبد الجليل وبومدين واقنيبر؛ حصّنوني من كيد الظّلام، ونفحوني بتقواهم أنا، تغنى بحيـّنا "محمد السليني" عشِقنا، وهو القاطن في طرابلس، وصلته أنفاس بركتنا الطيبة، فارتحل إلينا يعلن حبه على الأسماع، وحجّب علينا من الحسّاد (يا عين يا عين بين البركة وسيدي حسين). (4 مرات)
تعرفني شوارع المدينة، وتحفظ بصمات خطواتي على أديمها الطاهر، كتبت على جدران بيوتها المُتهالكة - في شارع العقيب المُفضي إلى سوق الحوت بميدانه الرحيب، وشارع النصارى فياتورينو الضيّق الكئيب (ابريكته)، وشارع أخوالي أقزير، الذي يدفعك مباشرة إلى كورنيش الشابي، الذي أجد فيه ما تبقى من خيّرة أبناء بنغازي - حروف نوتات دندناتي، وكم من مرة، استمعت إلى عبارات الإطراء بشدوي من بناتها من خلال نوافذهن العتيقة، ومع أنني، كنت أغني بصوت مرتفع، إلا أنه، لم تجرحني واحدة منهن، بكلمة مجنووووووون، بل يهتفنّ ليّ، وكأنني نجمٌ للغناء: (الله الله عليك .. صوتك ايهبل يا شبوب) لكني لا أرفع رأسي إليهن، وأمضي إلى حال سبيلي، بعد ان أهمس في نفسي ولنفسي: مجنونٌ انا.
سؤال أوجّهه إلى من يُحرّم الغناء: لماذا إذا استمعنا إلى صوت جميل، ننبري بذكر الله، طالما أنّ الغناء حرامٌ ؟.
لطالما اشتمّمت روائح عطورها وأطعمتها، من خلال أبوابها المُتعِرجة، المسكونة بالآصالة والألفة والطيبة، لا أستطيق مغادرة بنغازي ولا ليبيا أبداً، فأظنني الوحيد، الذي لم يفارقهما إلى الخارج يوماً، لأنني أعلم، لو أنني خرجت منهما، فسوف لن أعود إليهما أبداً، لكوني أحبهما. (مرة واحدة)
رجعيٌّ المبادئ أنا، فلا أحلـّل الحرام، ولا أحرّم المباح أنا، سيتبرم الكثيرون، لو أني قلت: "ولد بلاد أنا" لا أرضى بالإهانة، أتحصّن بقولة والدي: (خزي ع اللي ما يحمل الشينة، وخزي ع اللي ينساها) أسمعني إياها منذ كنت طالباً مستمعاً في مدرسته (في الخامسة من عمريّ) ربّاني على أنْ أكون معتزّاً بنفسي - ولا أذلـّلها حتى لأجل المصلحة - وأغترّ بها، على الذي يريد أنْ (...). (5 مرات)
أبي لم يطردني من بيته، لأني لا أعمل، ولم ينعتني بالفشل والكسل، كما يفعل أباء آخرون بأولادهم وبناتهم، دلـّلني بالحنان، ولم يغرقني بالأموال، ذات مرة كنت أبحث عن عمل، فأوصاني ناهراً: "لا تعمل كناساً في دولة نفطية، تقدر على استيراد المنظفين، ومواد التنظيف من الخارج".
وأردف: "إياك أنْ تقبل بالمذلة يا بني، فهيهات هيهات منا الذلة".
وعلّـل ذلك، بسؤال إنكاريّ: "هل حاسبتك على أكلك وشربك وملبسك يوماً؟".
ونصحني بإيمان وطنيّ: "العمل والرزق كله نصيب يا بُني، فمهما اشتدت المحن اصبر وتجلـّد بالصبر". (و لا مرة)
نعم قالها ليّ بلسان عربي فصيح، فقد خدم التعليم لمدة تجاوزت الخمس وأربعين سنة، وحينما تقاعد إجبارياً، منحوه بذلة عربية، بازيلية اللون، صُـنِعت في مصنع (رأس أعبيدة) في حين، أهداه تلامذته أربعين بذلة بيضاء، جيء بها من الأراضي المقدسة، فاحتفظ باثنتين منها، ووهب جيرانه من المصلين الأخريات، لكنه لم يقعد، كما القعود من النساء في بيوتهن، بل استمر على عادته اليومية، ينهض باكراً ويذهب إلى المدرسة بالمجان، ولما وافته المنية، لم تتكرم نقابة التعليم، حتى بنشر التعزية له في صحيفة " أخبار بنغازي " لأنه رجعيّ الحبّ، ومرجعيته الله ورسوله. (و لا مرة)
حسبي الله ونعم الوكيل، وحسبي إطراء لذاتي، فلن أحكي لكم، عن جدّي أنا ولا عن عمّي أنا – فسوف لن يسامحاني على ذكري لهما - فيكفيني من أكون أنا: مسلمٌ أنا، عربيٌّ أنا، وطنيٌّ أنا، ثوريٌّ أنا، رجعيٌّ أنا، أفخر بنفسي أنا. (9 مرات)
إلا أنّ، ليّ سيئةً واحدة في حياتي، لن أغفرها لذاتي، وهيّ أنني جاملت مرةً، الكاتب الراحل حمد المسماري، رحمه الله، في دعوته إليّ، للمشاركة بالكتابة في سخيفتي (عورينا وعويا) فلم أعطِهم إلا مقالاتي الفنية، التي كتبتها بترانيم عشقي للوطن، غير أنّ ما يُرجّع إليّ ثقتي بنفسي، أنني لم استلم مكافأتي منهما، التي أعتقدها، قد ذهبت لسداد فواتير المُسكِرات والمُكسَّرات، التي تصيّرت إلى مستحلبٍ في فروج العاهرات، من بنات وطني، اللائي ولِدن وكـُنّ في يوم ما شريفاتٍ، ولن أسامحهما في ذلك، من دون أنْ أطالب بها، فسوف يحاسبني وطني ورجاله الخـُلـّص، لأنني - من دون أنْ أدري- موّلت (...) لانتهاك الحُرمات، لكن ما العمل ؟ فأنا من طبعي وتربيتي، لا أقف على أعتاب وأبواب المُدراء. (مرة واحدة)
ختاماً:
أذلُّ نفسي لله، متذكراً وذاكراً إياه، ألف مرة، ومتعوذاً به من كلمة (أنا) إحدى وخمسين مرة، قائلاً: "ليس الفتى من قال كان أبي، لكنّ الفتى من قال ها أنا ذا". (مرتان فقط)
أقول ذلك، وأستغفر الله ليّ ولكم، ولكل من يقول (أنا فقط أنا، ومن بعدي الطوفان أنا) من الكتّاب المُدّعي الوطنية.
الـ (أنا) الثلاث الأخيرات، غير محسوبات عليّ، فهي ليست من الـ (أنا) خاصتي، أما الـ (51) الأوليات، فأهديها إلى الوطن، هذا إنْ لم أخطئ في عدّ كلمة (أنا).

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية